الحكمة من زواج الرسول الكريم من السيدة خديجة
الحكمة من زواج الرسول الكريم من السيدة خديجة
القدوة الصالحة في تاريخِنا الإسلاميِّ ليست محصورة في الرِّجال؛ لأن هنالك من الِّنساء اللَّواتي كَمُلْنَ ومن لو وزنتْ بآلاف الرِّجال لرجحت كفّتها، ومن تلك النِّساء الْعظيمات الكاملات أمُّ المؤْمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-.
ومن المعلوم أنها كانت أول النَّاس إسْلاماً، وهي الَّتي واسَتْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسها ومالها، وهي التي أقرأها الله السلام و بشَّرَها بالْجنّة ، فرضي الله عنها وأرضاها.
وقد كانت خديجة -رضي الله عنها- من نعم الله الجليلة عليه -صلى الله عليه وسلم-، فقد آزرته في أحرج الأوقات، وأعانته على إبلاغ رسالته، وشاركته آلامه وآماله، وواسته بنفسها ومالها، وبقيَت رُبْع قرن تحمل معه كيدَ الخُصومِ، وآلام الحصارِ ومتاعب الدعوة.
ما ورد عن الرسول في فضل خديجة رضي الله عنها
وقد ورد على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يُبيِّنُ فضلها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة (أم المؤمنين) -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا ذَكرَ خديجةَ أثنى فأحسَنَ الثَّناءَ، قالت: فغِرتُ يومًا؛ فقلتُ: ما أكثرَ ما تذكرُها حمراءَ الشِّدقينِ قد أبدلَكَ اللَّهُ خيرًا منها).
حينها قالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أبدلني اللَّهُ خيرًا مِنها قد آمنَتْ بي إذ كَفرَ بيَ النَّاسُ، وصدَّقتني إذ كذَّبني النَّاسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَنِيَ النَّاسُ ورزقنيَ اللَّهُ أولادَها إذ حرمني أولادَ النَّساءِ).
التعريف بالسيِّدة خديجة رضي الله عنها
هي خديجة بنت خويلد بْن أسد بْن عبد العزى بْن قصي القرشية الأسدية، زوج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كانت تُدعى فِي الجاهلية "الطَّاهرة"، أمها فاطمة بنت زائدة بْن الأصم، فهي من نسَبٍ شريف، وعائلة معروفة بعراقتها.
مناقب خديجة رضي الله عنها
لخديجة -رضي الله عنها- مناقب كثيرة، نذكر منها ما يأتي:
- زوجُ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وأمُّ أولاده.
- أول من أَسلم وآمن بدعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- كانتْ تُهدّئُُ من رَوْع رسول الله -عليه السلام-، وتُطمئِنُه عندما جاءهُ الوحي جبريل -عليه السلام- في بداية نُبوَّتِه.
- نَصَرَتْ الدَّعوة الإسلاميَّة بمالها، وكلِّ الوسائِل المُتاحةِ أمامها.
- أقْرَأها جبريلٌ السَّلام وبشَّرها ببيتٍ في الجنَّة.
- من خير نساء العالمين.
زواج النَّبي عليه الصَّلاة والسّلام من خديجة
كانت السيِّدَة خديجة -رضي الله عنها- صاحبة تِجارة، وكان لها غُلامٌ يُدْعى مَيْسَرة أخبَرَها عن أمانةِ وصِدْقِ محمد بن عبد الله، وهكذا تعَرَّفت السيدةُ خديجة على سيدنا مُحمَّد؛ ذاك الشَّاب المعروف بصدْقِه وأمانته، والْتمست فيه صفاتٍ لم تكُن موجودة في غيره من الرِّجال.
كيف لا وقَدْ كان الله -سبحانه وتعالى- يُعِدُّه ليكون نبيَّ هذه الأُمَّة، واختار أيضًا أن تكون خديجة له زوجًا حنونة، ورقيقة القلب حسنة الْمَعْشر، تدعمه في رسالته، وتبين له نقاط قوته وتميزه، فبفضل هذا الزواج المبارَك انتشر الإسلام وعمَّ أرجاء المعمورة.
وقد وردت قصَّة زواج النبي -عليه السلام- في الآثار: "كانت خديجة بنت خويلد امرأة شريفة، ذات حسب وجمال ومال، تزوجت مرتين من قبل، وعزمت بعد موت زوجها الثاني ألا تتزوج مرة أخرى، وأن تتفرغ لإدارة ثروتها، وتنمية تجارتها.
ولكنها حين التقت بسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعمل في تجارتها، ورأت فيه من خصال الخير أُعجبت به، ورغبت في الزواج منه؛ وأسرَّت بذلك إلى إحدى صديقاتها المقرَّبات، فذهبت إلى النبي وسألتْه: ما يمنعك أن تتزوج؟، "قال ما بيدي ما أتزوج به".
قالت: "فإن كُفِيتَ ذلك، ودُعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة، ألا تجيب؟"، قال: "فمن هي؟"، قالت: "خديجة"، فقال: "كيف لي بذلك؟" قالت: "عليّ ذلك"، فوافق على الفور، وعادت نفيسة إلى خديجة، تزفُّ إليها تلك البشرى فسُرَّت سرورًا عظيمًا، وذهب بعدها رسول الله لخطبتها مع عمه أبي طالب وتمّت الخطبة الميمونة، وبعدها تزوّجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.