الحاجب المنصور (سياسي أندلسي)
من هو الحاجب المنصور؟
هو محمد أبو عامر بن عبد الله أبي حفص بن محمد بن عبد الله بن عامر بن محمد أبي عامر بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري، والمعروف باسم محمد بن أبي عامر، ويشتهر أكثر بالحاجب المنصور، وهو أحد أشهر القادة العسكريين والسياسيين في فترة الخلافة الأموية في الأندلس ، فكان حاجب الخليفة هشام بن الحكم ولكنَّه في الحقيقة كان الحاكم الفعلي للدولة.
نبذة عن حياة الحاجب المنصور
ولد الحاجب المنصور في الجزيرة الخضراء في عام 939م، في عائلة عريقة تعود أصولها إلى بلاد اليمن، وقد كان والده رجلًا تقيًا ورعًا، وفي شبابه انتقل محمد بن أبي عامر إلى مدينة قرطبة من أجل دراسة الحديث والفقه، واستطاع في المسجد الجامع أن يتميز على أقرانه، فقد درس الحديث عند أبي بكر بن معاوية القرشي وهو راوي النسائي .
كما درس الأدب عند أبي علي البغدادي، لكنَّه رغم ذلك اضطرَّ إلى التخلي عن دراسته بسبب وفاة والده أثناء عودته من الحج وبسبب ظروف أهله الصعبة، توجَّه بعد ذلك إلى العمل ومارس مهنة كاتب عدل ، إذ افتتح دكانًا صغيرًا قرب مسجد قرطبة، وقرب قصر الخليفة، وراح يكتب فيه عراض لأصحاب الأعمال ورسائل مختلفة، فجذب الأنظار إليه لبراعته.
تدرج الحاجب المنصور في الحكم
أعجب الحاجب المصحفي حاجب الخليفة الحكم المستنصر بكاتب العدل محمد بن أبي عامر، ورشحه لدى الخليفة ليكون وكيلًا لابنه عبد الرحمن، فوافق الخليفة على ذلك بعد موافقة زوجته صبح البشكنجية، بعد ذلك تولَّى خطة المواريث، ثمَّ أصبح قاضيًا على كل من لبلة وإشبيلية والمناطق التابعة لهما، وبعد وفاة عبد الرحمن صغيرًا بقيَ يخدم زوجة الخليفة، وعندما أنجبت ابنها هشام أصبح وكيلًا له أيضًا.
بعد ذلك عينه الخليفة على الشرطة الوسطى، في هذه الفترة تزوج الحاجب أخت رئيس حرس الخليفة، وعيِّن رئيسَ دار السكة، وفي أواخر حياة الخليفة عينه قائد الشرطة وهو المنصب الذي يلي منصب الحاجب المصحفي، وبعد وفاة الخليفة حصل على منصب الحجابة.
أعمال الحاجب المنصور
نجحَ الحاجب المنصور في جميع المناصب والمهمات التي أُوكل بها وترك أعمالًا تشهد على ذلك، وفيما يأتي أهم أعماله:
- في الحروب والغزوات
بعد وفاة الخليفة الحكم المستنصر نقضت الممالك المسيحية العهود مع المسلمين، وعادوا لغزو البلاد الإسلامية ، فتردد الحاجب المصحفي في ردِّ ذلك الاعتداء، فانتفض محمد بن أبي عامر وطلب تجهيز جيشٍ كبير وانطلق في أول غزواته، واستعاد ربضة والحامَّة وعاد بغنائم كثيرة، وتابع غزواته باتجاه قشتالة، ففرح المسلمون بذلك، فأمر الخليفة هشام بعزل الحاجب المصحفي وتعيين محمد بن أبي عامر حاجبًا جديدًا، واستطاع ضبط الأوضاع في قرطبة.
استطاع الحاجب المنصور أن يخمد ثورة زيري بن عطية والحسن بن كنون في المغرب، واستمال زيري وأصبح من أتباعه، وتابع الحاجب حملاته على المسيحيين، وغزا أكثر من 50 غزوة لم يهزم في واحدة منها أبدًا، واستعاد مدن كثيرة منها: شقويبة ولُك وسمورة وشلمنقة وجليقية، وغزا برشلونة وبافارا، وانتصر على تحالف ملك ليون مع قشتالة، ودانت له الكثير من الممالك المسيحية.
- في مجال العمران
بنى الحاجب مدينة الزاهرة لتكون له خاصة في بداية توليه الحكم، وذلك من أجل الاستقلالية أكثر، وقد أنفق عليها أموالًا كثيرة، وبنى فيها قصرًا له بالغ في فخامته، واتصلت هذه المدينة بقرطبة، كما وسَّع المسجد الجامع في قرطبة من الجهة الشرقية، وزاد عليه أكثر من 1400 سارية، وجدَّد قنطرة قرطبة وبنى قنطرة أخرى على نهر شنيل، كما توسَعت مدينة قرطبة في عهده اتساعًا ملحوظًا.
- في المجال الاقتصادي
تحسنَّت الأوضاع الاقتصادي في عهد الحاجب المنصور بشكل كبير، ما أدى إلى تحسُّن الأوضاع في البلاد عمومًا.
وفاة الحاجب المنصور
غزا الحاجب المنصور منطقة برغش شمال الأندلس وأصيب بجراح بليغة في تلك الغزوة، وأثناء عودته منها توفي إثر ذلك في طريق العودة وتحديدًا في مدينة سالم في عام 1002م، وكان قد أوصى الحاجب أن يدفن في المكان الذي يموت فيه، فدفن في مدينة سالم وما زال ضريحه قائمًا فيها إلى هذا اليوم.