الصلاة في المسجد
حكم الصلاة في المسجد
حكم صلاة الجمعة في المسجد
عظّم الإسلام من أمر صلاة الجُمعة في المسجد ، وأولاها رعايةً تختصّ بها عن غيرها من الصّلوات؛ فمن أدّى الجُمعة في بيته كانت صلاته باطلة، وأمّا من صلّاها ظهراً في بيته قال فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (من ترك الجمعةَ ثلاثَ مراتٍ من غيرِ ضرورةٍ طبَع اللهُ على قلبِه).
أمّا فيما يتعلق باشتراط إقامة الجُمعة في المسجد؛ فقد ورد عن الفقهاء قولين، نوردها كما يلي:
- الأول قول المالكيّة: ويفيد بعدم جواز إقامة صلاة الجُمعة إلّا في المسجد، وقال بعضهم إذا لم يكن للمسجد سقف يتمّ تأديتها ظهراً لا جمعة.
- القول الثاني قول الجمهور: وهو جواز إقامة صلاة الجُمعة في غير المسجد؛ فقال النّووي: "يجوز إقامة صلاة الجُمعة في الفضاء داخل حدود البلد، أمّا إذا تعدّى مسافة قصر الصّلاة فلا يجوز"، وقال كلٌّ من ابن قدامة، وأبو حنيفة بجواز إقامة الجُمعة في الصّحراء.
وقد استدل الجمهور على قولهم بما رواه كعب بن مالك -رضيَ الله عنه-: (أنَّهُ كانَ إذا سمعَ النِّداءَ يومَ الجمعةِ ترحَّمَ لأسعدَ بنِ زرارة. فقلتُ لَهُ: إذا سمعتَ النِّداءَ ترحَّمتَ لأسعدَ بنِ زرارةَ قالَ لأنَّهُ أوَّلُ من جمَّعَ بنا في هزمِ النَّبيتِ من حرَّةِ بني بياضةَ في نقيعٍ يقالُ لَهُ نقيعُ الخضمات قلتُ: كم أنتم يومئذٍ قالَ أربعون)، وتجدر الإشارة إلى أَّنه يُشترط في الجُمعة أن تكون في جماعة؛ فلا تصحّ من المسلم لوحده، وإن صلّاها وحده وجب عليه إعادتها ظهراً؛ ذلك أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يؤدّها إلّا في جماعة.
حكم الصلوات الخمس في المسجد
أفضل صورة لأداء الصلوات المكتوبة جماعة على الإطلاق أن يتم تأديتها في المسجد، باستثناء النساء؛ فالصّلاة في البيت أفضل لهنّ، كما أنَّ الصّلاة في المسجد البعيد أفضل من الصّلاة في المسجد القريب، وإقامة الصّلاة في وقتها في المسجد أفضل من انتظار كثرة الجمع، وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في أفضليّة صلاة الفرض في المسجد: (إنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوبَةَ).
وتعد إقامة صلاة الجماعة في المسجد من السنّة ، إلا أنَّها تجوز في غير المسجد بحسب الحاجة، وإن كانت صلاته في المسجد مؤدية لأن يُصلّي أهل بيته كلٌّ منهم لوحده، أو دفعهم عدم وجوده معهم إلى التّكاسل والتّهاون في الصّلاة، أو إن كانت صلاته في البيت جماعة وفي المسجد وحده، ففي هذه الحالات تكون صلاته في البيت أفضل من صلاته في المسجد.
حكم صلاة المرأة في المسجد
يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها إلى المسجد للصّلاة فيه، ولا يحقّ للزّوج أن يمنعها من ذلك إن كانت ملتزمة بزيّها الشرعيّ ومجتنبةً للاختلاط بالرجال؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ، وليَخرُجُنَّ تَفِلاتٍ)، والمراد بتفلات؛ أيّ أن تخلو الواحدة منهنّ من الزّينة، لكن الأفضل للمرأة الصّلاة في بيتها.
آداب الصلاة في المسجد
للصلاة في المسجد آداب عدة، منها:
- تجنّب أكل كل ما يترك أثراً في رائحة الفم؛ كأكل الثّوم والبصل، وإن أكلها وما زالت الرّائحة موجودة فلا يحضر المسجد، أو يحاول أن يستخدم ما يُذهب الرّائحة، كالاستياك مثلاً.
- الاغتسال من أجل الاجتماع مع المسلمين، وهذا مأخوذ من مشروعيّة الاغتسال لصلاة الجُمعة.
- الحرص على أدعية الدّخول من المسجد والخروج منه، والدّخول إليه بالرِّجل اليمنى والخروج منه باليسرى، وصلاة ركعتين تحيّة المسجد، والحرص على الجلوس في المسجد على طهارة، والمشي إلى المسجد بهدوء وسكينة، والوصول إليه ماشياً، والحرص على أداء الصّلاة بخشوع ، وعدم التشبيك بين الأصابع.
- المحافظة على نظافة المسجد، وخفض الصّوت أثناء الحديث، وعدم تخطي رقاب النّاس أو المرور من بين أيديهم، وعدم اتّخاذ القبور مساجد، وعدم اتّخاذ المساجد أماكن للبيع والشراء، وتجنّب التّصوير داخل المسجد، وكذلك تجنب البحث عن الضّالة في المسجد، والتزام المسجد إلى حين انتهاء الصّلاة، وعدم الخروج من المسجد بعد الأذان إلّا لضرورة.
- التّبكير إلى الصّلاة، والمسارعة إليها، وانتظار الصّلاة، والانشغال بالذّكر.
- الحرص على الصّلاة في الصفّ الأوّل.
- حُرمة مكث الجُنب والحائض في المسجد، وجواز جلوس المُحدِث.
فضل الصلاة في المسجد
إنّ الصّلاة في المسجد لها ثمارٌ عظيمة تعود على المسلم في دُنياه وآخرته، نذكر بعضها فيما يأتي:
- الدّخول في ظلّ الله -سبحانه وتعالى- يوم القيامة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ)،ومنهم: (ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ)،
- دخول الجنّة وإعداد الضّيافة لهم، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ له في الجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّما غَدَا، أَوْ رَاحَ).
- كتابة الحسنات، ورفع الدّرجات، ومحو السيّئات، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ).
- حصول أجر بمثل أجر الحاجّ، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن خرجَ من بيتِه متطَهرًا إلى صلاةٍ مَكتوبةٍ فأجرُه كأجرِ الحاجِّ المحرمِ).
- الخارج إلى الصّلاة ضامن على الله -سبحانه وتعالى-، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ على اللهِ عزَّ وجلَّ، ومنهم: ورجلٌ راح إلى المسجدِ ، فهو ضامنٌ على اللهِ حتى يتوفَّاه فيدخلُه الجنَّةَ أو يرُدّه بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ).
- الخارج إلى الصّلاة في صلاة حتى يعود إلى بيته، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا تَوضَّأَ أحدُكُم فأحسنَ وُضوءَه ، ثمَّ خرج عامِدًا إلى المسجدِ فلا يُشبِّكَنَّ بين أصابعِه فإنَّهُ في صلاةٍ).
- بُشرى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للمشّائين إلى المساجد بالنّور التامّ يوم القيامة.
- فرح الله عزّ وجلّ، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يتوضأُ أحد ٌفيحسنُ وضوءَه ويسبِغُهُ ثم يأتِي المسجدَ لا يريدُ إلا الصلاة َفيه إلا تبشبَشَ اللهُ به كما يتبشْبَشُ أهلُ الغائِبِ بطلعتِهِ).
- الصّلاة في جماعة تعدل أجر سبع وعشرين صلاة من صلاة المسلم لوحده، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ الفَذِّ بسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً).