التغلب على النفس
نفس الإنسان
نفس الإنسان هي كيانه، وجوهر حياته، وهي دوماً توجهه وتخاطبه بعمل أشياء محددة، تكون إيجابية حيناً وسلبية حيناً آخر، وهنا يختلف النَّاس في طريقة تعاملهم مع نفوسهم، فمنهم من يطلق لها العنان وينقاد خلفها، فتضيع كل جهوده، ويفنى عمره وهو يلبي رغبات نفسه جميعها، ومنهم من يقود نفسه بدلاً من أن ينقاد خلفها متبعاً هواه، فنجده يقودها بحزم وحكمة في نفس الوقت، فكيف يقود الإنسان نفسه ويتغلَّب عليها، وما هي مخاطر الانقياد خلف رغبات النفس بشكل جامح ومطلق؟
طرق قيادة الإنسان لنفسه
إنَّ أشدَّ أنواع القيادة هو قيادة الإنسان لنفسه، وهو معيار للنجاح أو الفشل في الحياة، وهي البوصلة الّتي توجه صاحبها إمَّا إلى السعادة وإمَّا إلى الشقاء، ولقيادة الإنسان لنفسه وتغلُّبِه عليها طرق منها:
- حسن الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فقوَّة الإيمان بالله هي مفتاح لكل خير ومغلاق لكل شر.
- التدرُّج في تربيتها وبرفق، وذلك بالتنوُّع في أشكال الطاعة لله سبحانه بحيث يشمل ذلك المحافظة على الفرائض، والاستمرار في أداء السنن والنوافل وضمن قاعدة القليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
- تنظيم حاجات الإنسان ومتطلباته في الحياة، وفق الأولويّات المتاحة، والضروريات، ثمَّ الحاجيَّات، وعدم التوسُّع في الكماليات على حساب الضروريات أو الحاجيَّات.
- الاعتدال في عمل الأمور المباحة، بما يحقق له عنصر السعادة والطمأنينة في الحياة، وبما لا يتعارض مع غيرها من الأشياء.
- عدم مطاوعة النفس في كل ما تطلبه من المباحات، كنوع من التربية والترويض لها، وحملها إلى منازل الجدِّ والإقدام.
- مخالفة النفس وبشدة في الأمور المحرَّمة، أو التي يترتب عليها ضرر واضح، أو حتى تقود إلى ضرر واضح، كمشاهدة أفلام الشذوذ الجنسي، فهذه تقود بكل تأكيد إلى ضرر واضح، متمثلاً في تمييع الأخلاق، وإفساد النَّفس، وتحبيب المعصية إليها، فضلاً عن كونها محرَّمة في ذاتها، فاجتمع في ذلك الأمران معاً، التحريم وكذلك ما يؤدي إلى الوقوع في الحرام وإلحاق الضرر.
مخاطر الانسياق خلف رغبات النفس
إنّ لانسياق الإنسان خلف رغبات نفسه الجامحة، وبدون تدقيق أو تنظيم يترك آثاراً وخيمة على نفس الإنسان، وعلى المجتمع كذلك، منها:
- فساد الإنسان.
- تبذيره للمال في غير ضرورة.
- دخول الإنسان في دائرة العوز والاحتياج.
- انتشار الفساد في أوساط الشباب.
- انتشار البغضاء في أوساط المجتمع ؛ نظراً للوقوع في الجرائم الاخلاقيَّة، وبالتالي تفكك المجتمع وانهياره.
إنّ أوَّل محطات البناء في الأمم والشعوب، هي بناء النفس وتهذيبها وتربيتها، وأوَّل معاول الهدم في الأمم والمجتمعات والشعوب، هو فساد النفس وانحرافها، وأوَّل محطَّات الفساد في النفس إكثارها من المحرَّمات، وانسياقها بشكل مطلق خلف المباحات، دون تعقُّل أو تنظيم، والأمم الواعية والحيَّة هي التي تعطي جوانب التربية الاهتمام المناسب. "Decisions and Desire" , hbr.org, Retrieved 28/9/2018. Edited.