الحضارة الآشورية وإنجازاتها
الآشوريون
يعد الباحثون، الآشوريين إحدى القبائل السامية التي هاجرت من الجزيرة العربية إلى بلاد الرافدين، وذلك في فترة هجرة الأقوام السامية عن جزيرة العرب، كما يعتقد بعض الباحثون، أنهم من الساميين الغربيين، حيث كانت هجرتهم من سورية إلى بلاد الرافدين، ويقسم المؤرخون التاريخ الأشوري إلى ثلاثة أقسام: العهد القديم، والعهد الوسيط، والعهد الحديث
وقد نزل الآشوريون في السهول الشمالية من بلاد الرافدين، وكانت تعرف باسم آشور، وهي سهول الموصل وكركوك، ونسبت الحضارة الآشورية إلى هذه المنطقة، التي أصبحت فيما بعد عاصمةً لدولتهم، وعبد الآشوريون الإله آشور، وهو الإله الرئيسي في الدولة، كما عبدوا، أداد، وإشتار، ونابو، واستعمل الآشوريون الكتابة المسمارية في لغتهم الآشورية، وهي من اللغات السامية القريبة من اللغة الأكادية
العهد الأشوري القديم
انتهز الآشوريون فرصة سقوط مملكة أور، فقد استقلوا عن مملكة أور، وقام الملك الآشوري الأول بوزور بتأسيس مدينة آشور، في أوائل الألف الثالثة قبل الميلاد، وكان هذا العهد كثير الاضطراب، إذ بقيت الدولة الآشورية في ظل نزاعات عسكرية، وقد برز الملك شمشي أدد الأول، الذي وصل إلى لبنان، ووجدت بعض الآثار للحضارة الأشورية في منطقة كبادوكيا، تعود للعهد الآشوري القديم.
العهد الأشوري الوسيط
يبدأ هذا العصر بعودة مدينة آشور إلى سلطة الآشوريون، بعد سقوط الدولة البابلية بيد الحثيون، وقد برز في هذا العهد عدد من الملوك الآشوريون، فقد استطاع الملك أريبا أدد التخلص من التبعية لمملكة الميتانيين، وقد استطاع الملك آشور أوبالط الأول، الذي هزم الملك الميتاني شوتارنا الثاني، توسعة حدود المملكة الآشورية على حساب الميتانيين، كما تمكن من تقوية العلاقات الدبلوماسية لمملكته، في بابل ومصر.
تلا آشور أوبالط في حكم المملكة الآشورية، أنليل نيراري، الذي تقاتل مع قوات الدولة الكاشية في موقعة شوكاكو، وقد كتب الطرفين انتصارهما على الآخر في هذه الموقعة، تلا الملك أنليل نيراري، الملك إريك دن ايلي، وقد قام هذا الملك بالعديد من الحملات العسكرية في إيران، وسوريا، وقام بإعادة بناء معبد آشور في العاصمة، كما هزم الملك الكاشي في بابل.
وفي عهد الملك شلمانصر الأول، تمكن الآشوريون من إخضاع الثورات في مدينة أورونا، وهزيمة القبائل في شرق تركيا، وقد تعرضت المملكة لمقاطعة تجارية فرضها الملك الحثي، وتلا الملك شلمانصر الأول ابنه توكلتي ننورتا، الذي سيطر على مناطق أكد وسومر وبابل، وقام ببناء عاصمة جديدة للمملكة في منطقة كالح التي تعرف باسم نمرود، وقد قُتل توكلتي ننورتا على يد ابنه.
وقد تلا هذا الملك ملوك ضعاف، إلى فترة الملك تجلات بلاسر، الذي حقق نجاحات عسكرية أمام الآراميين، ونجح في إخضاع بابل وقد انتعشت الحركة المعمارية في عهد تجلات بلاسر، فقد شيدت العديد من المعابد، كما قام بإعادة العاصمة إلى منطقة آشور، وقد تلاه أحد عشر ملكاً ضِعاف، حيث تعرضت آشور لهجمات الآراميين، وقد دب الانحلال في المملكة
العهد الآشوري الحديث
يقسم العهد الآشوري الحديث إلى فترتين هما كالآتي:
الإمبراطورية الآشورية الأولى
قام الملك آشور ناصر بال الثاني من نقل العاصمة الآشورية من مدينة آشور إلى كالح، وذلك لإبعادها عن تأثير الحضارة البابلية، كما استطاع آشور ناصر بال من إخضاع بلاد ما بين النهرين، والقبائل الآرامية، وقام بتقسيم المملكة إلى أقاليم، وقام الملك شلمانصر الثالث بغزو عاصمة المملكة الآرامية تل أحمر، وتمكن من السيطرة على أغلب المدن السورية.
وفي عهد شمشي أداد الخامس، واجه الآشوريون مملكة الميديين، ومملكة أورارتو، وقد تمكنت الدولتين من تقليل نفوذ الآشورين، كما قد زاد تأثير الحضارة البابلية في آشور، ويعود ذلك لزواج الملك الآشوري من سمو رامات البابلية، والتي حكمت المملكة الآشورية لمدة خمس سنوات، وقد كانت تعرف في الأساطير اليونانية باسم سميراميس
الإمبراطورية الآشورية الثانية
بدأ هذا العهد بعد أن قام تجلات بلاسر الثالث، بانقلاب عسكري، وقد بدأ عهده بإصلاحات، أدت إلى إضعاف سلطة الكهنة، ثم حاول القيام بتحطيم القوميات داخل حدود الإمبراطورية، إذ قام بترحيل المواطنين من أماكن إقامتهم إلى أماكن أخرى، كما حاول نشر اللغة الآرامية، وتأسيس المدن الجديدة، التي تحمل تقاليد ومظاهر الثقافة الآشورية
ثم انتقل الحكم إلى القائد العسكري سرجون الثاني، الذي اهتم بالمنشآت العمرانية، وإعادة سلطات الكهنة، وقد تلا سرجون الثاني، سنحارب، الذي استطاع صد هجوم المدن الفينيقية والقدس ومصر، وقام ابنه أسرحدون باحتلال مصر، وأصبحت ولاية تابعةً لآشور، وقام سرحدون بتقسيم المملكة بين ابنيه فقد، حصل شمش شوم على بابل، وحصل أشور بانيبال على نينوى، مما أدى إلى نشوب الحرب بينهما
المنجزات الحضارية
تمكن الآشوريون من بناء حضارة قائمة بحد ذاتها في بلاد الرافدين، فقد نمت التجارة في العهد الآشوري الوسيط، من خلال البحر المتوسط وشرق آسيا وشمالها، كما أن التماثيل الآشورية كالثيران المجنحة، ورسائل الملوك ودورياتهم وخطاباتهم، جعلت من تحديد العصر الآشوري أمراً ممكناً للباحثين، فقد استطاع علماء الآثار اكتشاف المدن الآشورية كمدينتي نينوى ونمرود
وقد استخدم الآشوريون المقاييس البابلية، مع القليل من التعديلات عليها، واستخدموا النقود النحاسية، والرصاصية، والفضية، في تعاملاتهم التجارية، كما قسموا السنوات إلى اثني عشر شهراً، وقاموا بالاحتفاظ بما قدمته الحضارات السابقة من خطوطات ونقوش، في مكتباتهم، وكان الطب الآشوري معتمدا على جذور ومساحيق نباتية، مع وجود الرقى لطرد الأرواح الشريرة.
مشروع سنحاريب
يعد هذا المشروع من أهم مشاريع الري في شمال العراق القديم، وكان الهدف من المشروع إيصال المياه الى العاصمة نينوى، حيث أمر سنحاريب بإنشاء سدين، على مجرى نهر الخوصر، ورافده الكومل، وبناء قناة تحمل المياه من النهر، ورافده الى الحقول في نينوى، وقد نُحتت على عيون النهرين كتابات ورسومات، تشرح ألية عمل المشروع
ري منطقة إربيل
وقد أنشئ هذا المشروع في عهد الملك سنحاريب أيضاً، وقد أمر بمد القنوات من نهر باستورة، على شكل انفاق، بطول عشرين كيلومتراً، حتى تصل الى مدينة أربيل وقد ذُكر هذا المشروع في كتابة مسمارية، تذكر خطوات قيام المشروع والمراحل التي مر بها
مشروع ري مدينة نمرود
أنشئ هذا المشروع لري مدينة نمرود في عهد الملك آشور ناصر بال، حيث بنيت القنوات المائية على نهر الزاب الكبير، وبلغ طول القناة ثمانية عشر كيلومتراً، ثم تمت توسعه في قنوات هذا المشروع في عهد الملك أسرحدون، وقد وجد الباحون عدة أثآر عن المشروع في لوح حجري على قمة النهر