العوامل المؤثرة على درجة الانصهار
العوامل المؤثرة على درجة الانصهار
مع زيادة درجة الحرارة على المادة السّائلة لدرجة محددة، تبدأ درجة حرارة السّائل نفسه بالارتفاع مجددًا، ومن الجدير بالذكر اختلاف درجة الانصهار من مادةٍ إلى أخرى، لتأثّرها بالعديد من العوامل، ومنها ما يأتي:
الضغط الجوي
يُعد الضغط الجوي من العوامل المؤثرة في درجة الانصهار ، فكلما زاد الضغط المطبق على مادة ما، أدى هذا إلى انخفاض درجة انصهارها، وبشكل أوضح، تنصهر المادة بسرعة وسهولة أكبر كلما زاد الضغط المطبق عليها.
قوى التجاذب بين الجزيئات
تُعد قوى التجاذب بين الجزيئات من العوامل المؤثرة على درجات الانصهار، إذ كلما ازدادت قوى التجاذب، ازدادت درجة الانصهار اللازمة لتكسير الروابط فيما بينها، وبصورة عامة، فإنّ المركبات الأيونية تمتاز بدرجات انصهار عالية.
يعود ذلك إلى القوى الإلكتروستاتيكية التي تربط بين الأيونات القوية، كما أنّ المركبات العضوية التي ترتبط مع بعضها البعض بقوى قطبية، خاصةً ارتباطها مع الهيدروجين، لها درجات انصهار عالية، إذ إنّ درجات انصهار المواد القطبية أعلى منها في المواد التي ترتبط معًا بروابط غير قطبية عندما تكون ذات أحجام متماثلة.
على سبيل المثال؛ تبلغ درجة انصهار مركب أحادي كلوريد اليود، والذي يُعد إحدى المركبات القطبية نحو 27 درجةً مئويةً، بينما تبلغ درجة انصهار البروم الذي يُعد من المواد غير القطبية نحو -7.2 درجة مئوية.
شكل الجزيئات وحجمها
يكون للمادة درجة انصهار أعلى كلما كانت الجزيئات محكمة الترابط معًا، وعندما تكون الفراغات فيما بينها صغيرة، فعلى سبيل المثال؛ تُعد درجة انصهار جزيئات النيوبنتان المتناظرة ذات درجة انصهار أعلى من الأيزوبنتان، إذ تكون الفراغات بينها أكبر.
كما يُؤثر حجم الجزيئات أيضًا على درجة الانصهار، إذ تنصهر الجزيئات ذات الحجم الأصغر في درجات حرارة أقل من الجزيئات ذات الحجم الأكبر، فعلى سبيل المثال؛ تنصهر جزيئات الإيثانول على درجة حرارة -114.1 درجة مئوية، بينما تنصهر جزيئات السليلوز الإيثيلي الأكبر حجمًا على درجة حرارة 151 درجة مئوية.
إذ إنّ الجزيئات كبيرة الحجم تتكون من العديد من الذرات اللافلزية التي ترتبط مع الذرات المجاورة لها بروابط تساهمية؛ كالماس، والسيليكا، والجرافيت، التي لديها درجات انصهار عالية؛ لأنّها تحتاج إلى كسر روابطها التساهمية القوية قبل انصهارها.
نقاء المادة
عندما تتكون المادة من عنصر واحد فقط، فإنّ عملية الانصهار تتم بطريقة متجانسة للغاية، ولكن الأمر يكون مختلفًا إذا كانت المادة تتكون من عدة عناصر مختلفة، ويكون لكل عنصر من تلك العناصر درجة حرارة انصهار مختلفة.
هذا الأمر الذي يجعل عملية الانصهار غير متجانسة، حتى إنّ العلماء استطاعوا أن يعتمدوا على تلك المعلومات في عملية معرفة نقاء المادة، فإذا انصهرت المادة عند درجة حرارة محددة، فإنّها تُصبح نقيةً للغاية، ولكن إذا انصهرت عند درجات حرارة مختلفة، فإنّ تلك المادة تتكون من خليط كبير من المواد.
وجود الشوائب في المادة
تنصهر المواد الصلبة التي تحتوي على شوائب في درجات حرارة منخفضة، وعلى نطاق درجات حرارة أوسع، والتي تُعرف باسم نقطة انخفاض درجة الانصهار، أما في المواد الصلبة النقية، فيكون نطاق درجات الحرارة أضيق، إذ يتراوح بين 1-2 درجة مئوية.
يُطلَق على هذا النطاق اسم درجات الانصهار الحادة، ويُسبب وجود الشوائب عيوبًا في هيكلة تلك الجزيئات، والتي تجعل من السهل التغلب على قوى الترابط فيما بينها، وتُعد نقطة الانصهار الحادة دليلًا على نقاء العينة إلى حدّ ما.
أما نطاق درجات الانصهار الواسعة، فيُعد دليلًا على وجود الشوائب في المادة، فعلى سبيل المثال، تحتوي البلورات العضوية النقية على جزيئات موحدة ولا تحتوي على فراغات، إلا أنّ تلك البلورات تكون غير نقية عندما تكون موجودةً في خليط مكوّن من جزيئين عضويين مختلفين.
ذلك لأنّها لا تتوافق جيدًا مع بعضها البعض، وبالتالي فإنّ المواد النقية تحتاج غلى درجات حرارة أعلى للانصهار منها في المواد غير النقية.