الحبكة في مسرحية أهل الكهف
الحبكة في مسرحية أهل الكهف
يمكن تناول الحبكة في مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم من جوانب عدة، مثل الصراع الدرامي وسرعة الحبكة وما إلى هنالك، وفيما يأتي تفصيل الحبكة في مسرحية أهل الكهف:
الصراع الدرامي
لقد جعل الكاتب توفيق الحكيم الصراع الدرامي في المسرحية يدور ضدَّ الزمن، وذلك من أجل نيْل الحياة أولًا ثمَّ الحب ثانيًا، ويشغل هذا الصراع المساحة الأكبر من المسرحية، ويوجد صراع رمزي آخر يُحرّكه توفيق الحكيم من خلال تناقض الشخصيات وحوارها، وهو صراع بين العقل والقلب والحواس، إذ تمثِّل شخصية مرنوش العقل، وتمثل شخصية مشلينا القلب، أما شخصية يمليخا فتمثل الحواس، ولكن رغم ذلك الصراع الرمزي الدائر بين تلك الثلاثية يبقى الصراع الأكبر الذي يواجهونه هو الصراع ضدَّ الزمن.
وتُشير العديد من المواقف والحوارات على الصراع الدرامي في المسرحية، ومن أبرز تلك الأدلة قوْل يمليخا عن ذلك وعن الصراع الخاسر مسبقًا: "إنَّنا لا نصلح للحياة، إنَّنا لا نصلح للزمن، ليست لنا عقول، لا نصلح للحياة"، كما توضَّحت مشكلة الصراع جليةً في الحب الذي كان بين مشلينا وبريسكا، وأصبح مع الزمن وهمًا وسرابًا، وذلك بسبب عوائق الزمن الهائلة.
انعكاس للواقع المصري
تعكس الحبكة في مسرحية أهل الكهف أحوال مصر في ثلاثينيات القرن العشرين، وذلك عندما كانت تحت الاحتلال الأجنبي والنظام المستبد الملكي المطلق، إضافةً إلى الجهل والتخلف الذي كان يحيط بها، وكان النظام يقمع حريات الناس ويُسكت أصوات الفكر الحر التي تدعو إلى التنوير والتحرر، ويعمد إلى قتل قوة الشباب والحياة.
حيثُ كان الصراع بين أهل الكهف الذين يمثلون الشباب في المجتمع، والملك الظالم ديقانوس الذي يمثِّل النظام الملكي المستبد، أمَّا الصراع ضدَّ الزمن في المسرحية والذي بدا ثقيلًا على أصحاب الكهف فإنَّه يمثِّل الزمن الثقيل الذي كان يمرُّ على مصر في تلك الحقبة، ولكنَّ مصر تؤمن بالبعث والنهوض مرة أخرى كما مثلت المسرحية.
الحب بين مشلينيا وبريسكا
لقد أجاد الحكيم في إدخال قصة حب جديدة بين مشلينيا وبريسكا، فعندما خرج مشلينيا من الكهف وتعرف على بريسكا، عرف أنَّها حفيدة حبيبته القديمة، ولكنَّها تُشبهها في الاسم والشكل أيضًا، وقد وقعت بريسكا الحفيدة في حبِّ مشلينيا، وهذا ما أدخل على الحبكة فكرةً متميزةً عن قصة أصحاب الكهف التراثية، غيْر أنَّ الحكيم أعاد مشلينيا إلى الكهف مرة أخرى مع أصدقائه.
رغم أنَّ مشلينيا قد وجدَ أمرًا يربطه بالحياة من جديد، وهو رابط يمكن القول بأنَّه نفس الرابط الذي اندفع خارجًا من الكهف من أجله، ولكنَّ الحكيم رأى أن يعيده إلى الكهف مع أصدقائه، وذهبت بعض الآراء إلى أنَّ الحبكة بهذه الطريقة أخذت منحى تنازليًا، خصوصًا عندما جعل بريسكا ترافق مشلينيا إلى الكهف حتى تموت معه.
العودة إلى الكهف
أشار العديد من النقاد إلى أنَّ الحبكة في نهاية مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم اقتضت بأنْ يعود فتية الكهف إلى الكهف حيثُ كانوا حتى يموتوا مرةً أخرى بعد أن عرفوا الحقيقة، وعرفوا أنَّ الزمان تجاوزهم بنحو 300 سنة، ولكنَّ الحدث غير المنطقي هو عودتهم إلى الكهف.
حيث أنَّه لم يكن على توفيق الحكيم أنْ يُعيدهم إلى الكهف ويُنهي القصة بتلك النهاية الدرامية، خصوصًا أنَّ العالم الذي خرجوا إليه كان ضاجًّا بالإيمان والحب الذي كانوا ينشدونه قبل دخول الكهف، ولم تدفع أحداث المسرحية إلى عودتهم إلى الكهف، وقد ذهب بعض النقاد إلى انكسار الحبكة في هذا الحدث قد يكون سببه العجْز الفني كون المسرحية مستلهمة من لا نبض الواقع.