التغيرات الجيولوجية في العصر الطباشيري
طبيعة العصر الطباشيري
تم تقسييم الزمن الجيولوجي إلى عدة أقسام رئيسية سميت بالعصور أو الحقب الزمنية ومن ضمنها العصر الطباشيري الممتد من نهاية العصر الجوراسي قبل (146) مليون سنة مضت إلى بداية العصر الباليوسيني قبا ما يقارب (64) مليون سنة، ويعتبر أطول الفترات الجيولوجية في التاريخ بحيث يشكل منفردًا نصف حقبة الدهر الوسيط.
وتشكل نهايته الحد الفاصل بين حقبة الحياة الوسطى، وحقبة الحياة الحديثة، كما تميزت بسيادة الديناصورات والثديات الصغيرة، وتنوع النباتات المزهرة وما رافقها من النحل والحشرات، ومن ثم بحدوث الانقراض الجماعي العظيم.
سبب تسميته بالعصر الطباشيري
وكافة الصخور المتكونة خلال هذا العصر يطلق عليها اسم الصخور الطباشيرية؛ نسبة إلى العصر الطباشري؛ وذلك لا يعني بالضرورة أنها تتكون من الطباشير، وإنما يشار إليها باسم النظام الطباشيري.
وهو السجل الصخري لجميع الأحداث التي حصلت، والكائنات الحية التي عاشت وازدرهت وماتت، خلال الفترة الزمنية المسماة بالعصر الطباشيري، والطباشير هو نوع شهير من الصخور الرسوبية ؛ التي تشكلت خلال هذه الفترة التاريخية.
التغيرات الجيولوجية في العصر الطباشيري
وكما هي العادة مع العصور الجيولوجية الأخرى؛ فقد تم تحديد الطبقات الصخرية المتكونة في العصر الطباشيري بشكل جيد، وإنما دون تحديد الأعمار الدقيقة لها والتي قد تختلف ببضعة ملايين من السنين.
كما لا يوجد انقراض عظيم، أو انفجار لتنوع جديد من الأحياء يؤرخ بين العصر الطباشيري والعصر الجوراسي الذي سبقه؛ إلا أن العلماء وجدوا طريقهم لفصل الطبقات الصخرية المتكونة في كل منهما، وفي ما يأتي شرح لبعض التغيرات الجيولوجية في العصر الطباشيري:
التكوينات الصخرية
يشير ارتفاع مستوى سطح البحر و المناخ الدافئ الذي ساد في العصر الطباشيري ؛ إلى أن مساحة شاسعة من قارات اليوم كانت مغطاة ومغمورة بالبحار الضحلة الدافئة، وبالرغم من تسمية العصر الطباشيري نسبة إلى الرواسب الطباشيرية؛ واسعة الانتشار في أوروبا في ذلك العصر إلا أن كثيرًا من أجزاء العالم الأخرى تراكمت فيها طبقات الأحجار الجيرية البحرية، وهذا النوع من الصخور لا يتكون إلا في ظروف بحرية دافئة وضحلة.
وبهذا استدل العلماء على وجود مثل تلك البيئات في مناطق أوروبا، ونظرًا لمستوى سطح البحر المرتفع توافرت مساحات كبيرة لعملية الترسيب، وبكميات كبيرة بحيث تكون الرسوبيات طبقات سميكة؛ ونتيجة لعمر هذه الظروف الصغيرة نسبيًا، وسمك الطبقات المتكونة فقد انتشرت الصخور الطباشيرية في مناطق مختلفة حول العالم.
والطباشير كما قلنا مثال شائع للصخور المتكونة في ذلك العصر، إلا أنها ليست الوحيدة؛ وهي تتكون من هياكل صغيرة مجهرية من الكالسيت، وهو نوع من الطحالب التي ازدهرت في البحار الطباشيرية إضافة إلى بعض المواد الأخرى.
وتشكل رواسب ذلك العصر منحدرات دوفر البيضاء؛ الواقعة على السحال الجنوبي لإنجلترا كما توجد أيضًا على الساحل النورماندي الفرنسي، وفي العديد دول أوروبا الأخرى؛ حيث تم العثور على رواسب الأحجار الجيرية والأرنيت كذلك.
الجغرافيا القديمة " Paleogeography "
خلال هذه الحقبة أيضًا تغيرت جغرافيا الأرض بشكل هائل بحيث لم تعد تشبه الجغرافيا الأقدم منها، ولا الجغرافيا الموجودة لدينا في خرائط الأرض اليوم؛ وحدث كل هذا نتيجة للتغيرات الجيولوجية والبيئية؛ التي أسهمت في تفكيك القارة القديمة الأم، التي تدعى "بانجيا" إلى قارات أصغر حجمًا، وأحواض محيطية وبحارمختلفة.
وقد وجدت هذه القارة العملاقة في حقب الحياة القديمة، وحتى أوائل الدهر الوسيط، ثم عبر عمليات التفكيك التكتوني تحولت إلى قارات اليوم، والتي لم تكن قد اتخذت مواقعها الحالية بعد، ومع اتساع حوض المحيط الاطلسي استمرت القارات بالتباعد، والانزلاق والتقارب، وشيئًا فشيئًا قادتها تلك التحركات إلى مواقعها الحالية.
ثم بدأت سلاسل الجبال بالتكون تدريجيًا؛ بحيث تكونت جبال سيفير ولاراميد، ثم تلتها جبال نيفادان، ثم إن قارة "جوندوانا" كانت ما تزال سليمة في بداية ذلك العصر قبل أن تتفكك لاحقًا إلى أمريكا الجنوبية والقارة القطيبة الجنوبية من جهة، وأستراليا وإفريقيا من جهة أخرى، وكانت ما تزال الهند آنذاك متصلة بمدغشقر، وبهذا تم تكون جنوب المحيط الأطلسي والمحيط الهندي أيضًا.
وقد أدى هذا الصدع النشط إلى نشوء السلاسل الجبلية الكبيرة ، تحت سطح البحر على طول هذا الصدع؛ الأمر الذي رفع مستويات سطح البحر في جميع أرجاء العالم، كما استمر بحر التيثس في شمال إفريقيا بالتضييق.
وتقدمت البحار الضحلة واسعة الانتشار عبر ووسط أمريكا الشمالية؛ وتحديدًا الطريق البحري الداخلي الغربي، وأوروبا والتي تراجعت في وقت متأخر من تلك الحقبة؛ مخلفة الرواسب البحرية الكثيفة، والتي حصرت بين طبقات الفحم.