الفرق بين الترتيب والموالاة
الفرق بين الترتيب والموالاة
الترتيب والموالاة من الأحكام التي تختص بالعبادات البدنية في حياة المسلم سواءً كان ذلك في الوضوء أو الصلاة أو في الحج، ويُقصد بالترتيب: الإتيان بأركان الوضوء أو الصلاة أو الحج ركناً بعد ركن كما ورد ترتيبها في كتاب الله -تعالى- أو في سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ويُقصد بالموالاة: التتابع والتعاقيب بين الأركان من غير انقطاعٍ في الزمن بينها، كمن يؤدي العمرة فيؤدي الطواف في وقت الظهيرة، ويؤدي السعي عند مغيب الشمس وهكذا.
الترتيب في الوضوء
يُعرَّف بأنه الإتيان بأركان الوضوء عضو بعد عضو بالترتيب؛ ابتداءً بالنيَّة، ثم غسل الوجه، ثم غسل اليدين إلى المرفقين، ثم مسح الرأس، ثم غسل القدمين إلى الكعبين، وذلك لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
وقد استدلَّ الفقهاء من خلال هذه الآية على الترتيب بين أركان الوضوء ؛ لكن تعددت آرائهم في وجوب وسنية الترتيب في الوضوء؛ على النحو التالي:
- مذهب الحنفية والمالكية
ذهب الأحناف والمالكية إلى القول بسنيَّة الترتيب بين أركان الوضوء؛ فقالوا إن الله -تعالى- أراد من مقصد الآية غسل الأعضاء فإذا تحقق غسل الأعضاء صح الوضوء وقالوا بأنَّ الواو هنا لا تفيد الترتيب بين أركان الوضوء.
واستدلوا بذلك بحديث ضعيف حيث ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (توضأ فغسل وجهه ثم يديه ثم رجليه، ثم مسح رأسه)، وقاسوا ذلك على غُسل الجنابة حيث أن الترتيب لا يشترط في غُسل الجنابة.
- مذهب الشافعية والحنابلة
ذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بوجوب الترتيب بين أركان الوضوء، واعتبروه الرُّكن السادس في أركان الوضوء؛ وذلك لأنَّ سياق الآية في ذكرها الأعضاء متتالية يدلُّ على الترتيب.
وكذلك واو العطف فإنَّ الواو هنا أيضاً أفادت العطف فأركان الوضوء معطوفة على بعضها البعض أي مرتَّبة، ولأنَّ جميع الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة وضوء الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إنما ذكرت وضوءه مرتباً كما في الآية فدلَّ ذلك على الوجوب.
الموالاة في الوضوء
تُعرَّفُ بأنها المواصلة في غسل أعضاء الوضوء بالتتابع؛ من دون انقطاع في الزمن بين العضو والآخر؛ بحيث ألا ينشغل المتوضئ عن شيء خارج عن ماهية أفعال الوضوء يؤدي إلى انصرافه عن الوضوء، وقد تعددت آراء أهل العلم من فقهاء المذاهب الأربعة على حُكم الموالاة كما يأتي:
- مذهب الحنفية والشافعية
ذهب الأحناف والشافعية أإلى القول: إن الموالاة في الوضوء سنةٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وبه قال ابن عمر -رضي الله عنهما-، وسعيد بن المسيب والثوري، والحسن البصري.
- مذهب المالكية والحنابلة
ذهب الإمام مالك وأحمد إلى القول: إن الموالاة في الوضوء واجبة؛ وبه قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، والإمام الأوزاعي.