الحكمة من خلق الإنسان
الحكمة من خلق الإنسان
توحيد الله تعالى
خلق الله -تعالى- الإنسان وكرّمه بالعقل حتى يتمكّن من الوصول إلى حقيقة وحدانية الله -تعالى- وثبوت الإسلام والنبوة، كما دعاه إلى ما يُعينه على الوصول لتلك الحقيقة وذلك بالتفكر، والتأمل في خلقه، وتكوينه، وأطوار حياته، حيث قال الله -تعالى-: (وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ* وَالجانَّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السَّمومِ* وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي خالِقٌ بَشَرًا مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ* فَإِذا سَوَّيتُهُ وَنَفَختُ فيهِ مِن روحي فَقَعوا لَهُ ساجِدينَ).
لذا نفى الله -تعالى- العقل عن الكافرين في بعض الآيات القرآنية لكونهم قد عطّلوا العقل عن وظيفته التي خُلق من أجلها وهي الوصول إلى توحيد الله -تعالى-، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ).
عبادة الله
يجدر بالمسلم العلم بأنّ الله -تعالى- ما خلقه عبثا، وإنّما لعدّة حكم والتي منها عبادته، وتحقيق العبودية في النفس ، والعمل، والكون من حوله، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
إعمار الأرض وفق مراد الله وحكمه
بعد أن خلق الله -تعالى- آدم -عليه السلام- وحواء وأسكنهما الجنة، أمر -سبحانه- بنزولهما إلى الأرض والهبوط إليها وذلك لعدّة حكم منها ما يأتي:
- اتخاذ أنبياء، ورسل، وأولياء، وشهداء من الخلق ينالون محبته ورضاه لا سيما وأنّ ذلك أعظم الدرجات عند الله -تعالى-.
- كونه -سبحانه- الملك الذي يحكم، ويأمر، وينهى، ويُثيب، ويعاقِب، فكان لا بدّ من وجود مكان يُجري أحكامه تلك على خلقه.
- تمييز الخبيث والطيب من الخلق، فمَن كان طيباً كان أهلاً لمساكنته -سبحانه- في داره وبجواره، ومَن كان على خلاف ذلك فليس له إلّا دار الشقاء.
- إظهار أثر أسماء الله الحسنى كالغفور، والرحيم، والعفو، والحليم، فكان لا بدّ من وجود مكان تظهر فيه رحمة الله على خلقه، ومغفرته لهم، وعفوه وحلمه عنهم.
- تحقيق الإيمان بالغيب؛ لكونه أنفع الإيمان، فكان لا بدّ من وجود مكان يُتاح فيه ذلك.
أهمية العبادة للإنسان
تكمن أهمية العبادة للإنسان فيما يأتي:
- تعدّ العبادة أساس التوحيد والإيمان ، فمَن أفرد الله -تعالى- في العبادة لا بدّ أن يفرده في الخلق، والرزق، والملك، وبالأسماء والصفات، فإن لم يتحقق ذلك فهذا من شأنه أن يعد قدحاً في توحيد العبادة.
- تعدّ العبادة الدين كله ومنهج الحياة الذي أراده الله -تعالى- لخلقه، فلا تقتصر العبادة على الشعائر التعبدية من صلاة، وصوم، وحج، وزكاة، بل تشمل مناحي الحياة المختلفة من آداب الأكل والشرب، والحكم، وسياسة المال، والمعاملات، والعقوبات، ونحو ذلك.
- تشمل العبادة أركان الإسلام الخمسة ، حيث فال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وتُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً).
- يعدّ الإكثار من العبادة زمن الفتن هجرة إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وذلك لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الْعِبادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إلَيَّ).