الفرق بين الشعر في العصر الجاهلي والاسلامي
الفرق من حيث الأغراض الشعرية والموضوعات
تميز الشعر الجاهلي بأغراضه الشعرية المتعددة، مثل: الوصف والغزل والهجاء المقذع والمدح والرثاء ، أمّا في الشعر الإسلامي فتضمن أيضًا هذه الأغراض الشعرية، ولكن وفقًا لتعاليم الدين، واهتم الشعراء بحفظ القرآن الكريم، مما أثر على قصائدهم، فتطورت الأغراض وتنوعت.
بالإضافة إلى أنّ تميز شعر صدر الإسلام في شيوع الصدق، فقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "إنّما الشعر كلام مؤلف، فما وافق الحق فهو حسن وما لم يُوافق الحق منه فلا خير فيه"، ويشير بعض الباحثين إلى أنّ الشعر الإسلامي تميز أيضًا بالرقة والوضوح اللغة المهذبة.
أما عن الشعر الجاهلي، فكان شعرًا فاحشًا ووحشيًا في كثير من الأحيان، يقول الثعلبي في "يتيمة الدهر" عن الشعر الإسلامي: "كانت أشعار الإسلاميين أرق من أشعار الجاهليين"، وهذا ما أكده الدكتور شوقي ضيف حين قال: "أنّه هذب اللغة من الحوشية ومن اللفظ الغريب، فأقامها على هذا الأسلوب المعجز من البيان والبلاغة".
الفرق من حيث الشعراء
عُرف الكثير من الشعراء الجاهليين ، والذين ما زالت قصائدهم تُردد إلى الآن، ومن أبرز هؤلاء الشعراء، والذين يُعتبرون من الفحول، هُم: امرئ القيس، علقمة بن عبدة، النابغة الذبياني، زهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وطرفة بن العبد، وهناك من الشعراء الذين أدركوا الجاهلية وعاشوا في العصر الإسلامي، ويُعرفون بالمخضرمين، مثل: لبيد بن ربيعة، وحسان بن ثابت.
عندما جاء الإسلام شُغل الناس بالدين الجديد وتعالميه، مما أدى إلى تراجع دور الشعر والشعراء، ولكن هذا لا يمنع ظهور نخبة ممن قالوا الشعر وفقًا للحياة الجديدة، خاصةً شعر الفتوح والمعارك، ومنهم: الأسود بن قطبة التميمي، القعقاع بن عمرو، وغيرهم.
الفرق من حيث المصادر
شاع المعجم القرآني في شعر الإسلاميّن بالإضافة إلى العديد من الكهان، والقيم التي بثها الإسلام، أما عن الشعر الجاهلي فلم يكن يبث من عقيدة إنّما من عادات وتقاليد مجتمعية وضعها البشر بعضها صحيح وبعض منها الآخر خاطئ، ولكن لا يُنكر أنّ الشعر الجاهلي قد اشتمل على العديد من القيم والصفات الحميدة التي كانت موجودةً عند الجاهلين قديمًا، مثل: الشجاعة، الكرم، الوفاء، إكرام الضيف وغيرها.
استمدت مواضيع الشعر من المصدر الأول للتشريع الإسلامي وهو القرآن الكريم لما فيه من معانٍ وأساليب ومعارف، وما له من خصائصَ فنية وبلاغية وفرائد إعجازية، وأما عن المصدر الثاني فهو المصدر الثاني في التشريع الإسلامي الحديث النَّبوي الشَّريف؛ مما أُثِر عن النَّبي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قولٍ أو فعل.
ولم يتجاوز الشعر الإسلامي الحدود الإسلامية والأخلاقية كما في الشعر الجاهلي ؛ إذ إن الشعر الجاهلي استمد مصدره من عادات وتقاليد جاهلية، ويُضاف إلى هذين المصدرين أيضًا الشِّعر الجاهلي وما فيه من معانٍ جميلة وعباراتٍ قويَّة، ومعه الأدب الأجنبي الَّذي وصل من الفرس في الشَّرق والرُّومان في الغرب بفعل الاختلاط بين تلك الثَّقافات، الَّتي ولَّدت مصادر جديدةً للأدب.