الحب من أول نظرة في الإسلام
الحب من أول نظرة في الإسلام
إنًَّ الإسلام دين سماوي شمل على جوانب الحياة جميعها، ومن عاش في هَدي هذا الدين تحققت سعادة حياته ومماته، إذ شمل جوانب الإنسان جميعها: القلبيّة والجسديّة والحسيّة والمعنويّة.
فقد أتت مجموعة من الأدلة الشرعية التي تُبين للعبد كيف يستطيع أن يحفظ قلبه من أن يُفتتن بعلاقة غير مُباحة له، ثم بيّنت للمرء كيف يتعامل مع هذه المواقف إن وقعت، وقد دعت الشريعة الإسلاميّة لعدد من الأمور الوقائية، بيانها ما يأتي:
غض البصر
قال -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)، وقال -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)، فإنَّ النظر من أهم منافذ القلب، ومن قيَّد نظره في عدم النظر إلى مُحرَّم أبداً، كان من السهل عليه ضبط قلبه والتحكم بمشاعره، فإنَّ إطلاق البصر بغير قيد ولا ضابط يوقع صاحبه في الهوى، وعذاب القلب، والتعلُّق بما ليس له.
ضبط الاختلاط
إنَّ الشريعة الإسلامية جعلت ضوابط في اختلاط الرجل الأجنبي بالمرأة ومنها؛ عدم تبرج النساء وغض البصر للرجال، وأن لا يكون الاختلاط إلا لضرورة، ومن الأساليب التي وضعها الإسلام لحماية العبد من الاختلاط، ما يأتي:
- تحريم الدخول على المرأة الأجنبية والخلوة بها.
- تحريم سفر المرأة بغير محرم.
- تحريم النظر المتعمد كل منهما إلى الآخر.
- تحريم تشبه الرجال بالنساء والعكس.
- تحريم دخول الرجل على النساء.
- تحريم مس الرجل المرأة الأجنبية عنه.
فرض الحجاب على المرأة المسلمة
إنَّ فرض الحجاب على المرأة أحد أهم الأسباب الوقائية لحفظ القلب من أي علاقة ستتعبه ولا تُرضي الله عنه، فهو فرض على المرأة المسلمة، وقد حرَّم الإسلام التبرج وإظهار مفاتن المرأة، وذلك لحمايتها ولإبعاد لفت نظر الرجل الأجنبي عنها.
حكم الحب من أول نظرة
إن وقع العبد في الحب بلا قصدٍ منه ولا سعي للوصول لهذا الحب مع أخذه بغض البصر وحفظ نفسه من الاختلاط، فإنَّه لا يأثم بهذا الحب؛ وذلك لأنَّه خارج عن إرادته، فهذا هو ميل القلب الذي لا يستطيع العبد التحكم فيه.
ولا بُدَّ من العلم أنَّ هذا الحب يختلف عن الحب الذي سعى المرء لاختياره، وكان فيه مراسلات وغزل وتجاوز للحدود التي أمر الله بها في حدود العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، من لقاءات وكلام وإطلاق للبصر، فإنَّ هذا محرم وعواقبه سيئة على القلوب والعلاقات وتدمر الأسر، وغيرها الكثير من العواقب الوخيمة.
كيفية تعامل المسلم مع الحب من أول نظرة
في ما سبق تم ذكر بعض الإجراءات الوقائية التي تُعين العبد من عدم تعلُّقه بما لا يحلُّ له، وفي ما يأتي عدد من الإجراءات العلاجية التي يجب أن يتعامل بها العبد إن وجد بقلبه مشاعر تجاه امرأة أجنبية عنه، أو وَجدت المرأة مشاعر تجاه رجل أجنبي عنها:
- محاولة حصر المشاعر، وقطع تسلسلها
وذلك لأنَّ المرء إن تماشى مع تفكيره بفكرةٍ ما وأكثر من استحضارها فإنَّها تتحول إلى واقع، ولذلك حذرت الآية الكريمة أن يتبع المرء خطوات الشيطان، لأنها ستوقعه في المحرم، قال -تعالى-: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر)، فكل المعاصي سببها تتبع خطوات الشيطان، ولا توجد فاحشة أو منكر إلا بسببه.
- صرف النظر وعدم المتابعة فيه
سأل جابر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النظر الذي يحدث بلا قصد، فقال: (سألتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-عن نظرةِ الفَجْأةِ، فقال: اصرِفْ بَصَرَك)، وفي حديثٍ آخر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلِّي: (يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ، فإنَّ لَكَ الأولى، وليسَ لَكَ الآخرةُ).
- الحرص على إبداء الجدية
فيحاول الشاب الوصول إلى أهلها بطريق مشروع إن كان على مقدرة من الزواج منها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ)، فأفضل علاج للرجل إن أحب المرأة أن تصبح هذه المرأة زوجته، فإن نكحها فالمحبة ستزداد في قلبه.
- تعلّق القلب بالله -عز وجل-، وتذكيره بالله حتى لا يكون في قلبك حباً غير حب الله، فيستغني بهذا الحب عن كل حب.
- شغل الجوارح بالأعمال، ومن هذه الأعمال الصيام.
- الدعاء، يحاول العبد أن يطلب من الله تيسير له الزواج بمن تعلَّق قلبه به إن كان هناك استطاعة، أو أن يصرف عن قلبه التعلُّق إن لم يكن مستطيعاً.