الفرق بين العفو والمغفرة
الفرق بين المغفرة والعفو
الفرق بين العفو والمغفرة هو أنّ العفو يكون معناه عامّاً؛ حيث يسقط العافي حقّه عن المعفو عنه ولا يطالب بإيقاع العقوبة عليه، بينما تكون المغفرة أخصّ؛ حيث في المغفرة يسامح الإنسان ويستر ذنب من أخطأ في حقه مع نسيانه ومحو أثره.
قال تعالى: (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، فالعفو يكون ابتداءً حينما يطلق الإنسان سراح من عفى عنه، والمغفرة تأتي تالياً حينما ينسى خطأه بمحو أثره في قلبه وصفحه عنه، لذلك فعفو الله تعالى يعني إسقاط العقاب واللوم، مع عدم ترتيب الثواب بالضرورة؛ أما المغفرة فتتضمن إسقاط العقاب وترتيب الثواب.
العفو والمغفرة
يمنّ الله سبحانه تعالى على عباده بكثيرٍ من النّعم؛ ومن بين تلك النعم أنّه سبحانه وتعالى يعفو عن عباده ويغفر لهم ذنوبهم، فهو أهل لذلك لختصاصه سبحانه وتعالى بتلك الصّفات والأسماء العليا، فهو العفوّ وهو الغفور تقدّست أسماؤه.
إنّ العفو والمغفرة من الأخلاق الكريمة والقيم النّبيلة التي تجمّل أخلاق النّاس وتكّملها، وقد وردت العديد من الآيات الكريمة التي تحض على المغفرة والعفو، والتي تحث الإنسان على التحلي بهما، وفيما يأتي بيان لهاتين الصفتين.
العفو
ذكر الله سبحانه وتعالى كلمة العفو منفردة في عددٍ من آيات القرآن الكريم؛ فلفظ العفو ذكر على سبيل المثال في قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، وفي قوله تعالى: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
العفو هنا يكون خلقاً من الأخلاق الكريمة التي حث عليها الإسلام، حيث يلجأ إليه المسلم عندما يتعرّض للسّوء أو الأذى من غيره فلا يقابل الإساءة بالإساءة، وإنّما يقابل الإساءة بالعفو والإحسان.
فالعفو هو مجاوزة الإساءة مع بقاء أثرها؛ بمعنى أنّه قد يقول الإنسان لآخر اذهب فقد عفوت عنك بشكلٍ عام أي بدون أن يمحي أثر الإساءة في قلبه، وهذا الأمر يحدث كثيرًا في حالات القتل إذ قد يعفو الإنسان عن قاتل قريبه ويبقى أثر تلك الجريمة في قلبه.
أي أن عفو الله تعالى عن عباده يتضمن إسقاط حقّه والعفو عنه؛ حيث يعفو الله تعالى عن الذّنوب بدون أن يقبل على من عفى عنه بالضّرورة، أو يرضى عنه، أو يرتب الثواب والجزاء له.
المغفرة
ذكرت كلمة المغفرة منفردة في آياتٍ وقُرنت في مواضع أخرى؛ فقد جاءت المغفرة في آيات القرآن الكريم منفردة في قوله تعالى: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ)، وقد جاءت هذه الآية الكريمة في حقّ أحد الأنبياء الكرام، وهو سيدنا داوود -عليه السلام- وقد غفر الله له ذنبه، وتضمّنت المغفرة هنا ستر الذّنب والصّفح عنه مع إقبال الله على من استغفره.