العنصرية ضد السود: متى بدأت؟ وما حيثياتها؟
العنصرية ضد السود: متى بدأت؟ وما حيثياتها؟
انتشرت العنصرية ضد السود بأوقات مُتفرقة عبر التاريخ، ولكن كان لها بداية قوية خلال العصور الوسطى ، وانتهت قبل عدة عقود، وكان لهذه النهاية بعض النتائج والحيثيات الظاهرة التي نراها في يومنا هذا.
بداية العنصرية ضد السود
تعني العنصرية الاعتقادات الشائعة بأنَّ عِرق الإنسان وأصوله هي المُحددة لقدراته وسماته القيادية والأساسية الأخرى، وتؤدي هذه العنصرية لتشكيل هرم تسلسلي يُخلد تفوق عِرق على غيره من العروق، وهنالك أجناس أعلى من الأجناس الأخرى، وهذا ما سُمي بالاضطهاد العِرقي، وعلى مر تاريخ البشر اضطُهدت عرقية وكانت أدنى من غيرها اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، أبرزها سود البشرة.
وجدت العنصرية منذ العصور القديمة، وكانت تطغى على المجتمعات كمجموعات عرقية أو تاريخية تعتقد أنها ورثت الحقوق السامية التي تجعلها في أعلى الهرم، أما عن العنصرية ضد السود فكان يُطلق عليهم لفظ العبيد، وقد ذكروا في الكُتب المُقدسة القديمة، وفي المُجتمعات المصرية واليونانية والرومانية.
العنصرية ضد السود كنظام عالمي
خلال أعوام 1550-1600 استُخدم لفظ الأبيض لوصف طبقة النخبة من السيدات الإنجليزيات، وفي عام 1613م تمحور هذا اللفظ ليُصبح أكثر شمولًا ويُقصد به تفوق العرق الأبيض على الهنود الشرقيين عند احتلال بلادهم من قبل البريطانيين.
شهدت فترة منتصف القرن السابع عشر الميلادي اختلافاً كبيراً في لفظ الأبيض، واستخدمه المستعمرون للإشارة لمن يشبههم، وأصبح هنالك ثلاثة تصنيفات للعرق هي: الأبيض لوصف الرجال، والمتوحش لوصف الهندي الأحمر، وغير البشر لوصف الأفارقة والسود، وأد هذا لاستعباد سود البشرية بشكل نظامي من قبل بيض البشرية.
العنصرية ضد السود في بريطانيا وأوروبا
ازدهرت العديد من الحضارات قديمًا في قارة أفريقيا ، فتشكلت مملكة غانا عام 400 م، وكانت من الممالك الضخمة، وقد حكمها سود البشرة، وفي عام 784م أسس دوغو مملكته والتي كانت تضم مُعظم تشاد الحالية، وتأسست مملكة الكونغو القوية عام 1350م، ولكن هذه القوى اصطدمت بالطموح البريطاني والأوروبي الاستعماري في السنوات التالية.
بدأت تجارة الرقيق بشكل رسمي عام 1562م عندما قاد الإنجليزي جون هوكينز رحلة يشتري بها الرقيق من الساحل الغربي لإفريقيا، وفي سنوات قصيرة أصبحت بريطانيا أكبر تاجرة رقيق في العالم، وكرست القوانين لتعالي العِرق الأبيض على الأسود، ونقلت ما يُقارب من 13 مليون إفريقي لأراضيها ومُستعمراتها ليعملوا كعبيد.
حاولت الملكة إليزابيث الأولى جهدًا كبيرًا لإزالة السود من مملكتها بعد انتصارها على مملكة إسبانيا ، وكان هذا قرابة عام 1589م، وفي أوائل القرن السابع عشر بدأت حملة اختطاف العبيد الأفارقة لنقلهم لمستعمرات إنجلترا في أمريكا الشمالية، وأول الأعمال كان باختطاف 20 إفريقيًا ونقلهم سرًا لتلك الأراضي.
بدأ العمل المُخطط والأكثر دموية بتاريخ بريطانيا تجاه السود عام 1672م، حينما منحت بريطانيا ميثاقاً حصرياً لشركة (رويال أفريكان) يسمح لها بنقل العبيد لكلتا الأمريكيتين، وبعد حوالي القرن بدأت حركات التحرر ضد العبودية بالظهور في المُستعمرات البريطانية، وأجبر الأفارقة حاكم جامايكا البريطاني إدوارد تريلاوني على اتفاق سلام يمنح الأفارقة حريتهم، ويسمح لهم بإعادة الأفارقة الهاربين لديارهم.
العنصرية ضد السود في أمريكا الشمالية
تلبية لاحتياجات المُستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، تحول نشاط العبودية لتلك الأراضي في بداية القرن السابع عشر، وبدأت عام 1619م بنقل الأفارقة المخطوفين من بريطانيا لفرجينيا في الولايات المُتحدة الأمريكية، ثُم انتشرت العبودية للسود بُسرعة كبيرة في مُستعمرات أمريكا.
وضَّح عدد من المؤرخين أن عدد العبيد السود في الأراضي الجديدة بلغ 6-7 ملايين من النساء والرجال في القرن الثامن عشر، وبعد الثورة الأمريكية على بريطانيا وانفصال غالبية مُستعمراتها، بدأت ظهور حركات اضطهاد العنصرية ضد السود، خاصةً في مُستعمرات الشمال التي لا تكترث بالزراعة كثيرًا.
ظهر قادة مثل توماس جيفرسون وجورج واشنطن قاموا بتحرير العبيد المالكين لهم، وحثوا الكثير من الشخصيات المُهمة المالكة للعبيد لاتباع خطاهم، فألغت غالبية ولايات الشمال الأمريكي تجارة العبيد والعبودية نفسها، أما الولايات الجنوبية رفضت هذه الخطوات، سبب اعتمادها على تجارة القطن والتبغ، التي تحتاج لعدد هائل من عمال المزارع والتي كان يوفرها السود.
ثار العديد من السود على هذه السياسات الجنوبية، ولعل أبرزها ثورة نات تورن عام 1831م، وبلغ عدد سود البشرية في الولايات الجنوبية أكثر من 4 ملايين شخص عام 1860م، وبعدها بعام اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية بين ولايات الشمال الرافضة للعبودية، وبين الجنوبيين الداعمين للعبودية، وانتهت بانتصار الشمال وتحرير الرقيق بشكل نهائي من كامل أراضي أمريكا الشمالية .
حيثيات العنصرية ضد السود
مرت الكثير من السنوات على توقف العبودية والعنصرية ضد السود، وبالرغم من ذلك بقيت العديد من التصرفات غير المفهومة ضد السود، وهنالك بعض إحصائيات التي تدعم هذه التصرفات، أبرزها:
- ظل الفقر هو الشائع ما بين سود البشرة، ففي أمريكا ما زالت 30% من عائلات السود يعيشون تحت خط الفقر.
- استلم العديد من السود مناصب عالمية كثيرة، وأصبح لهم حرية التحرك والعمل، ولكن تظهر الكثير من أفعال عدم المساواة والعنصرية ضد السود في المدارس والجامعات وغيرها من المؤسسات.