الشعر الأندلسي في وصف الطبيعة
الشعر الأاندلسي في وصف الطبيعة
لقد استوحت طبيعة الأندلس الخلابة الناظرة العديد من الشعوب عبر مُختلف العصر والأزمان، وقد قدموا إلى الأندلس من كلّ صوب وأسسوا فيها الحضارات ذاع صيتها في جميع أقطار العالم، وقد جد العديد ممّن سكنوا الأندلس من الجلاسقة والقرطاجيون والرومان والفندال والقوط والكلت والبسك والقط وأخر من سكنها هم العرب، وإنّ أرض الأندلس هي بلاد طيبة جيدة الهواء.
اتصفت الطبيعة في الأندلس بأنّها ذات تربة مُعتدلة المناخ وبأنّها روضة كبيرة تجري فيها الأنهار وجداول المياه وعرفت عن طبيعة الأندلس بجبالها الشاهقة والبساتين الحافلة والمزارع الكثيفة والأشجار الباسقة، وعرفت الأندلس بوجود القصور والحصون والقلع، وعُرفت بزخرفة المساجد التي عُرفت بها الأندلس وبالمدائن الجميلة وتنسيقها وترتيبها مثل: مدينة قرطبة .
عُرفت العديد من المدن الأندلسية التي اشتهرت بجمالها وجمال طبيعتها التي تغنّى بها الشعراء مثل: مدينة قرطبة وهي عاصمة الأمويين، ومدينة إشبيلية وهي مقر حُكم بني عباد، و مدينة غرناطة عاصمة بني الأحمر، ومدينة طليطلة وبلنسية وسرقسطة ومرسية، وقد تغنّى الشعراء حتّى بمعايبها وعدّوها مفاخر ومحاسن.
المواضيع التي تناولها شعر وصف الطبيعة
تعدّدت المواضيع التي تناولها شعر وصف الطبيعة فقد وصف جميع التضاريس الطبيعية التي وجدت في الأندلس ومنها ما يأتي:
الخضراء
تعدّدت المواضيع الخضراء التي تغنّت بها الأشعار الأندلسية مثل: الرياض والحدائق والوروود والرياحين وغرس الفاكهة وسواها، فقد كانت الأندلس جنّة الله على الأرض، وقد اشتملت على القسط الأوفر من المناخ ولطافة الجو ورقة الهواء فانفجرت أرض الأندلس بالجداول الرقراقة والينابيع والعيون والوديان المنسبة وامتدّت فيها العديد من البساتين والرياحين.
المنتزهات
كثرت الحدائق في الأندلس والرياض وكان الناس يخرجون إليها ليتسامرون ويتبادلون أطراف الحديث وهذا يحدث تحت ظلال الاشجار وقُرب جداول المياه، وأمّا عن ازدهار هذه المُتنزهات والحدائق فيعود الفضل إلى الأمراء والخلفاء بهذا وقد شيد القصور الفخمة والجنائن والحدائق الرائعة والمُنتزهات الخاصة، وقد كثرت المُنتزهات أيضًا في مدينة قرطبة وضواحيها وقد بنوا قصر دمشق وتفننوا في بنائه.
الماء
كان السر وراء جمال الطبيعة الأندلسية مياهها الوفيرة، وكانت سفوحها تملؤها الأزهار ويرقص الطير وتتميّز بأنهارنا تتفجر من أعالي الجبال والمروج الخضراء التي عُرفت بها، فالأندلس قد أحدقت بها البحار فلذلك كثر فيها الخصب والأنهار، ومما يلفت النظر في الأشعار التي تحدث عنها الشعراء أنّهم قد أكثروا من تشبيهات الماء بالمُعدات الحربية فالنسائم فوق المياه قد شبهوها بالدروع.
الجبال والأودية
من الغريب في الأشعار الأندلسية الدهشة في الجبال بأنّها رغم كثرتها في الأندلس إلّا أنّها لم تكن تؤثر في الشعراء، لذلك لا نرى لها كبيرالأثر في أشعارهم، وكانت تذكر الجبال في الحذر والخوف والرعب وليس تحبباً أو تغزلاً فيها، ولعلّ سبب ذلك يعود إلى المناظر الخلّابة كالبساتين والأنهار المُنسابة والوديان النظرة والمروج الخضراء.
في البط والحيوان
عاش في الأندلس العديد من الحيوانات في منطقة البحر المتوسط تحديدًا، وقد وُجد العديد من الحيوانات التي ذكرها الشعراء في أشعارهم مثل: الغزال والإبل والبقرة و الحمار الوحشي ، بالإضافة إلى أنّ هناك العديد من الحيوانات التي لم تذكر أبدًا كالاسد والفيل والزرافة، وقد ظهر في أهل الأندلس أنّهم كانوا يأكلون لحوم الغنم والبقر والطير والحيتان وأصناف الطير المُختلفة والدجاج.
أبرز الأشعار الأندلسية في وصف الطبيعة
أشعار إبن خفاجة الأندلسي ومنها الأبيات الآتية:
إن للجنة بالأندلس
- مجتلى حسن وريا نفس
فسنا ضحوتها من شنب
ودجى ليلتها من لعس
- فإذا هبت الريح صبا
صحت: واشوقي إلى الأندلس!
- صح الهوى منك ولكنني
أعجب من بين لنا يقدر
- كأننا في فلك دائر
ومن الأشعار الأندلسية في وصف الطبيعة أبيات شعر أبي الحسن بن حريق واصفًا جمال مدينة بلنسية وطبيعتها ومنها الأبيات الآتية:
بلنسية قرارة كل حسن
حديث صح في شرق وغرب
فإن قالو محل غلاء سعر
ومسقط ديمتي طعن وضرب
فقل هي جنة حفت رباها
ومن أشهر أشعار وصف الطبيعة للشاعر الأندلسي إبن زيدون الذي دمج بين وصف الطبيفة وبين المحبوبة فقال في أشعاره الأبيات الآتية:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا
والافق طلق ومراي الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله
كأنه راق لي فاعتل اشفاقا
والماء عن روضه الفضي مبتسم
كما شققت عن اللبات أطواقا