الحياة الاجتماعية في مصر في العصر العثماني
الحياة الاجتماعية في مصر في العصر العثماني
كان لاجتياح العثمانيين للبلدان العربية دور كبير في تراجعها وركود فكرها وعلومها، منذ عام 923هـ صارت مصر مجرد ولاية عثمانية تابعة لدولة الأتراك بعد أن كانت حاضرة دولة عظيمة سابقاً، وقد قضى الحكم العثماني على ما ظهر في مصر من حضارة كان يمكن أن تكون استمرارية لحضارة بغداد وكان لكلّ هذا انعكاس واضح على الحياة الاجتماعية في مصر.
أبرز مظاهر الحياة الاجتماعية في مصر في العصر العثماني
كان للعثمانيين أثر سيء على الحياة الاجتماعية في مصر، تتلخص أبرز مظاهره بالنقاط التالية:
- التراجع الفكري المتحضر الذي شهدته مصر، حيث أدى إهمال الأتراك لإدارة البلاد وانشغالهم بنفوذهم إلى إهمال المدارس ودور العلم.
- التعصب الديني الذي نقله العثمانيون إلى طبقات الشعب في مصر والذي خلق حالة من الفوضى في المجتمع، كما أدى إلى الجمود الفكري والعلمي.
- انتشار اللغة التركية وسوادها بين طبقات المجتمع، حيث جعل العثمانيون اللغة التركية لغة رسمية للبلاد في الداخل والخارج مما أدى إلى تراجع اللغة العربية واضمحلالها.
- انتشار الألفاظ العامية السوقية بين طبقات الشعراء وقد كان هذا سبقًا في حياة العرب لم يشهدوه أبدًا في العصور السابقة، حيث كانت لغة الشعر رصينة ومهذبة.
- تفشي جميع أنواع الأكاذيب والسحر نتيجة التخلف والجهل الذي درج عليه المجتمع في ذلك الوقت.
أسباب تردي الحياة الاجتماعية في مصر في العصر العثماني
كان لتردي الحياة الاجتماعية في مصر أيام الحكم العثماني أسباباً عديدة منها:
- نقل حقول المعرفة من القاهرة إلى مقر الخلافة في القسطنطينية، حيث تم نقل خزائن الكتب والمكتبات وحُرمت مصر من كنز كبير من كنوز المعرفة التي حظيت بها على مدار قرون عديدة.
- تردّي الأحوال المعيشية وفقر ذات اليد الذي أدى إلى التهاء كل فرد بالمجتمع بنفسه، وإمكانية إعالة نفسه وأهل بيته.
- اللامبالاة التي عاشها الشعب نتيجة الحروب والغزوات المستمرة التي شهدتها البلاد.
- تراجع القيم الدينية واستشعار مراقبة الله تعالى الذي أدى لتفشي الرذيلة وانتشار الفسوق والانهماك في الشهوات.
الدور العثماني في الحياة الاجتماعية في العصر العثماني
لم يكن دور العثمانيين في الحياة الاجتماعية في مصر إلا تنظيميًا بحتًا، حيث اهتموا بتنظيم أعمال السوق وتعيين الرقباء عليه، وقد أدت الحروب المتتالية التي شهدتها الدولة إلى التوجه العام للسياسة على سواها، وبالطبع، جمع الضرائب والجباية، وإن لهذا الأمر أثر كبير على تفشّي الانحلال بين طبقات المجتمع.
إنّ سوء وتراجع الفكر والعلم والأدب بين طبقات المجتمع المصري في العصر العثماني يعود بالدرجة الأولى للإهمال الذي شهده من الخلفاء العثمانيين بالعلم والأدب، فعلى مر قرون عديدة ارتفعت الحضارة العربية نتيجة عناية الخلفاء بالعلم والأدب وتقريب العلماء والأدباء منهم، على عكس ما شهدته البلاد العربية إبان الحكم العثماني.
أضف إلى ذلك الانفصال الطبقي الذي كان بين الخلفاء والمجتمع، فلم يعد الخليفة رمزًا سياسيًا مرموقًا يمكن للرعية التوجه إليه واللجوء لأمراءه ومسؤوليه لو أشكل عليهم أمر ما، مما أدى إلى حنق الرعية على الخلافة العثمانية وتمني زوالها.
أثر الحياة الفكرية على الحياة الاجتماعية في العصر العثماني
قلنا أن الحياة الفكرية تراجعت كثيرًا في الحقبة العثمانية عن سابقتها في العصر المملوكي، إلّا أنّه لا يمكن إنكار أنّ العديد من الأسماء العلمية والفكرية ظهرت في العصر العثماني وساهمت ولو بشيء قليل في ترقي المجتمع العثماني في مصر، لا ريب أنهم أنفسم من عامة الشعب، ومن هؤلاء الأسماء التالية:
- ابن إياس
صاحب كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور، وهو تسجيل تاريخي لوقائع فتوحات العثمانيين، وقد عكس الكاتب أثر هذه الفتوحات على الحياة الاجتماعية في مصر إبان الحكم العثماني آن ذاك.
- طاش كبرى زاده
صاحب كتاب مفتاح السعادة ومصباح السيادة، وهو كتاب أحصى فيه الكاتب علوم العربية، فكان من أهم المراجع التي حفظت اللغة العربية في ذلك الوقت كما كان مرجعًا مهمًا لطلاب العلم.
- عبد القادر البغدادي
صاحب كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، وهو من أهم الكتب التي ألفت في ذلك الوقت ذلك أنه حفظ القواعد النحوية من الضياع، وقد كان الكتاب كذلك مرجعًا مهمًا للدارسن في ذلك الوقت.
- شهاب الدين الخفاجي
صاحب كتاب شفاء الغليل بما في كلام العرب من الدخيل، حيث بين ما دخل على العربية من ألفاظ تركية وأعجمية.