الحياة الاجتماعية في الحضارة الإسلامية
الحياة الاجتماعية في الحضارة الإسلامية
لقد تأثرت الحياة الاجتماعية للعرب وغيرهم من الأقوام التي دخلت في الإسلام بأفكار الدين الإسلامي والشريعة حتى صار لها طابع يميِّزُها عن غيرها، وأبرز مظاهر الحياة الاجتماعية في الحضارة الإسلامية ما يأتي:
العدالة الاجتماعية
لقد كانت العدالة الاجتماعية من أهمّ القضايا التي عالجها الإسلام ووضع لها ضوابط واعتبارات وقوانين ناظمة تجعل الحياة داخل هذا المجتمع منظّمة وفق شريعة محددة؛ هي القرآن الكريم، وقضاة عادلون أكثرهم كان من علماء العصر البارزين، فكان الناس سواسية أمام الحقّ ولا يعلو أحد على الآخر مهما كان مركزه الاجتماعي.
لذلك كانت الثورات تقوم على السلطة الحاكمة عندما يغيب هذا المفهوم، وقد كانت الحياة في الجاهلية يأخذ القوي حقه من الضعيف ويظلمه ولا يجد من يردعه، ولكنّ المسلمين في الإسلام سواسية كأسنان المشط لا يستطيع القوي أن يظلم فيه، وفي التاريخ الإسلامي قصص كثيرة عن خلفاء وأمراء خضعوا للقاضي ولم يتجاوزوه كون العدل هو الركيزة الأهم في المجتمع.
الزواج
كانت مسألة الزواج قبل مجيء الإسلام غير منظّمة وليس لها معالم واضحة، وكان فيها ظلم كبير للزوجة وإجحاف في حقوقها، فقد عرف العرب في الجاهلية أربعة أنواع للنكاح واحد منها فقط يشبه نكاح الإسلام؛ أي الزواج، وثلاثة تكون المرأة فيها متاحة لمن رغب من الرجال وهذا ما هدمه الإسلام ونظّم الزواج وعلاقة الرجل بزوجته وأبنائه.
لكن في الإسلام يكون الرجل حاملًا مسؤولية أسرته وأبنائه على عكس الجاهلي الذي يكون تعامله مع زوجته -غالبًا- من غير التقدير الذي حظيت به المرأة في الإسلام ، وكذلك كان للأبناء نصيب من تلك العناية فهم ليسوا أدوات مجردة للغزو والسلب، وإنّما يصبح للواحد منهم حقوق على الأب من حيث النفقة والإحسان والعناية ونحو ذلك.
التكافل الاجتماعي
إنّ دستور التكافل الاجتماعي الذي يسير عليه الناس في الحضارة الإسلامية هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى"، فمعنى التكافل هو المشاركة والتضامن بين أفراد المجتمع الإسلامي وأن يدفع بعضهم عن بعض الأضرار المادية والمعنوية كذلك.
وتمتاز فكرة التكافل في الحضارة الإسلامية أنّ المسلم يمكن له أن يساند الكتابي الذي لا يحارب الدين ويلتزم بقوانين المجتمع الإسلامي، وذلك أمرٌ صحِّيٌّ قد ورد في القرآن الكريم وهو ما ميّز مجتمعات الإسلام على مر العصور.
الروابط الاجتماعية
لقد عزّز الإسلام من مكانة الروابط الاجتماعية داخل المجتمع الإسلامي، وقد حثّ على بعض منها وتوعّد الذين يهملون بعضًا منها، فمثلًا عزّز الإسلام علاقة الابن بوالديه، وأمر ب صلة الرحم لتقوية أواصر المجتمع الإسلامي وتحصينه ضدّ من يعبث به، وحثّ على قوة العلاقة بالجار والإحسان إليه والوقوف إلى جانبه عند الشدائد وغير ذلك.