مواقف الرسول مع ابنته فاطمة
مواقف الرسول مع ابنته فاطمة
لقد كان لفاطمة -رضي الله عنها- مكانةً عظيمةً في قلب أبيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يتمكن منها أحد، حتى أنّه -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُعلن ويفاخر بحبه لها، وفيما يأتي ذكر بعض المواقف التي تثبت عظمة وعمق منزلة فاطمة -رضي الله عنها- في قلب أبيها -صلّى الله عليه وسلّم-.
حديث النبي لفاطمة قبل موته
روي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ فاطمة جاءت ذات يومٍ لأبيها -صلّى الله عليه وسلّم-، فأجلسها بجانبه بعد أن رحّب بها، ثمّ اقترب منها -صلّى الله عليه وسلّم- وخصّها بحديث حتى بكت فاطمة، فقالت عائشة -رضي الله عنها- لها: (لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ: ما رَأَيْتُ كَاليَومِ فَرَحًا أقْرَبَ مِن حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قالَ، فَقالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى قُبِضَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا، فَقالَتْ: أسَرَّ إلَيَّ: إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ -أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ؟ فَضَحِكْتُ لذلكَ).
موقف النبي من زواج علي على ابنته فاطمة
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حريصاً على سلامة قلب فاطمة -رضي الله عنها- من أيّ ضيقٍ أو أذى، فعندما ذهبت إليه -رضي الله عنها- تشكو لها رغبة زوجها عليّ -رضي الله عنه- بالزواج من ابنة أبي جهل وهي على ذمته، فما كان من رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أنّه قام مباشرةً، وقال بعد أن تشهّد: (أَمَّا بَعْدُ، فإنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بنَ الرَّبِيعِ، فَحدَّثَني، فَصَدَقَنِي وإنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ مُضْغَةٌ مِنِّي، وإنَّما أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهَا، وإنَّهَا، وَاللَّهِ لا تَجْتَمِعُ بنْتُ رَسُولِ اللهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا قالَ: فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ).
قيامه لها وتقبيلها
شهدت السيرة النبوية العديد من المواقف التي يظهر فيها حبّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الخاص لفاطمة، واحترامه لها، وما يحمل في قلبه من فيض الحنان لها، وقد روت ذلك أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (وَكانَت إذا دخلَت على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قامَ إليها فقبَّلَها وأجلَسَها في مجلسِهِ، وَكانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا دخلَ عليها قامت من مجلسِها فقبَّلتهُ وأجلَستْهُ في مجلسِها).
تلقيبها بأم أبيها
أطلق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لقب أمّ أبيها على فاطمة -رضي الله عنها-، وذلك تودداً وتحبباً لها -رضي الله عنها-.
شمولها وزوجها وأبناؤها في كسائه ودعاؤه لهم
خصّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فاطمة وزوجها وأبنائها بالدعاء، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لفاطمةَ: ائتيني بزَوجِكِ وابنَيكِ. فجاءَتْ بهِم، فألْقى عليهم كِساءً فَدَكيًّا، قال: ثمَّ وضَعَ يدَهُ عليهِم، ثمَّ قال: اللَّهمَّ إنَّ هؤلاءِ آلُ محمَّدٍ، فاجعَلْ صَلَواتِكَ وبرَكاتِكَ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ).
وفي رواية أخرى عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- أنّه: (لمَّا نزلت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا في بيتِ أمِّ سلمةَ فدعا فاطمةَ وحَسنًا وحُسينًا فجلَّلَهم بِكساءٍ وعليٌّ خلفَ ظَهرِهِ فجلَّلَهُ بِكساءٍ ثمَّ قالَ اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلُ بيتي فأذْهِب عنْهمُ الرِّجسَ وطَهِّرْهم تطْهيرًا قالت أمُّ سلمةَ وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ قالَ أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ).
التعريف بالسيدة فاطمة
هي فاطمة أصغر بنات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ابنة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، ولدت قبل الإسلام بخمسة أعوام، أنجبت خمساً من الأبناء والبنات، وهم: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم، وزينب، وكانت -رضي الله عنها- قد روت بعض الأحاديث عن رسول الله، وقد عدّها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من أفضل نساء أهل الجنة، فقال: (فاطمةُ سيِّدةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ)، وقد توفيت -رضي الله عنه- ليلة الثلاثاء، في العام الحادي عشر للهجرة، وهي في التاسع والعشرين من عمرها أو نحوه.