السمنة ومتلازمة تكيس المبايض
السُمنة ومتلازمة تكيس المبايض
تُعرّف متلازمة تكيّس المبايض (بالإنجليزية: Polycystic ovary syndrome) واختصارًا PCOS على أنّها مجموعة من الأعراض تظهر نتيجة اضطرابات هرمونيّة تحدث لدى بعض النساء وتؤثر في المبيضين (بالإنجليزية:Ovaries) وهما المسؤولين عن تخزين البويضات لدى المرأة، وبالنسبة لعلاقتها بالسُمنة؛ فيُلاحظ أنّ العديد من النساء اللاتي يعانين من السُمنة أو ذوات الوزن الزائد يُعانين من متلازمة تكيّس المبايض، إلّا أنّ هذه المتلازمة قد تصيب النساء عامّةً بغض النظر عن أوزانهنّ، ومن جهة أُخرى فإنّ السُمنة قد تزيد من شدّة أعراض متلازمة تكيّس المبايض.
وفي الحقيقة ليس من الواضح ما إذا كانت متلازمة تكيس المبايض هي السبب المباشر للسمنة والوزن الزائد الذي يحدث للعديد من النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض، إذ يعتقد العديد من الخبراء أنّ مجموعة من العوامل تلعب دورًا في ذلك ومن ضمنها: العامل الوراثي، والعوامل البيئية، بما في ذلك النظام الغذائيّ وممارسة الرياضة ونمط الحياة غير الصحيّ؛ فكلها تساهم في ظهور العديد من أعراض تكيس المبايض الأخرى.
ومن جهة أخرى وُجد أيضًا أنّ الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض بحدّ ذاتها قد تسبب السمنة من خلال سلسلة من الأحداث تبدأ بمعاناة المصابة بما يُعرَف بمقاومة الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin resistance)، وفيها يصعب على الجسم استخدام الإنسولين لتحويل السكّر والنشا (بالإنجليزية: Starch) المستخلص من الطعام إلى طاقة، ممّا يسبب ارتفاع نسبة الإنسولين والسكر في الدم، وبدوره يؤدي تراكم الإنسولين إلى زيادة إنتاج هرمونات الذكورة المعروفة بالأندروجينات (بالإنجليزية: Androgens)، ونتيجةً لارتفاعها تظهر بعض الأعراض مثل اكتساب الوزن وبعض الأعراض الأخرى مثل:
- حبّ الشباب (بالإنجليزية: Acne).
- اضطراب الدورة الشهريّة .
- نمو شعر الجسم.
نصائح وعلاجات الوزن الزائد
يُشار إلى أنّ الوزن الزائد المُكتسب بمتلازمة تكيس المبايض يتركّز عامةً بشكلٍ كبير في منطقة البطن، مما يُظهر ساقين وذراعين نحيلتين نسبيًا، فيُعطي ذلك الجسم شكلًا يشبه جسم التفاحة، وممّا يزيد المشكلة تعقيدًا أنّ التغيرات الهرمونيّة المرتبطة بالإصابة بمتلازمة تكيّس المبايض تؤدي إلى صعوبة خسارة الوزن الزائد، إضافةً لأنّ الوزن الزائد يزيد من شدّة الأعراض.
ولخسارة الوزن الزائد ولو بنسبة قليلة دور كبير في تنظيم اضطراب الدورة الشهريّة، إضافةً لأثره في تنظيم مستويات هرمون الإنسولين والكوليسترول (بالإنجليزية: Cholesterol)، وتخفيف الأعراض المصاحبة لمتلازمة تكيّس المبايض، ويُشار إلى ضرورة استشارة الطبيب عن الطريقة المناسبة لخسارة الوزن الزائد، إذ إنّها تختلف من شخصٍ لآخر، وتجدر أهمية معرفة التغييرات التي ستؤثر في الوزن، فلكل فردٍ وضعٌ خاص يتطلب خطة خاصة تناسبه، وقد تساعد استشارة أخصائيّ التغذية على تحفيز المصابة لاتّباع نظام غذائيّ صحيّ ومناسب، والتأكيد على أهمية النشاط البدنيّ أو التمارين الرياضة ، ويُذكر أنّ حصول المصابة على الدعم الكافي يضمن محافظتها على إجراء التغييرات التي تفيد صحتها بعدة طرق.
تغيير نمط الحياة
تُعدّ التغييرات الإيجابيّة في نمط الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضيّة واتّباع نظام غذائيّ صحيّ الخيار الأول للتخفيف من الوزن لدى المصابات بتكيس المبايض اللواتي يعانين من الوزن الزائد؛ بحيث تتراوح قيمة مؤشر كلتة الجسم (بالإنجليزية: BMI) لديهن بين 25-29 كغ/متر مربع، أو السُمنة التي يزيد فيها مؤشر كتلة الجسم عن 30 كغ/متر مربع، إذ إنّ ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام قد يكون لها دورٌ فيما يأتي:
- تخفيف الوزن الزائد من خلال حرق السعرات الحراريّة وبناء كتلة عضليّة، الأمر الذي يقلل من مقاومة الإنسولين.
- خفض نسبة الكوليسترول ومستوى بعض الهرمونات المختلفة مثل هرمون التستوستيرون (بالإنجليزية: Testosterone).
أمّا بالنسبة لاتباع نظام غذائيّ صحيّ فيُساهم أيضًا في خفض مستوى سكّر الدم، وتنظيم مستوى الكوليسترول وضغط الدم، وفيما يأتي بيان لمجموعة من النصائح التي قد تساعد على اتبّاع نظام غذائيّ صحيّ:
- مراقبة الحصص الغذائية المُتناولة: يجدر تقدير الكميّة المناسبة من الحصّة الغذائيّة للفرد من خلال قراءة النشرات الغذائيّة المرفقة مع الأطعمة المخلتفة، الأمر الذي يساعد على مراقبة كمية السعرات الحراريّة المتناولة بشكلٍ يوميّ، وتجنّب تناول الطعام فوق الحاجة، وفي الحقيقة إنّ الحصة اليوميّة من الطعام قد تكون أصغر بكثير مما نعتقد.
- تناول الألياف والحبوب الكاملة: تساهم الأطعمة الغنيّة بالألياف في زيادة الشعور بالشبع، وتنظيم مستوى سكّر الدم ، وخفض مستوى الكوليسترول في الجسم، ويشار إلى أهمية اختيار الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة والغنية بالمغذيات مثل: الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والفاصولياء.
- الحدّ من السكّر المضاف: تحتوي المُحلّيات غير الطبيعيّة على نسبة عالية من السعرات الحراريّة دون إضافتها لأيّ فوائد غذائية، ممّا قد يساهم في زيادة خطر التعرّض للسُمنة وبعض الاضطرابات الصحيّة الأخرى.
- تناول وجبات متوازنة: يساهم التوازن في مكونات الوجبات الغذائيّة في المحافظة على وزنٍ صحيّ.
- الحدّ من تناول الملح: يحتوي جزء كبير من الأطعمة المصنّعة وكذلك الطعام الجاهز المقدّم في المطاعم على نسبة عالية من الملح الذي يحتوي على الصوديوم، وللحدّ من هذه المشكلة يجب الحرص على تناول الطعام المنزليّ والصحيّ قدر الإمكان، مع الإشارة إلى أنّ اتباع نظام غذائيّ قليل الصوديوم يمكن أن يكون غنيًّا بالنكهات من خلال إضافة التوابل والأعشاب التي تحسّن من مذاق الطعام.
- اختيار الدهون الصحيّة للقلب: يجدر التركيز على أهمية استخدام الدهون الصحيّة مثل زيت الأفوكادو وزيت الزيتون بدلًا من الدهون المشبعة أو المتحوّلة كالزيوت النباتيّة، مع ضرورة الاتزان في تناولها لاحتوائها على نسبة كبيرة من السعرات الحراريّة.
- نصائح أخرى: من النصائح الأخرى التي تساعد على اتباع نظام غذائيّ صحيّ ما يأتي:
- مراجعة الطبيب لمراقبة مستويات الكوليسترول وضغط الدم بشكلٍ دوريّ.
- الامتناع عن التدخين من خلال اتّباع أحد البرامج التي تساعد على ذلك.
- تقسيم الوجبات الغذائيّة إلى عدّة وجبات صغيرة تتراوح بين 4-6 وجبات على مدار اليوم، عوضًا عن تناول ثلاث وجبات كبيرة، لما لذلك من دور في تنظيم مستويات السكّر في الدم.
العلاجات الدوائية
عند الحاجة لاستخدام العلاجات الدوائيّة للتخفيف من السُمنة المصاحبة لمتلازمة تكيّس المبايض يتم الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأمور كآثارها الجانبيّة، وتكلفتها المادية ومدى توفّرها، وفي الحقيقة لا يوجد دليل مثبت على تفوّق هذه الأدوية في تخفيف الوزن على اتّباع نمط حياة صحيّ، كما أنّ استخدام هذه الأدوية يجب أن يكون متزامنًا مع إجراء تغييرات في نمط الحياة، ويشار إلى ضرورة تجنب استخدام هذه الأدوية في حالات الحمل، مع الحرص على استشارة الطبيب قبل استخدامها في أي حال، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الأدوية:
- دواء ميتفورمين: (بالإنجليزية: Metformin)، وهو الخيار العلاجيّ الأول لعلاج السُمنة لدى المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض، ومن الممكن أن يساهم الميتفورمين في تخفيف الوزن بما يتراوح بين 3-4 كغ، أو ما يُقدّر بـ 1-2 كغ لكل متر مربع من مؤشر كتلة الجسم، ولكن أظهرت النتائج مؤخّرًا أنّ الميتفورمين قد لا يكون فعّالًا في خفض قيم مؤشر كتلة الجسم لدى المصابات بمتلازمة تكيس المبايض.
- دواء أكاربوز: (بالإنجليزية: Acarbose)، وقد يساهم في خفض مؤشر كتلة الجسم بما يقارب 3 كغ لكل متر مربع.
- دواء سيبوترامين: (بالإنجليزية: Sibutramine)، ومن الممكن أن يساهم في خفض مؤشر كتلة الجسم بما يقارب 5.8 كغ لكل متر مربع، أو ما يُقدّر بـ 14.4 كغ من الوزن.
- دواء أورليستات: (بالإنجليزية: Orlistat)، قد يساعد الأورليستات في خسارة ما يقارب 5 كغ من وزن الجسم.
جراحات علاج البدانة
تُعدّ جراحات علاج البدانة (بالإنجليزية: Bariatric surgeries) علاجًا فعّالًا للسُمنة الممرضة وللسيطرة على متلازمة الأيض أو متلازمة التمثيل الغذائي (بالإنجليزية: Metabolic syndrome) التي تُعرّف على أنّها مجموعة من عوامل الخطر التي ترفع نسبة الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغيّة (بالإنجليزية: Stroke)، ومرض السكريّ، ووُجد أنّ هذا النوع من الجراحات قد يزيد من خصوبة المرأة التي تعاني من السمنة الممرضة ومتلازمة تكيس المبايض، وكذلك فإنّ فقدان الوزن بعد هذه الجراحة قد يرفع احتماليّة حدوث الحمل، وقد يخفض نسبة الإصابة بمتلازمة تكيّس المبايض بعد العملية أيضًا، ولكن لغاية الآن لا يوجد إجماع على ذلك وفيما إذا كانت هذه الجراحات فعّالة أيضًا لدى النساء اللواتي لا يزيد مؤشر كلتة الجسم لديهن عن 40 كغ /متر مربع، إذ إنّ عدد الدراسات التي تقيم الخصوبة قبل وبعد عمليات السمنة قليل جدًا.
ويُشار إلى ضرورة حصول النساء البدينات المصابات بمتلازمة تكيس المبايض ويعانين من مشاكل في عمليات الأيض على المشورة الطبيّة الكافية والتوعية حول فوائد ودور هذه الجراحة في التخفيف من عبء متلازمة تكيّس المبايض لديهن، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الجراحات تؤخذ بعين الاعتبار تزامنًا مع الطرق العلاجيّة الأخرى التي ذكرناها سابقًا، ويُذكر أنّ هذه الجراحات قد تكون مصحوبةً ببعض الآثار الجانبيّة طويلة وقصيرة الأمد، ولكن في حالة النساء الأصغر سنًا والمصابات بمتلازمة تكيس المبايض فإنّ فوائد العمليّة قد تفوق مخاطرها مقارنة بالنساء الأكبر سنًا اللواتي يعانين من أمراضٍ وعائيّة. وتهدف جراحات علاج البدانة إلى فقدان الوزن من خلال تصغير حجم المعدة، الأمر الذي يقلل كميّة الطعام المتناولة وبالتالي كميّة الطاقة المكتسبة، وفيما يأتي توضيح لبعض جراحات علاج البدانة الرئيسة:
- تكميم المعدة: (بالإنجليزية: Gastric sleeve surgery)، وتُعدّ من العمليّات الكبرى التي يتمّ فيها استئصال جزء كبيرة من المعدة.
- جراحة المجازة المَعِدِيّة: (بالإنجليزية: Gastric bypass surgery)، وتتضمن عمل كيس صغير من المعدة وربطه بالأمعاء مباشرةً، وتُعدّ من العمليّات الكبيرة نسبيًا أيضًا.
- ربط المعدة: (بالإنجليزية: Gastric banding)، إذ تتمّ عمليّة ربط المعدة من خلال عمل جرحٍ صغير يُوضع من خلاله رباطٍ حول الجزء العلويّ من المعدة لتصغير حجمها.
دواعي مراجعة الطبيب
ينصح بمراجعة الطبيب في الحالات الآتية:
- انقطاع الدورة الشهرية وعدم وجود علامات تدل على الحمل.
- المعاناة من أعراض متلازمة تكيس المبايض المختلفة بما فيها نمو الشعر على مختلف مناطق الجسم.
- عدم حصول حمل بالرغم من المحاولة لمدة تزيد عن 12 شهرًا.
- المعاناة من أعراض مرض السكري، مثل: العطش الشديد، أو الجوع، أو عدم وضوح الرؤية، وغيرها.