الحياة الزوجية في الإسلام
الحياة الزوجيّة في الإسلام
لقد اهتمّ الإسلام بجانب الحياة الزوجّة اهتمامًا عظيماُ، فقد أمر الله -عزّ وجلّ- في كتابه العزيز أن تُبنى الحياة الزوجية على المعروف في العشرة والنفقة والمهر، ليقوم الزوجان على أداء حقوقهما على الوجه الأكمل والأحسن، وقد أوجب الله -تعالى- على الزوج حقوقاً، كما أوجب على الزوجة حقوقاً، بهم تستمرّ وتستقرّ الحياة الزوجيّة.
مفهوم الحياة الزوجيّة
الحياة الزوجية: هي علاقةٌ بين الزوجين تقوم على أساس الشراكة في تكوين الأسرة، بناءً على مجموعةٍ من الحقوق والواجبات والآداب التي ينبغي مراعاتها خلال الحياة الزوجية، وذلك للحفاظ على سعادة البيت والأسرة، وحِرصًا على دوام الوفاق بين الزوجين خلال حياتهما الزوجيّة. وفيما يلي بيانٌ لأهمّ الأُسس التي تُبنى عليها الحياة الزوجيّة:
العشرة بالمعروف
قال الله -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، والعشرة هي: المخالطة والممازجة، وذلك بأن يكون الزوج مبتسماً في وجه زوجته فلا يعبُس في وجهها بلا ذنبٍ منها، وأن لا يكون فظًّا ولا غليظًا بل يكون رقيقًا في قوله، وهذا أهدأ وأهنأ للحياة الزوجيّة، وهو سببٌ في دوام هذه العلاقة.
ولكن إذا تعامل الزوجان في حياتهما على نقيض ما سبق في حياتهما الزوجيّة، فإنَّ هذا سيُنغص حياتهما، ويسبب النفرة بينهما، ومن هنا جاء ال أمر من الله -تعالى- في كتابه العزيز أن تكون الحياة الزوجية قائمةً على المعروف، وأن يعفو كلّ واحدٍ منهما عمّا يحصل من تقصير ممّا هو من طبيعة البشر، ليقوم الزوجان على أداء حقوقهما على الوجه الأكمل والأحسن.
تحمّل المسؤوليّة من كلا الزوجين
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مسؤول، فالإِمامُ راعٍ وهو مسؤول، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِهِ وهو مسؤول، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها وهي مسؤولة، والعَبْدُ راعٍ علَى مالِ سَيِّدِهِ وهو مسؤول، ألا فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مسؤول) ، فرعاية الزوج أن يتحمّل مسؤوليّة سياسة بيته، وأن يعطي كلّ ذي حقٍّ حقّه، ورعاية المرأة لبيت زوجها أن تدير بيتها، وأن تنصح زوجها وأولادها.
المشاركة في بناء الحياة الزوجيّة
فالرجل والمرأة لا يستطيع أيّ واحدٍ منهما أن يعيش مستقلاً عن الآخر، بل حاجة أحدهما للآخر في بناء الحياة الزوجيّة كحاجة الشيء إلى نفسه، ولذلك لا يمكن أن نبني مجتمعًا سليمًا إلا بتكوين لبَنةً سليمة، ولا نستطيع أن نقول: إنَّ الرجل بنفسه لبنةٌ واحدةٌ وكذلك المرأة، فعقد الزواج يشبه عقود الشركة فلا يستطيع أي شريكٍ أن يستقلّ عن شريكه الآخر.
حفظ الزوجان لأسرار الحياة الزوجيّة
قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا)،وفي هذا الحديث تحريم أن يتكلّم الرجل أو المرأة ببعض التفاصيل التي تجري بينهما سواءً كان فعلًا أو قولًا، حتّى كره العلماء أن يذكر الزوجان ما يجري بينهما للناس إذا كان ما ذكراه لا فائدة منه.
وح فظ أسرار الحياة الزوجيّة من قِبل الزوجين يساعد على صيانة البيت من أسباب الانهيار، وفيه تربية للزوجين على تنمية المروءة بينهما، بل بعد موت أحد الزوجين لا يجوز أن تُنشر تلك الأسرار الزوجيّة، فحفظها من حفظ العقود والمواثيق بينهما، وهو فرضٌ على الزوجين.
غفران الزلّة والتغاضي عن الأمور الصغيرة
قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ)،وذلك لأنّ العدل واجبٌ على الإنسان أن يقوم به عندما يُعامل غيره، ومن العدل أن يوازن الشريك بين سيّئات وحسنات شريكه الآخر، فينظر أيّهما أعظم وأكثر وقعًا في قلبه، فيُغلِّب ما كان أكثر وقعًا على السيّئات وهذا هو العدل.
اختيار الشريك المناسب للحياة الزوجيّة
والمقصود باختيار الشريك المناسب هو اختيار الزوج الذي يغلُب الظنّ أنّه صالح وكذلك الزوجة التي يغلب الظنّ أنّها صالحة، فكثيرٌ من الشباب الصالح قد ينخدع بالقشرة الخارجية لبعض الفتيات، وكذلك العديد من الفتيات الصالحات قد ينخدعن بالقشور الخارجية لبعض الشباب.
ولهذا اشترط بعض الفقهاء كالمالكيّة كفاءة الزوج، فيلزم أن يكون الزوج صالحًا، وذلك بأن يكون سليمًا من الفسق،والرجل إذا وفّقه الله -تعالى- للزواج من ذات الدين والصلاح فقد حاز على خير المتاع، وهي زوجة تحفظه في ولده وماله وسرّه، فإن نظر إليها سرّته وإن غاب عنها حفظته.