التفريق بين الفينيقين والقرطاجيين
النشأة
الفينيقيين
نشأ الفنيقيون في بعض المناطق التي اتخذوها مقرا لحضارتهم، فهناك فينيقيو الشرق، ومنهم الغرب، وفي حديثنا عن الشرق، فقد استقروا في سواحل لبنان، الذين أثبتوا قوتهم في الألف الثاني قبل الميلاد؛ وبدؤوا بالغزو السلمي لبحار العالم فيما بعد، ولفظة الفينيقيين وضعها الإغريق التي تحمل مدلول: (الرجل الأحمر)، وتعد اللغة الأم للفينيقين هي العربية الجنوبية القديمة.
القرطاجيين
أما بالنسبة إلى القرطاجيين، وهم فينيقيو الغرب، فأُطلق عليهم أيضا بـ: (قرت عدا)، أي مدينة البحر، مكثت هذه الحضارة في الحوض الغربي للبحر المتوسط، ونشأت في الجزر التي تكون قريبة من اليابسة، ويمكننا القول في صدد حديثنا عن الفنيقيين والقرطاجيين، ومدينة قرطاجة تضم أكبر المستوطنات الفينيقية الواقعة في الحوض الغربي للبحر المتوسط، وهي تبعد عن مدينة تونس حوالي 16 كيلومترا من الشمال الشرقي لها.
الديانة
الفينيقيين
لقد بقيت المصادر حول الديانة الفينيقية نادرة، ومذكورة في كتب إغريقية تنقصها الدقة والأمانة عند النقل، إلا أن المعالم الدينية باتت تنكشف عندما وُجدت بعض النقوش الفينيقية القديمة، حيث بدأت تظهر معالم هذه الديانة للعالم أكثر فأكثر، وكانت فكرة الخلق والوجود بالنسبة لهم مختلفة عن سائر الحضارات إلى حد ما؛ ففي نظرهم إن الوجود عموما كان هواءً سميكا، ثم تحول إلى ريح نشأت فيها (الشهوة)، بعد ذلك تشكلت البيضة التي تكونت داخلها جميع المخلوقات، لكن الطقوس الدينية للفينيقيين تختلف من مدينة إلى أخرى، فقد اشتركوا جميعهم تجاه فكرة تقديس الظواهر الكونية، وعبادة الطبيعة، وكان لكل مدينة سيدها وآلهتها.
القرطاجيين
أما القرطاجيون فقد حافظوا على ديانة أجدادهم القدماء المقصودة بالديانة الفينيقية، لكنها لم تبق ديانة شرقية بشكل بحت؛ وذلك لأنها تعرضت لتأثيرات ساهمت في تغيير بعض الأسس العامة لدى ديانة الوطن الأم، وقد ذاعت الديانة القرطاجية في شمال أفريقيا ، وفي غرب البحر المتوسط خاصة في صقلية، ومن بعض الآلهة التي وجدت في الجزيرة ما يأتي:
- الإله ملقراط: وهو إله من أصول فينيقية، وهو الإله الرئيسي لديانة مدينة (صور) والحامي لها، وعلى إثر ذلك الاهتمام البالغ به والتكريم الكبير، تم إنشاء معبد خاص به في مدينة قرطاج، بل تعدى الأمر ذلك وصولا إلى تأثر بعض المناطق، والمستوطنات المجاورة في الحوض الغربي للبحر المتوسط به، مثل (طاروس) الموجودة في صقلية، حيث مال بعضهم إلى عبادته وتقديسه؛ بوصفه حامل الأمن والسلام لهم.
- الإله بعل حامون: يعد الإله بعل حامون فينيقي الأصل من ناحية التسمية، لكنه سرعان ما أصبح منسوبا لقرطاجة ؛ حيث تمتع بمكانة كبيرة لديهم واعتبر بأنه عرش الصدارة فيها، وقد كرس القرطاجيون عبادتهم له في القرن السادس، وحاولوا نشر أفكارهم لغيرهم من الحضارات؛ وذلك من خلال توسعاتهم في البحر المتوسط فتأثر بهم الرومان، والإغريق فعبدوه أيضا.