الحساسية عند الأطفال
الحساسية عند الأطفال
تُعرّف الحساسية عند الأطفال (بالإنجليزية: Allergies in children) على أنّها ردة فعل مناعيّة تنتج بسبب استجابة الجهاز المناعيّ لدى الأطفال لموادٍ تُسمّى مسببات الحساسية (بالإنجليزية: Allergens) والتي تكون غير ضارة لمعظم الأشخاص، وبالرغم من أنّ الجهاز المناعي هو المسؤول عن حماية الجسم من المواد الضارة والمعدية؛ كالفيروسات والبكتيريا ، ولكنّ في الأشخاص المصابين بالحساسية فإنّه يتعامل مع مُسببات الحساسية على أنّها عوامل غازيّة للجسم ويُبدي ردّة فعل مفرطة استجابةً لذلك، ممّا يؤدي إلى ظهور أعراضٍ تتراوح بين انزعاجٍ خفيف إلى ضيقٍ شديد، ويُمكن أن يكون لحساسية الأطفال تأثيراتٍ عديدة عليهم، فقد تؤثر في صحتهم الجسدية والعاطفية، ومن شأن ذلك التأثير في سلوكياتهم وأنشطتهم اليومية؛ كالنوم واللعب، لأجل ذلك يُنصح بإجراء التشخيص والتدخل الطبي المُبكّر لتقليل آثار الحساسية السلبية في الطفل وتحسين جودة حياته، ومن الجدير بالذكر بأن أمراض الحساسية تُصيب نسبة لا بأس بها من الأطفال، فبحسب دراسة ذكرتها مجلة طب الأطفال وصحة الطفل (بالإنجليزية: Paediatrics and Child Health) في عام 2001م أن أمراض الحساسية تؤثر فيما نسبته 30-35% من جميع الأطفال، وتزداد نسبة الإصابة بها في السنوات الأخيرة.
أسباب الحساسية عند الأطفال
يُهاجم الجهاز المناعي المواد الضارة عادةً، ولكن في بعض الأحيان يقوم بمهاجمة مواد غير ضارة؛ كالغبار، وحبوب اللقاح ، والعفن، وهذا يحدث لدى الأطفال المُصابين بالحساسية حيثُ تعتقد أجسامهم بأنّ المواد المُسببة للحساسية مواد ضارة، فيقوم الجهاز المناعي بمهاجمتها عن طريق إفراز أنواع مُعينة من الأجسام المضادة تُعرف بالجلوبيولين المناعي هـ (بالإنجليزية: Immunoglobulin E) واختصارًا (IgE) والذي يرتبط بالخلايا الصاريّة (بالإنجليزية: Mast Cells)، ومن ثمّ يلتصق مُسبّب الحساسية بالأجسام المضادة، وهذا بحدّ ذاته يُحفّز الخلايا الصاريّة لإطلاق مجموعة من المواد الكيميائية ومن بينها الهيستامين (بالإنجليزية: Histamine)، فيتسبّب ذلك بردود فعل تحسسيّة، وفي حال تواجدت المُهيجات في الهواء ودخلت الأنف والجيوب الأنفية فحينها قد تُسبّب حساسية الأنف، وإذا وصلت الممرات التنفسية أو الحلق أو الرئتين فقد تُسبب سعال وأزيز وأعراض الربو المختلفة، كما ويُمكن أن تدخل المواد المُسبّبة للحساسية عن طريق الاحتكاك الجسدي المباشر معها وذلك عن طريق الجلد، أو قد تدخل عن طريق تناول مواد غذائية في حالات الحساسية الغذائية، وفي بعض الأحيان قد يُصاب الجسم بأكمله بردة فعل تحسسية ويمكن أن تكون شديدة، وقد يُعاني بعض الأطفال من الحساسية بأوقات معينة من العام أو قد تستمر طوال العام، وسيتم ذكر مُسببات الحساسية الشائعة فيما يأتي:
- الحساسية الموسمية المنقولة جواً: (بالإنجليزية: Seasonal Airborne Allergens)، وهي حساسية موسمية أي تحدث خلال أوقات معينة من السنة، وتنتج عند انتشار مُسببات الحساسية التي يتنفسها الطفل: كجزيئات الحشائش والأعشاب، وحبوب اللقاح التي تُطلقها الأشجار والأعشاب بهدف تخصيب النباتات الأخرى والتي تُعدّ السبب الرئيسي لهذا النّوع من الحساسية، وغالباً ما تُسمّى الحساسية الناتجة عن حبوب اللقاح بحمى القش (بالإنجليزية: Hay Fever)، أو الحمى الورديّة (بالإنجليزية: Rose Fever).
- الحساسية البيئية المنقولة جواً: (بالإنجليزية: Environmental airborne allergy)، وقد يستمر هذا النّوع من الحساسية طوال العام وينتج عن استنشاق مُسببات حساسية لا ترتبط بموسم مُعين وقد تكون موجودة طيلة العام، ومن هذه المُسببات:
- وبر الحيوانات الأليفة ولعابها، إذ ينتقل لعابها إلى وبرها أو ريشها عندما تلعَق الحيوانات نفسها، وعند جفاف اللعاب فإنّه يُصبح على هيئة جزيئات بروتينية محمولة في الهواء قد تستقر لاحقاً على الأثاث وأقمشة المنزل وتنتقل إلى الأطفال.
- عثّ الغبار (بالإنجليزية: Dust Mites)، وهي حشرات مجهرية تتغذى على الجلد الميت الذي يتساقط يومياً من جسم الإنسان، وهي أحد المكونات الرئيسية لغبار المنزل وتعيش في الفراش والأثاث والسجاد.
- العفن، ويُمثل فطريات تتواجد في البيئات الرطبة والدافئة، فيمكن أن تتواجد خارج المنزل أو داخله، فمن الممكن أن يتواجد العفن في الهواء الطلق بين أوراق الشجر المتعفنّة أو بين أكوام السماد، ومن الممكن أن تتواجد في المنازل تحديدًا في البيئات المغلقة والمظلمة ذات التهوية الرديئة كالحمامات، ومن الجدير ذكره أنّ العفن يميل لأن يكون موسميًّا إلّا أنّ البعض منه يمكن أن ينمو في جميع أوقات السنة وخاصةً التي توجد داخل المنازل والأبنية.
- الحساسية التلامسيّة (بالإنجليزية: Contact Allergies)، والتي تُصيب بعض الأطفال، وعادةً ما تؤثر في المنطقة التي لامست مُسبب الحساسية فقط، وتتمثل بإظهارهم ردود فعل تحسسية تجاه بعض المواد الموجودة في الحفاظات ومناديل الأطفال والملابس التي تحتوي على أصباغ، وواقيات الشمس، ويتضمّن هذا النوع حساسية اللاتكس (بالإنجليزية: Latex Allergies) والتي تنتج بسبب التلامس مع المواد الموجودة في القفازات الطبية، ومن الجدير بالذكر أنّ حساسية اللاتكس يُمكن أن تكون خطيرةً جداً.
- الحساسية الناتجة عن لدغة الحشرات: (بالإنجليزية: Insect Sting Allergies)، كالحساسية التي تنتج عن لدغات النحل ، أو الدبابير، أو النمل الناري، وحشراتٍ عديدة أخرى، وفي بعض الأحيان قد تكون حساسية الحشرات خطيرة للغاية.
- الحساسية الغذائية: (بالإنجليزية: Food allergies)، وتُسمى حساسية الطعام، وتتمثل بظهور أعراض تتراوح ما بين غير المريحة إلى المهددة للحياة، وبالرغم من أن بعض أعراض حساسية الطعام مشابهة لأعراض حالة عدم تحمل الطعام (بالإنجليزية: Food intolerance)؛ إلّا أنّ الأخيرة لا تؤثر في استجابة الجهاز المناعيّ على عكس حساسية الطعام ، وفي هذا السياق يُشارإلى أنّ الحليب، والبيض، والقمح، وفول الصويا، والمكسرات، والفول السوداني من أكثر مُسببات حساسية الطعام شيوعاً لدى الأطفال، ومن الجدير ذكره أنّ المحار والمكسرات والفول السوداني فهي المُسببات الأكثر شدّة لحساسية الطعام، وغالباً ما تظهر الحساسية الغذائية لدى الأطفال الصغار والرُضّع بسبب الحليب وفول الصويا، وقد يُعاني بعض الأطفال من الحساسية تجاه المواد المُضافة على الأطعمة، ومن الجدير بالذكر أنّ حساسية الطعام لدى لأطفال قد تنتج عن تناولهم الأطعمة المُسببة لذلك، وفي بعض الأحيان قد تنتج بمجرد لمسها أو استنشاقها، وتندرج تحت هذا النّوع من الحساسية التحسّس الذي ينتج عن تناول بعض أنواع الأدوية، كالمضادات الحيوية التي تُعد أكثر الأدوية المُسببة للحساسية شيوعاً، بالإضافة إلى أنواعٍ أخرى من الأدوية التي لا تحتاج وصفة طبية لصرفها.
يجب التنويه إلى أنّ الحساسية يمكن أن تؤثر في أيّ شخصٍ بغضّ النظر عن العمر، والجنس، والوضع الاقتصادي، والعرق، والحالة الإجتماعية، إلّا أنّها أكثر شيوعاً لدى الأطفال، وبخاصّة: حساسية الطعام أو حساسية الجهاز الهضمي ، والحساسية الجلدية، والحساسية التنفسية وذلك بحسب ما نشرته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention) عام 2013م، وبشكلٍ عام قد تتطوّر الحساسية بشكلٍ تدريجي مع مرور الوقت، وقد تحدث لفترةٍ زمنية وتختفي بعد ذلك لتعاود الظهور مرةً أخرى فيما بعد، وتميل الحساسية لأن تكون وراثية في بعض العائلات ولكنّ السبب الدقيق غير مفهوم لغاية الآن، ويُعنى بالوراثية انتقالها من الآباء إلى الأبناء عبر الجينات، وليس من الضروري أن تنتقل الحساسية من الأبوين لجميع أطفالهم بشكلٍ مؤكد، كما أنّه من الممكن أن يُصاب الأطفال بالحساسية بالرغم من عدم امتلاكهم أقرباء مصابين بها، وفيما يتعلق بالأطفال الذين يعانون من حساسية تجاه مادةٍ ما فتكون احتمالية إصابتهم بالحساسية تجاه موادٍ أخرى أكبر مُقارنةً بالأصحّاء.
أعراض الحساسية عند الأطفال
تظهر أعراض الحساسية بشكلٍ فوري في غضون بضع دقائق أو ما يصِل إلى ساعةٍ أو ساعتين بعد التعرّض لمُسبب الحساسية؛ كملامسة الطفل للمادة التي يُعاني من تحسّس تجاهها أو تناولها، أو قد تظهر أعراض الحساسية بشكلٍ تدريجي على مدى عدة ساعات، إلّا أنه وفي أحيانٍ أخرى قد تحدث ردود الفعل التحسسية بشكلٍ متأخر؛ أيّ قد يتعرض الطفل لمُسبب التحسس فتظهر الأعراض بعد عدة ساعات ٍأو أيام، ومن الجدير ذكره أنّ ردود الفعل التحسسية تتطوّر بصورةٍ أساسية في الجلد، وبطانة المعدة، والأنف، والرئتين، والحلق، والجيوب الأنفية ، والعينين، نظرًا لكون هذه الأجزاء تُشكّل أماكن تواجد الخلايا المناعيّة المسؤولة عن محاربة الأجسام الغريبة التي يتمّ التعرّض لها، وتختلف شدّة الأعراض من طفلٍ لآخر ومن مُسبّبٍ للحساسية لآخر، كما وتؤثر بيئة المكان الذي يعيش به الطفل في شدّة ونوع الحساسية التي تُصيبه.
ردود الفعل التحسسيّة الخفيفة أو المعتدلة
عندما يعاني الطفل من ردود فعل تحسسية ذات شدّةٍ خفيفة أو معتدلة قد تظهر عليه واحدة أو أكثر من الأعراض التالية:
- طفح جلدي، أو شرى (بالإنجليزية: Hives)، أو كدمات .
- انتفاخ الوجه، أو العينين، أو الشفتين.
- الشعور بحكّة ووخز في الفم.
- علامات الإكزيما (بالإنجليزية: Eczema)؛ وذلك بظهور بقع جافة حمراء ومتقشرة.
- حمى القش وما ينتج عنها من أعراض؛ كسيلان الأنف واحتقانه، والعطاس، وسيلان الدموع، وحكة واحمرار في العين، ومشاكل الأذن المزمنة.
- أعراض الربو (بالإنجليزية: Asthma)؛ وما يرافقه من ضيق في التنفس، وسعال، وأزيز.
- ألم في المعدة، أو إسهال، أو تقيؤ، ويجب التنويه إلى أنّه في حال ظهرت هذه العلامات بعد إصابة الطفل بلدغة حشرة ما، فهذا يدل على أنّه يُعاني من رد فعل تحسسي شديد.
ردود الفعل التحسسية الشديدة والمفرطة
قد تكون بعض ردود الفعل التحسسيّة شديدة ومفرطة بما يُهدد الحياة ويستلزم إجراء تدخل طبي طارئ، وغالباً ما ينتج عنها واحداً أو أكثر من الأعراض التالية:
- صعوبة التنفس أو التنفس المزعج.
- إحساس بالدوخة المستمرة أو الإغماء.
- سعال مستمر أو أزيز.
- انتفاخ وضيق في اللسان والحنجرة.
- بحة الصوت.
- صعوبة في الكلام.
- شحوب وارتخاء عند الأطفال الصغار.
- إسهال وألم في المعدة وقيء بعد التعرض للدغة حشرة.
تشخيص الحساسية عند الأطفال
يقوم الطبيب المعالج بالاستفسار عن العلامات والأعراض التي يشكو منها الطفل، وما إن كان قد تعرّض لأيٍّ من المواد المُسببة للحساسية، وعمّا إذا كان يُعاني من أيّ حساسية، ويتمّ ذلك كأولى الخطوات التشخيصية للكشف عن إصابة الطفل بالحساسية، ومن ثمّ سيكشف على أنف الطفل، وحلقه، وأذنيه للبحث عن أيّ علاماتٍ محتملة، وقد يطلب بعض الفحوصات في حال كان الطفل يُعاني من الحساسية المفرطة وخاصةً إذا تعرض لمحفّز ثم مارس الرياضة والتي تُسمّى فرط الحساسية الناتج عن ممارسة الرياضة (بالإنجليزية: Exercise-Induced Anaphylaxis)، ففي حال أظهرت الفحوصات أنّ الطفل يُعاني من الحساسية يجب أن يُرافق نتائج الفحوصات أعراض للتحسس بما يُمكّن من تأكيد تشخيص إصابته بهذه الحالة، فعلى سبيل المثال في حال أظهرت نتائج الطفل أنّه مصاب بحساسية عث الغبار وعند ممارسته اللعب على الأرض أُصيب بالعُطاس فحينها يُشخص بأنه يُعاني من حساسية عث الغبار وهكذا، وبناءً على ما سبق يُمكن القول بأنّ تشخيص الحساسية يعتمد على أخذ التاريخ الطبي وإجراء الفحص الجسدي إضافةً إلى مجموعةٍ من الفحوصات الأخرى، والتي نذكر منها ما يأتي:
- فحوصات الدم: يتم إجراء تحاليل الدم للكشف عن مستويات الأجسام المضادة من نوع الجلوبيولين المناعي هـ الخاصّة بأنواعٍ مُعينة من مسبّبات الحساسية، وأهم هذه الفحوصات وأكثرها شيوعاً اختبار المقايسة المناعية الشعاعية (بالإنجليزية: Radioallergosorbent test).
- اختبار الجلد: وهو فحص سريع يستغرق ما يقرُب 15 دقيقة، ويُعدّ أكثر دقة من تحاليل الدم المُستخدمة لذات الغرض، حيث يعتمد الفحص على قياس مستويات الجلوبيولين المناعي هـ الناتجة عن ردود الفعل التحسسية تجاه أنواعٍ مُحددة من مُسببات الحساسية، ويتمّ إجراء الفحص عن طريق استخدام محلول من مسببات الحساسية المُحددة والمُخففة، ومن ثمّ يقوم الأخصائي بوخز سطح الجلد بهذه المحاليل، ومراقبة ما ينتج عن ذلك، ومن الجدير ذكره أنّ نتيجة هذا الفحص لا تُعدّ حتمية؛ بمعنى أنّ حدوث رد فعل لا يعني بالضرورة أنّ الطفل يُعاني من الحساسية.
- اختبار التحدي: (بالإنجليزية: Challenge test)، وفيه يتمّ إعطاء كميةٍ ضئيلةٍ جداً من مُسبّب الحساسية عن طريق الفم أو بواسطة استنشاقها، ومراقبة ردود الفعل التحسسية التي قد تحدث، ويجب أن يشرف على هذا الفحص أخصائي الحساسية.
علاج الحساسية عند الأطفال
يتمّ تحديد العلاج المناسب للطفل المُصاب بالحساسية بناءً على عدة عوامل، منها: عمر الطفل، و سيرته الطبية، وشدة المرض، والصحة العامة للطفل، وقدرته على تحمّل أدويةٍ وإجراءاتٍ علاجية مُعينة، وتوقعات سير المرض، والتفضيلات الشخصية، ولعلّ أكثر الطرق العلاجية فعالية تتمثل بالابتعاد عن مسببات الحساسية وتجنّبها، والعلاجات المناعية، والعلاجات الدوائية.
تجنب مسببات الحساسية
يُنصح بتجنب مُسببات الحساسية والابتعاد عنها قدر الإمكان، وفيما يأتي أهم النّصائح التي تساعد على ذلك:
- البقاء في المنزل خلال مواسم انتشار حبوب اللقاح وفي الأيام العاصفة.
- استخدام التكييف بدلاً من فتح النوافذ للتبريد.
- التخلص من الغبار في المنزل؛ وخاصّة في أماكن تواجد الطفل كغرفة نومه.
- تطبيق مزيلات الرطوبة في الأماكن التي يوجد بها رطوبة مع الحرص على تنظيفها باستمرار.
- الاستحمام وتغيير الملابس بعد الانتهاء من اللعب في الخارج خاصةً في فترات ارتفاع أعداد حبوب اللقاح.
العلاج المناعيّ
يُستخدم العلاج المناعي أو كما يُسمى جرعات الحساسية (بالإنجليزية: Allergy Shots) أو تخفيف التحسّس (بالإنجليزية: Hyposensitization) للأطفال المصابين بالربو وحمى القش، ويُلجأ لهذا الخيار في حال لم تُفلح الأدوية والابتعاد عن مُسببات الحساسية في السيطرة على الحالة لدى الطّفل، وفي العلاج المناعي يتمّ إعطاء الطفل جرعاتٍ صغيرةٍ جداً من مسببات الحساسية على شكل خليط يحوي حبوب اللقاح المختلفة، ووبر الحيوانات، وعث الغبار، والعفن ؛ ويُسمّى هذا الخليط بمستخلص الحساسية (بالإنجليزية: Allergy Extract)؛ ولا يحتوي الخليط على أيّ نوع من الأدوية، ويكون على شكل حقن تُعطى غالباً تحت الجلد في الأنسجة الدهنية للجزء الخلفي من الذراع ولا تُسبب ألمًا كما هو الحال في الحقن العضلية، أو على شكل قطرات، أو أقراص تحت اللسان متاحة لأنواعٍ محددة من الحساسية فقط، ويستمر العلاج المناعي لمدة سنوات يتم خلالها زيادة الجرعة ببطء وقد تبدأ أسبوعياً ثم يتم إعطائها كل أسبوعين وأخيراً مرة واحدة كل شهر، وذلك بهدف تعويد الجسم على مسببات الحساسية وبناء مناعة ضدها وبالتالي لا يتفاعل معها بشدة عند التعرض لها، وقد لا تُعالج هذه الطريقة الحساسية بشكلٍ نهائي إلّا أنّها تُخفف شدّتها، وبالتالي تقل حاجة الشخص للأدوية، ولكن قد يستغرق الأمر من 12-18 شهر قبل ملاحظة حدوث انخفاض ملموس في أعراض الحساسية، إلّا أن لدى بعض الأطفال قد يُلاحظ انخفاض الأعراض في غضون 6-8 أشهر، ويكون إيقاف العلاج مُتاحًا للأطفال بعد 5 سنوات وستستمر الفائدة المُتحققة من استخدامها، أيّ قد يحتاج هذا العلاج لبعض الوقت لتحقيق المفعول المرجو، لأجل ذلك سيحتاج الطفل للاستمرار في تناول أدوية الحساسية الموصوفة من قِبل الطبيب المختص، مع الاستمرار في تجنّب مُسببات الحساسية أيضًا، وقد يظهر للعلاج المناعي بعض الآثار الجانبية؛ التي قد تكون موضعية كالانتفاخ والاحمرار موضِع الحقن، والتي في حال استمرارها يتمّ التعديل على الجرعات أو الجدول الزمني لها، وقد تكون الآثار جهازيّة بحيث تؤثر في الجسم بأكمله؛ فتُسبّب احتقان الأنف ، والانتفاخ، وانخفاض ضغط الدم، والعطاس، والشرى، وقد تكون خطيرة ومهددة للحياة في حال لم تُعطى وفقًا لتوصيات الطبيب وإرشاداته.
العلاجات الدوائية
يُنصح بعدم إعطاء بعض العلاجات الدوائية للأطفال الصغار والرُّضع دون وصفة طبية وذلك حسبما نشرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (بالإنجليزية: The American Academy of Pediatrics)، لأجل ذلك يجب استشارة الطبيب قبل إعطاء الطفل أيّ نوعٍ من الأدوية، وفيما يأتي ذكر لبعض أنواع الأدوية المستخدمة في علاج الحساسية:
- مضادات الهستامين: (بالإنجليزية: Antihistamines)، كما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ الجسم ينتج أثناء الحساسية مادة تُسمّى الهيستامين، ولأجل ذلك يتم وصف أدوية تحتوي على مضادات الهستامين بهدف تقليل أو منع أعراض التهاب الأنف التحسسي، وتقليل الحكّة المصاحبة للإكزيما وحمى القش، والسيطرة على أعراض الحساسية الأخرى، وقد يقوم الطبيب بالتوصية بأخذها بانتظام أو فقط عند الحاجة، وتأتي مضادات الهستامين على شكل أقراص، أو كبسولات، أو شراب، أو حقن، أو على شكل بخاخات ورذاذ في الأنف تعمل بشكلٍ موضعي لتخفيف الأعراض، إلّا أن بعض الأطفال قد يخجلون من استخدام رذاذ الأنف ويفضلون الأشكال الدوائيّة التي تؤخذ عن طريق الفم، ومن الجدير ذكره أنّ مضادات الهستامين متاحة في الصيدليات دون وصفة طبية أو بوصفةٍ طبية، مع التأكيد على أهمية استشارة الطبيب والأخذ بتوصياته بشأن استخدامها والأنواع الأنسب منها للطفل، ومن الجدير بالذكر أنّ التركيبات الدوائية الجديدة لمضادات الهيستامين تُسبّب نعاساً أقل مُقارنةً بتلك القديمة.
- مزيلات الاحتقان: (بالإنجليزية: Decongestants)، وتُستخدم لعلاج أعراض نزلات البرد والحساسية، وتقليل احتقان الأنف، فهي تعمل على تضييق الأوعية الدموية وبالتالي إزالة الاحتقان، وتتوافر بعدّة أشكالٍ صيدلانية، وأكثرها شيوعاً تأتي على شكل بخاخات أنفية، أو قطراتٍ للأنف، أو أقراص، أو سوائل، وتتوفر بوصفة أو من دون وصفة طبية، ولكن لا يُنصح بمزيلات الاحتقان الفموية للأطفال بناءً على توصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، ولا يُنصح بها بجميع أشكالها الصيدلانية للأطفال ممّن تقل أعمارهم عن 4 سنوات، إذ قد تُسبّب هذه الأدوية للأطفال مشاكل في النوم، وقلق، وفرط في النشاط، وازدياد في سرعة دقات القلب، كما يُوصى بعدم استخدام قطرات الأنف والرذاذ لفتراتٍ طويلة، حيث يمكن أن يُسبّب تأثيرًا انتكاسيًا (بالإنجليزية: Rebound Effect)؛ أيّ أنّ الاستخدام المستمر لمزيل الاحتقان قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض بسبب اعتماد الجسم على الدواء.
- علاجات أخرى للحساسية: قد يحتاج الطفل علاجات دوائية مختلفة اعتماداً على نوع التحسس المُصاب به، مثل مراهم الكورتيكوستيرويد (بالإنجليزية: Corticosteroid Ointments) في حال إصابته بالأكزيما، وأجهزة الاستنشاق في حال إصابته بالربو، وبخاخات الأنف التي تحتوي على الكورتيكوستيرويد (بالإنجليزية: Nasal corticosteroid sprays) في حال إصابته بحمى القش، كما أنه وفي بعض الأحيان يوصى باستخدام كرومولين الصوديوم (بالإنجليزية: Cromolyn Sodium) المتاح بدون وصفة طبية كرذاذ أنفي، لمنع أعراض الحساسية الأنفية، وقد يُوصف بشكلٍ يوميّ بهدف الحدّ من المشاكل المزمنة، أو قد يقتصر استخدامه على فترة قصيرة من الزمن، وتكاد آثاره الجانبية تكون محدودة إلّا أن فعاليته ليست عالية، ويتطلب تكرار استخدامه بشكلٍ مُستمر وقد يصعّب على البعض استخدامه بشكلٍ منتظم وثابت.
علاج الحساسية المفرطة
عند إصابة الطفل بالحساسية المفرطة (بالإنجليزية: Anaphylaxis) لأول مرة يجب أن يتم إحالة المريض لطبيب الحساسية لإجراء تشخيص كامل للحالة ووصف العلاج المُلائم للحالات الطارئة، فالحساسية المفرطة حالة طبية طارئة تستدعي الاتصال بالطوارئ على الفور، ويتم وصف الإيبنفرين الجاهزة للحقن (بالإنجليزية: Epinephrine Auto-Injector) لاستخدامها في الحالات الطارئة وحقنها بشكلٍ فوري عند تطوّر أعراض هذه الحالة لدى من هم مُعرضين للإصابة بها، ويُمكن إعطاؤه جرعة أخرى بعد مضي خمس دقائق من الجرعة الأولى إذا لم تتحسن الأعراض، مع ضرورة الاتصال برقم الطوارئ أو اصطحاب الطفل لأقرب مستشفى، ونظراً لأن الأعراض قد تختفي ثم تعود بعد عدة ساعات وحتى في حال أخذ العلاج المناسب، فقد يتم إبقاء الطفل تحت المراقبة الطبية في المستشفى لفترة من الزمن، وهناك بعد النصائح التي يجب اتباعها عند تطوّر أعراض الحساسية المفرطة، ومنها ما يأتي:
- التعامل بهدوء وتروي.
- المحافظة على وضعية الطفل وجعله مستلقي.
- القيام بفحص مجرى التنفس؛ فإذا واجه الطفل صعوبةً في الكلام أو التنفس، أو أصبح صوته مبحوحًا أو تنفس بصوتٍ عالٍ؛ فهذه دلائل على أنّ حلق الطفل قد انتفخ.
- تجنّب إعطاء الأدوية عن طريق الفم في حال معاناة الطفل من صعوبة التنفس.
- الاهتمام بتعلّم كيفية استخدام الحاقن التلقائي من قِبل الأهل والطفل ومن يتعامل مع الطفل ووقت استخدامه، وذلك بما يُمكّن من التعامل مع الحالة عند الحاجة لذلك.
- القيام بوضع الحاقن التلقائي للأدرينالين في مكان مناسب يسهل الوصول إليه.
- الاهتمام بوضع أسوارة طبية بيد الطفل لإعلام الآخرين بإصابته بالحساسية.