التربية في القرآن الكريم
التربية في القرآن الكريم
كلمة التربية في اللُغة مصدر الفعل (ربّى)، ومضارعه (يربّي)، يُقال: ربّى الوالد ابنه؛ أي هذّبه، ونمّى قُواه الجسميّة، والعقليّة، والخلقيّة كي تبلغَ كمالها، وهي مُشتَقّة من كلمة (الربّ)؛ أي المُربّي، والسيّد، والمُنعِم، وهو اسم لا يُطلَق غير مُضاف إلّا على الله -تعالى-، بينما إذا أُطلِق على غيره، فإنّه يُقال: ربُّ كذا، والأصل في كلمة الربّ أنّ معناها التربية؛ وتعني بُلوغ الكمال في الشيء بالتدرُّج، أمّا في الاصطلاح؛ فقد تعدّدت تعريفات العلماء تبعاً للجانب الذي يرتكز عليه التعريف، فقد عرّفها المناوي بمفهومها العام على أنها إنشاء الشيء مرحلةً مرحلة وصولاً إلى حدّ التمام، وخصّصها بعض الباحثين بأنها كلّ جهد يُغذّي الإنسان جسماً وعقلاً وروحاً ووجداناً، وذهب آخرون إلى أنها العناية والرعاية التي توجّه للفرد ابتداءً من مراحل العمر الدنيا وتستهدف إكسابه قواعد السلوك القويم.
وتكمن أهمّية التربية في أنّها السبب في ازدهار الأمم، وحضارتها، وهي الطريق المُوصِلة إلى تهذيب النفس، وبناء العُقول والأفكار، والتربية في القُرآن هي التي أخرجت جيلاً مُتماسكاً لا مثيل له، ونشرت النور في كلّ مكان؛ فقد بدأها النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ بتكوين العقيدة قبل نُزول الأحكام الشرعيّة، وقد وصف القُرآن جيل الصحابة بقوله -تعالى-: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
ويتميّز المَنهج القُرآنيّ في التربية بمرونته ومراعاته للمستجدّات والأحوال، ممّا جعله منهجاً صالحاً لكل زمان ومكان، وقد أقام هذا المنهج أجيالاً ذات علاقة وثيقة بجيل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، والاهتمام بهذا المَنهج من الأُمور المُهمّة في حياة المُسلمين؛ لأنّها أُمّة ذات عقيدة ومبادئ، فينبغي أن تكون هذه التربية خاضعة لهذه العقائد والمبادئ، وكُلّ تربية لا تحمل الرسالة، ولا تصل بالمرء إلى العقيدة الصحيحة، لا تُعَدّ تربية إسلاميّة مُحكَمة.
القرآن مصدر من مصادر التربية
يُعَدّ القُرآن المصدر الأوّل والأساسيّ من مصادر التربية الإسلامية؛ فمن رحمة الله -تعالى- أنّه لم يترك البشر على فِطرتهم فقط، بل أرسل إليهم الرُّسُل على فتراتٍ زمنيّة مُتقطِّعة؛ ليدعوهم إلى توحيده، وحلّ ما أُشكِل عليهم، ويتميّز القُرآن بأنّه كتابٌ عالَميّ إلى قيام الساعة، وهو لم يُخصَّص لقومٍ مُعيَّنين؛ ولذلك كانت التصوُّرات التربويّة الإسلاميّة تستقي منه؛ للوصول إلى سياسة تربويّة إسلاميّة تُميّزها عن غيرها من الأُمم؛ لتكون خير أُمّة أُخرِجت للناس، وليُضبَط سُلوك أفرادها في مجالات الحياة جميعها؛ بهدف توجيه المسلم إلى عمارة الأرض؛ فهو كتاب يحتوي على أكثر العبادات، والمُعاملات، والقِيَم شموليّة، كما أنّه يحُثّ على العِلم والعمل لله -تعالى-؛ فلم ينزله الله -تعالى- للتلاوة فقط؛ وإنّما لتتحوّل هذه التلاوة إلى سُلوك واقعيّ، ولتكون حياة المسلم كاملة لخالقه؛ قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)؛ ممّا يعني أنّ التربية الإسلاميّة لا بُدّ أن تقوم على القُرآن، وما وافَقَه، وأن يكون القرآن تبصرةً للعاملين في التربية؛ ففيه جميع الأُسس التي تُنظّم حياة الأفراد، وتكفل لهم السعادة في الدُّنيا، والآخرة.
الخصائص التربويّة للقرآن الكريم
للتربية في القُرآن الكريم الكثير من الخصائص ؛ فهو الكتاب المُعجز، وكتاب التربية الأوّل للمُسلمين ، وبيان هذه الخصائص فيما يأتي:
- الربّانية: ويُقصَد بذلك أنّها ربّانية المصدر والغاية؛ فهو مَنهج من عند الله -تعالى-، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وليس للبشر علاقة به؛ وهذا لا يعني تعطيل العقل البشريّ ودوره في إعمار الكون؛ بل جاء الحثّ كثيراً في القرآن الكريم على التفكُّر والتدبُّر وإعمال العقل، وشواهد التاريخ الكثيرة تؤكّد سقوط كلُّ المناهج التي وضعها الإنسان لتربية الإنسان على مرّ العصور أمام هذا المنهج الرباني الفريد.
- الشموليّة: ويعني ذلك أنّ المنهج التربوي الإسلامي جاء شاملاً لحياة البشر في الدُّنيا والآخرة، وتناول كيانَ المسلم الجسديّ والروحيّ، ونظّم علاقة المسلم بنفسه، ومع الآخرين من المُسلمين وغير المُسلمين، وجاءت تشريعاته متوافقة مع حدود إمكاناته وقُدراته، ولم تُكلّفه فوق ما يُطيق، ولم يترُك القرآن شيئاً ممّا يحتاجه الإنسان في صلاح دينه ودنياه إلّا وبَيّنه له؛ قال -تعالى-: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا في الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ).
- التكامُليّة: ويعني ذلك تكامُله في مجالات الحياة جميعها؛ الأخلاقية ، والاقتصادية، والسياسية، والدينية، وغيرها، وتكامُل اتِّجاهات التربية القُرآنيّة في مجالات العقيدة، والعبادة، وسُلوك المسلم مع الفرد، والجماعة.
- الوسطيّة: ويُقصَد بها الاعتدال، والقِسط، والأفضليّة؛ لقوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، إذ راعى القُرآن مُكوّنات الإنسان؛ من جسد، وروح، بشكل مُتوازن، بحيث لا يطغى جانب على حساب جانبٍ آخر، فقد أعطى كلّ جانب حاجاته ومتطلباته في حالة من التوازن التي ترفض الإفراط أو التفريط، ومن هنا كان منهج القرآن الكريم وسطاً بين تطرُّف الماديين وتشدُّد الرهبانيين.
- الواقعيّة: ويكون ذلك من خلال النَّظر في اختلاف البشر في الصفات، والفصائل؛ فهو يتعامل معهم على أساس الخطأ والإصابة، وليس على أساس المثاليّة، وتُحاول آياته الوصول بالإنسان إلى درجة التقوى ؛ قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
- الوضوح: ويكون ذلك من خلال بُعد القرآن عن الغُموض، أو الشكّ، أو النَّقص؛ فآياته واضحة، وتوجيهاته جَلِيّة.
- اليُسْر والسهولة: ويتبيّن ذلك من سهولة تعاليمه؛ أي سهولة تطبيقها، والالتزام بها؛ إذ إنّها تكون ضمن حدود طاقة البَشَر.
- الإيجابيّة العمليّة: ويكون ذلك من خلال حَثّ المسلم على العِلم، والعمل ، والتعليم، وعدم الاكتفاء بالتعلُّم فقط؛ فهو يَحُثّ على الإيجابيّة، والفعاليّة، والتفاعُل مع الآخرين.
- التدرُّج: إذ تحتاج التربية إلى تدرُّج؛ فهي ليست عمليّة تحوُّل مُفاجئ في سُلوك الأفراد؛ فالطِّباع البشريّة تحتاج إلى تقريب، وتجريب، وهو الشيء الذي راعاه القُرآن في تربيته الإنسانَ، ومن أمثلة ذلك التدرُّج في تحريم الخَمر؛ فقد كان الناس قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يشربون الخمر ويُحبّونها؛ ولذلك كان تحريمها على عدّةٍ مراحل سبباً في تهيئة النّفوس لتقبُّل أمر الله فيها، والاستسلام لحكمه -سبحانه- بالرّضا والقبول.
الأساليب التربويّة في القرآن
تعدّدت الأساليب التربويّة في القُرآن الكريم، وفي السُنّة النبويّة ، وتنوّعت؛ وذلك من حكمة الله -تعالى- في مُعالجته النفسَ البشريّة؛ حتى يتربّى الإنسان من خلالها على تعديل سُلوكه؛ فيرتقيَ بنفسه، إذ إنّ كُلّ أُسلوبٍ منها ينفذ إلى نفس الإنسان من خلال أحد منافذها، ممّا يُؤدّي في النهاية إلى الانتفاع بهذه الأساليب كلّها، والتي منها ما يأتي:
- التربية بالعِبرة والمَوعظة: إذ قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)، وهذا الأسلوب يُربّي النفسَ البشريّةَ على العقيدة، والأخلاق، ويُبيّن له واجباته من خلال أُسلوبٍ لطيف.
- التربية بالقِصّة القُرآنيّة: وقد قال -تعالى- عن القِصّة القُرآنية: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ). وهي من أكثر الأساليب تشويقاً وفعالية في تعديل السلوك، وخاصّةً أنّها ذاتُ أغراضٍ أخلاقيّة.
- التربية بالقُدوة الحَسَنة: إذ يُربّي القُرآن المُسلمَ على الاقتداء بغيره من الأنبياء والرُّسُل -عليهم السلام-؛ فيبرأ المسلم من الشِّرك، والمُشركين، كفِعل نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-، ويصبر كفِعل نبيّ الله داود -عليه السلام-، وهكذا يتعامل مع الأنبياء جميعهم، ويُشار إلى أنّ الله -تعالى- بعد أن ذكَرَ عدداً من الأنبياء في القُرآن الكريم، قال: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ)، فيلتزم المسلم بالدعوة إلى الحقّ، وعدم اتِّباع أولياء الشيطان.
- التربية بالترغيب والترهيب: ويتعامل القُرآن بهذا الأُسلوب بالقَدر الذي يُقوِّم به النفسَ البشريّة؛ ليسير المسلم على رضا الله -تعالى، ويفوز بجنّته، وينجو من عقابه، وهُما أمران مُتلازمان؛ فمِن الناس مَن لا يؤثّر فيه إلّا الخوف، ومِنهم مَن لا يُؤثّر فيه إلّا الترغيب والثواب، ويظهر ذلك واضحاً في آيات كثيرة من القُرآن، كقوله -تعالى-: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ*وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).
- التربية بالتدرُّج: إذ يستخدم القرآن هذا الأسلوب في التربية الإسلاميّة؛ فقد نزل القُرآن مُفرَّقاً؛ فبدأ بذِكر الجنّة والنار، ثُمّ الحلال والحرام، وهذا ما أشارت إليه السيدة عائشة -رضي الله عنها- فيما أخرجه البخاري أنها قالت: (إنَّما نَزَلَ أوَّلَ ما نَزَلَ منه سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ والنَّارِ، حتَّى إذَا ثَابَ النَّاسُ إلى الإسْلَامِ نَزَلَ الحَلَالُ والحَرَامُ، ولو نَزَلَ أوَّلَ شيءٍ: لا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقالوا: لا نَدَعُ الخَمْرَ أبَدًا، ولو نَزَلَ: لا تَزْنُوا، لَقالوا: لا نَدَعُ الزِّنَا أبَدًا)؛ وفي ذلك إشارة إلى الحكمة الإلهيّة في ترتيب تنزُّل القرآن الكريم؛ وذلك لتطمئنّ النفس البشريّة بِما أُنزِل إليها من أحكام؛ لأنّ النفسَ مجبولة على النفور من تَرك المَألوف.
- التربية بالعِبرة وضَرب الأمثال: إذ تُؤثّر العبرة في الحِسّ الإنسانيّ، وتدعو الإنسان إلى التفكُّر، وهو أحد الأساليب القُرآنيّة العظيمة؛ قال -تعالى-: (وَإِنَّ لَكُم فِي الأَنعامِ لَعِبرَةً نُسقيكُم مِمّا في بُطونِهِ مِن بَينِ فَرثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خالِصًا سائِغًا لِلشّارِبينَ*وَمِن ثَمَراتِ النَّخيلِ وَالأَعنابِ تَتَّخِذونَ مِنهُ سَكَرًا وَرِزقًا حَسَنًا إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَعقِلونَ)؛ أي أنّ الأكل الذي يدخل في بطونها يسري إلى مكانه بعد أن يتمّ امتصاصه في المعدة دون أن يختلط بغيره، أو يتغيّر به؛ فيصير إلى دم يسري في العروق، ولبن يسري إلى الضرع، وروث يسري إلى المخرج، وبول يسري إلى المثانة، وهكذا حتى يخرج في النهاية لبناً صافياً غير مُمتَزِجٍ بغيره، وتُضرَب الأمثلة في القرآن الكريم؛ كي تُؤخَذ منها العِبرة، ويتدبّر المسلم فيها، كما في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).
المبادئ التربويّة في القرآن الكريم
للتربية في القُرآن العديد من المبادئ، وبيانها فيما يأتي:
- الوحدانيّة: إذ يتفرّد الإسلام بهذا المبدأ عن سائر التصوُّرات الفلسفيّة الأُخرى؛ لأنّه تصوُّر ينشأ من القلب والعقل، ويُؤثّر في سُلوك المسلم؛ فيكون مُنضبِطاً؛ إذ إنّ مَن يُؤمن بمبدأ التوحيد؛ أي وحدانيّة خالق الحياة والإنسان والكون، لا يُمكن أن يستعلي على أحد، أو يظلم أحداً؛ لأنّه يحترم التزامه بهذا المبدأ، ويُحتِّم ذلك عليه التزامَه بمبدأ الاستخلاف في الكون دون فساد، أو إفساد.
- وحدة النَّفس الإنسانيّة: إذ ترعى التربية الإسلاميّة وحدة النفس البشريّة؛ من جسد، وعقل، وروح، كما تُراعي القُدرات التي يُمكن للمسلم استخدامها في الخير، والشرّ، وفي الحقّ، والباطل، والقُرآن بأسلوبه يُخاطب مُكوّنات النفس البشريّة جميعها؛ ليصل إلى شغاف قلب قارئه، ويترك فيه أثراً لا يُفارقه وهو يتلو آياته.
- الفِطرة البشريّة: ينظر القرآن إلى الإنسان على أنّه قد وصل إلى المستوى الذي رشّحه الله -تعالى- له؛ ويتمثّل في أن يكون خليفته في الأرض ؛ فهو أمرٌ ممنوح له بالفِطرة العامّة، والخاصّة، وهو موجود في التكوين العُضويّ، والعقليّ، والوجدانيّ للإنسان.
- التعلُّم والتعليم: ويكون ذلك من خلال الجمع بين العقل والحِسّ، والنظريّة والتطبيق، وتنمية الفِكر والتأمُّل؛ فالمؤمن يبدأ بالنيّة والتخطيط، ويبدأ بالعمل، مع ضرورة حُسن الإدارة، والتنظيم الجيّد.