الطلاق في حالة الغضب
الطلاق في حالة الغضب
بدايةً وقبل التفصيل في حكم الطلاق في حالة الغضب؛ وجب التنويه إلى أنّ الطلاق يختلف وقوعه من شخصٍ إلى آخر، ومن حالة لأخرى، ولا بدّ عند وقوع الطلاق من أن يُراجع الزّوجان دوائر الإفتاء والمحاكم الشرعية الموجودة في بلدهم؛ للنظر في حالتهم، والإفتاء بوقوع الطلاق أم لا حسب الحالة التي يشرحها الشخص للقضاة.
أمّا الطلاق في حالة الغضب؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية وبعض الحنابلة إلى أنّه يقع؛ وذلك لأنّ الطلاق عادةً يكون مرافقاً مع الغضب، ومن النادر أن يقع الطلاق في حالة الرضا وعدم الغضب، ولو أنّ الشريعة الإسلامية ألغت طلاق الغضبان لأصبح كلّ زوج يُطلّق زوجته، ثمّ يتهاون ولا يوقع الطلاق تحت مسمّى وعذر "الغضب".
حالات الغضب الذي يحصل فيه الطلاق وحكمها
قسّم الفقهاء الحالات التي يقع فيها طلاق الغضبان من الحالات التي لا يقع فيها، وفيما يأتي بيان لتلك الحالات، وحكم الطلاق في كلّ منها:
- الغضب المُطبق
أي الغضب الشديد، الذي يزول معه العقل، فهذا لا يقع الطلاق فيه، وسيأتي شرحه وتفصيله لاحقاً.
- الغضب العادي اليسير
وهو الذي لا يزول معه العقل، ويكون صاحبه واعياً وعارفاً لما يقول ويفعل، ومدركاً لتصرّفاته والعواقب المترتبة عليها، وهذا الشخص يقع طلاقه بإجماع الفقهاء، ولا خلاف في ذلك؛ لأنّ هذا الشخص صدر عنه الطلاق بإرادته، وكان ناوياً له.
- الغضب المتوسّط بين الحالتين السّابقتين: وهو الغضب الذي يجعل صاحبه في حالة مضطربة، وتختل أقواله وأفعاله، لكنّه لا يجعله فاقداً لوعيه وإدراكه تماماً، وقد تعدّدت آراء الفقهاء في إيقاع الطلاق في هذه الحالة على قولين:
- رأي جهور الفقهاء: إنّ هذا الطلاق يقع، ولا يعدّ هذا النوع من الغضب عذراً لعدم وقوع الطلاق.
- رأي بعض الحنفية وبعض المتأخرين من الحنابلة: مثل: ابن تيمية، وابن قيم الجوزية:
قالوا إنّ الطلاق لا يقع في هذه الحالة؛ وذلك لأنّ الشخص في هذه الحالة يغلب عليه الهذيان، ولا يكون مدركاً إدراكاً كاملاً لما يقول وما يتصرّف، وقد يندم على قوله وقراره بعد زوال الغضب عنه، سواءً كانت الطلقة الأولى، أو الثانية، أو الثالثة؛ وذلك لأن الشريعة الإسلامية اعتدّت بإزالة التكليف عن مثل هؤلاء الأشخاص، رحمة ورأفة بهم.
الحالة التي لا يقع فيها طلاق الغضبان
لا يقع طلاق الغضبان في حالة واحدة فقط: وهي في حالة الغضب المُطبِق؛ أي الغضب الذي يسبّب لصاحبه اختلالا في عقله وتوازنه، وأوصله غضبه لحالةٍ لا يُدرك فيها ما يقول، ولا يعي فيها ما يتصرّف، فتكون أفعاله وأقواله الصادرة عنه في ذاك الوقت دون قصد منه، وخارجة عن إرادته، فعندئذٍ لا يقع الطلاق.