الشخصيات رواية اللص والكلاب
الشخصيات في رواية اللص والكلاب
تعدّ رواية اللص والكلاب لنجيب محفوظ واحدة من الروايات التي تناولت مجموعة قضايا تختص بالمجتمع المصري، فهي تمثل أنموذجًا على الرواية التي تحاكي الواقع، وتعبر عن مشكلاته، في حبكة روائية مثيرة تشدّ انتباه القارئ نحو ذروة الأحداث، وهذه الرواية كأي رواية أخرى ضمت في ثناياها عنصر الشخصيات، وهي (سعيد مهران، وعليش، والمعلم طرازان، والمحقق، والشيخ الصوفي، ونور)، ويمكن التعريف بهم كما يأتي:
سعيد مهران
تعدَّ هذه الشخصية الرئيسة في رواية اللص والكلاب، إذ تبدأ الأحداث وعدسة الراوي مسلطةٌ عليه وهو خارج من السجن إلى بيت عليش ليلتقي بابنته الصغيرة التي تنكره؛ لعدم معرفتها المسبقة به، فهو كان زعيمًا لعصابة اللصوصية، لكنه قُبض عليه لوشاية عامله عليش، الذي استولى على أمواله، وتزوج من زوجة سعيد بعد أن طلقته، وساعدت عليش على الاستيلاء على ما تركه سعيد من أموال.
فسعيد يشكل أنموذجًا للإنسان البائس الذي يعاني قهر المجتمع، فقد تعرّض للوشاية من تابعه، ثم خيانة زوجه، ومن ثمّ تنكر صديقه القديم رؤوف علوان الصحفي البارز، مما دفعه إلى الذهاب إلى زاوية صوفية، فيها أحد المشايخ الذين درجوا على العبادة، فأمره أن يصلي ويقرأ القرآن كما في قوله: "خذ مصحفًا واقرأ، فارتبك سعيد قليلًا وقال بلهجة المعتذر: غادرت السجن اليوم ولم أتوضأ".
إن الناظر لهذا الحوار يجد أنّ رفض سعيد مهران لهذه الدعوة على بساطتها؛ كونها ثقيلة على نفسه، فهو ليس جاهزًا بعد لإصلاح نفسه، وهذا ليس مطلبه، وإنما هو متعطش للانتقام، فنراه بداية يحاول السطو على فيلا رؤوف، لكنه يفشل لتنبه رؤوف ويقضته.
سعيد مهران وعودته إلى الجريمة
نجد سعيدًا يسعى للانتقام من عليش وزوجته نبوية، فيذهب إلى المعلم طرزان ويطلب سلاحًا حتى يقتلهما به، لكنه يلتقي بنور عشيقته القديمة ويعيد ما بينهما من علاقة محرمة، فتساعده على سرقة سيارة ونقود من شاب على علاقة معه، فسعيد يرفض الصلاح ويصر على الخطأ.
ونراه ينجر وراءها حتى ينوي ارتكاب جريمة القتل، فيقتل رجلاً بريئًا وزوجته بعد أن سكنا مكان عليش ونبوية في الشقة، ويُقبض على سعيد ويعاد إلى السجن، كما نرى في نهاية الرواية "وأخيرًا لم يجد بديلًا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاة بلا مبالاة".
فالناظر إلى هذه النهاية يجد أن سعيد مهران قد أعماه انتقامه، وحتى هذا الانتقام لم ينجح، فلم يستطع سرقة رؤوف، ولا استعادة ابنته، ولا قتل الخونة عليش ونبوية، بل تسبب بإنهاء حريته، وقتل أبرياء، فكان طريق الصلاح أمامه بسيطًا، فقد دلّه عليه الشيخ الصوفي لكنه كان يمثل الشخصية التي غلبت عليها الطابع السوداوي.
عليش
تعد شخصية عليش من الشخصيات الثانوية، لكنه كان يصنف من الشخصيات المعارضة للشخصية الرئيسية، فقد كان هو سبب سجن سعيد مهران، وهو من سرق أمواله، وأخذ منه زوجته وابنته وبيته، كما نرى في الرواية "خانتني مع حقير من أتباعي، تلميذ كان يقف بين يدي كالكلب"
وأيضًا: "ومالي ونقود استولى عليها، وبها صار معلمًا قد الدنيا، وجميع أنذال العطفة أصبحوا من رجاله" فكان عليش سبب مشاكل سعيد مهران، وقد ضل سببًا في دفع سعيد للعودة لحياة الإجرام، فقد دفعت أعمال عليش سعيدًا إلى الرغبة في الانتقام وقتله، مما أدخل سعيد بدوامة الإجرام، فعليش يمثل الشخص الخائن الذي يعتاش على مصاب الآخرين، ويضحي بأي أحدٍ لأجل الارتقاء بنفسه.
المعلم طرزان
شكت شخصية المعلم طرزان واحدة من الشخصيات المساعدة لشخصية سعيد مهران، وهي شخصية ثانوية، وقد كانت هذه الشخصية داعمةً له في الجانب السلبي، إذ أمّنه بمسدس وذخيرة، ورفض أن يعتبره دينًا، ونجده يساهم في إعادة العلاقة بين سعيد ونور، فهو شخصية مفسدة، ويمثل شكلًا من أشكال الفساد في المجتمع المصري.
فالمعلم طرازان لم تكن مساعدته موجهة للخير، فهو يعرف أنّ المسدس طُلب لتنفيذ جريمة ما، لكنّها على الرغم من ذلك ساعد في الحصول عليه، كما نرى في الرواية: "وأغمض عينيه مستسلمًا، وإذا بيدٍ توضع على كتفه فالتفت وراءه فرأى المعلم طرزان مادًا يده الأخرى بالمسدس، ويقول نار على عدوك بإذن الله".
نور
مثّلت نور شخصية المرأة التي امتهنت البغاء والسرقة في الرواية، فكانت من المناصرين لسعيد مهران، وداعمةً له على الانتقام، ولعل ذلك جاء بسبب رغبتها في الانتقام من زوجة سعيد السابقة التي أخذت سعيدًا منها، نراها تساعده على سرقة سيارة الشاب الذي ترافقه، وتدفعه إلى الجريمة.
رؤوف
شكلت شخصية رؤوف الثانوية دورًا في دفع سعيد للعودة إلى الجريمة، فقد كان رؤوف رافضًا لتشغيل سعيد عنده بالصحيفة، وقد كان بالإضافة إلى ذلك ذكيًا فطنًا، فتنبّه إلى نية سعيد بالعودة إلى بيته لسرقته، فنصب كمينًا له وضبطه، ثم طرده بعد أن أهانه.
الشيخ الصوفي
مثلت شخصية الشيخ الصوفي التيار الإيجابي الذي كان يحاول إنقاذ سعيد مما هو فيه، فحاول أن يعالج ألمه النفسي غير مرّة، إلا أنّ سعيدًا كان يرفض دومًا، فقد أعماه حب الانتقام، لكن الشيخ فتح زاويته أمام الجميع، لمن أراد أن يلتجئ عنده، فترك سعيدًا ينام عنده إلى أن قُبض عليه.
المحقق
كانت هذه الشخصية من الشخصيات الثانوية، وقد كانت من المؤيدين لعليش الذي أصبح غنيًا، فكان دائم الاستهزاء بسعيد، ويعيره بجريمته، وقد مثّل يد السلطة الفاسدة الذي ينحاز للأقوى مهما كان فاسدًا ومجرمًا، فظهر في بداية السرد الروائي منتظرًا سعيد، فعليش متأكد من قدوم سعيد فجلب المحقق إلى بيته وجعله يفتش سعيد، ومن ثمّ بدأ بالسخرية منه والتقليل من شأنه أمام الناس.