الفرق بين العين والسحر
الفرق بين العين والسحر
كل ما يحصل في هذه الأرض من ابتلاءاتٍ ونِعم تكون بإذن الله، فمن أصابته مصيبة وعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب، هَدى الله قلبه وعوضه عما فاته من الدنيا؛ لقول الله -تعالى-: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
حقيقة السحر
- السحر لغةً: هو الأخذة وصرف الشيء عن حقيقته، والسحر الخديعة، ويأتي بمعنى الغذاء، قال الجوهري: "السحر الأخذة وكل ما لَطُفَ مأخذه ودق فهو سحر".
- السحر في الاصطلاح الشرعي: أما السحر شرعًا فهو كما عرّفه الجصاص -رحمه الله-: "كل أمر خفيٌ سببه، وتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع"، ومعنى هذا أنه يُخيّل للمرء شيء بخلاف ما هو في عينه وحقيقته.
وقد ثَبت في السنة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سُحِر، والدليل حديث عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سُحِرَ، حتَّى كانَ يَرَى أنَّه يَأْتي النِّسَاءَ ولَا يَأْتِيهِنَّ).
حقيقة العين
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله‐: "والعين نظرٌ باستحسانٍ مَشوبٍ بحسد، من خبيث الطبع، يحصل للمنظور منه ضرر"، وأصلُ العين من الحسد، فالحاسد تتصف نفسه بالخُبث، فتؤثر في المحسود بطريقتين:
- الطريقة الأولى: قوة النفس الذاتية، بحيث يتمكن الخبث في النفس فلا تجد في نفس الحاسد طيبًا، فيتأثر المحسود سواء كان غائبًا أم حاضرًا.
- الطريقة الثانية: فهي طريقة العائن، والعائن هو الذي ينظر بعينه، فلا بُدّ للعائن أن يرى المعيون، فهو لا يستطيع أن يحسد من غاب عنه.
والعين حق كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والدليل: (مرّ عامر بن ربيعةَ على سهل بن حنيفٍ وهو يغتسلُ فقال لم ارَ كاليوم ولا جلدٍ محيّاةٍ فما لبثَ أن لبطَ بهِ فأُتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهُ أدركْ سهلا صريعًا فقال من يتّهمونَ بهِ ؟ قالوا : عامرُ بن ربيعة . فقال : علامَ يقتلُ أحدكم أخاهُ ؟ إذا رأى ما يعجبهُ فليدعُ بالبركةِ . وأمره أن يتوضأَ ويغسلُ وجههُ ويديهِ ومرفقيهِ وركبتيهِ ، وداخلةَ إزارهِ ، ويصب الماءَ عليهِ . قال الزهريّ : ويكفأ الإناءَ من خلفهِ).
كيفية التخلص من العين والسحر
الله -سبحانه وتعالى- ذكر الحسد والسحر في القرآن الكريم، قال الله -عز وجل-: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾،وقوله -تعالى-: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾،فالحسد والسحر مختلفان في المعنى.
إلا أنهما يتشابهان في بعض الأعراض وتأثيرها على المعيون أو المسحور، والتخلص منهما يكون بالرقية الشرعية وهي العُوذة التي يتعوذ ويُرقى بها صاحب الآفة، والنوع الجائز بل والمستحب منها، ما كان بكلام الله تعالى، وبأسمائه وصفاته، فكلام الله تعالى شفاء لنا، لقوله -جلّ وعلا-: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾.
وعلى الإنسان المُبتلى أن يرقي نفسه بنفسه أولًا، وذلك بقراءة آيات الحسد والسحر في القرآن، كما يجب أن يُحصّن نفسه بأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، والدعاء والإقبال على العبادات بأنواعها، ولا يجب أن يُعلّق الإنسان كل ما يحصل في حياته على شمّاعةِ السحر والعين، وينبغي على الحاسد أن يجاهد نفسه، فيتمنى الخير لنفسه وللآخرين، ويدعو لهم بالبركة.