العبر المستفادة من حديث خيركم خيركم لأهله
العبر المستفادة من حديث (خيركم خيركم لأهله)
صحّ عن عائشة أم المؤمنين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خَيْرُكم خَيْرُكم لِأَهْلِه، وأَنا خَيْرُكم لِأَهْلي)، وفي رواية أخرى: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي، وإذا ماتَ صاحبُكُم فدَعوهُ)، وفي هذا الحديث دلالة واضحة على الإحسان إلى الأهل والأقارب، والتنبيه على عدم التعرض للميت بذكرٍ سيِّئ.
النبي هو القدوة العليا
لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أطيب الناس خلقاً، وأكثرهم لطفاً مع زوجاته وأهل بيته؛ فقد كان يطوف عليهن، ويتفقد أحوالهن، ويُعاشرهن بالمعروف، ويقسّم أيّامه بينهنّ في السفر والحضر، وفي الحِلّ والتّرحال، كما كان يقوم على وجه التمام بالوفاء نحوهن، ويحفظ ودّهن في حال حياتهن، وبعد مماتهن كما ذُكر عن وفائه لزوجته الطيبة خديجة أم المؤمنين -رضي الله عنها-.
وقد وثّقت العديد من الأحاديث لطفه معهن، ومداعبته لهن، والتودّد لهنّ وخدمتهن، وكان -صلى الله عليه وسلم- لا يُثقل عليهن؛ فيخدم نفسه، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويخصف نعله، ويساعد أهل بيته فيما قد يحتاجونه.
تحقيق الخيرية يكون بالإحسان
هذا الحديث يدلّ على محاسن الإسلام الجليلة؛ والتي ترشد المسلمين على أن يكونوا أصحاب فضلٍ وإحسان مع زوجاتهم وأولادهم وأهل بيتهم؛ مقتدين بالنبي -صلى الله عليه وسلم- صاحب الخيرية المطلقة، وصاحب الخلق الحسن مع كل الناس.
وقد حثّ الإسلام على حسن المعاملة بين الزوجين ؛ وأكّد على ضرورة حفظ المعروف بينهما، وقد دلّ على ذلك عدد من النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، نذكر منها:
- قوله -تبارك وتعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى).
- قوله -تبارك وتعالى-: (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ).
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها).
- ما جاء عن معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسولَ اللَّهِ ما حقُّ زوجِ أحدِنا عليهِ؟، قالَ: تطعِمُها إذا أكلتَ، وتكسوها إذا اكتسيْتَ، ولا تضرِبِ الوجهَ، ولا تقبِّحْ ولا تهجُر إلَّا في البيتِ).
كما أنّ إحسان الزوجين لبعضهما ينعكس إيجاباً على أبنائهما، وعلى حسن علاقتهم ببعضهم، ويحصّن كل واحدٍ منهما من الفِتَن المحيطة؛ والتي دمّرت البيوت والعلاقات، وكان السبب في ذلك جفاء كل زوجٍ تِجاه زوجته، والعكس أيضاً صحيح.
الذكر الحسن للميت
في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وإذا ماتَ صاحبُكُم فدَعوهُ)، دلالة على عدة معانٍ، منها:
- محاولة ترك كثرة التحسر على الميت.
- إنّ الله -تبارك وتعالى- هو الخليفة في الأهل، بل هو الخليفة لكل فائت ذاهب.
- إذا مات الإنسان يفضل أن لا يؤذى بالكلام السيء، سواء أكان الإيذاء له أو بإيذائه في أهل بيته.
- قد يكون المقصود هو النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ مرشداً الناس إلى عدم أذيّته بأهله، فلقد كان خير الناس إليهم.