البيوع المحرمة في الشريعة الإسلامية
البيوع المحرمة لذاتها
البيوع المحرّمة لذاتها هي كل بيع لشيء ليس له قيمة؛ أي لا يُضمن عند إتلافه، ولا يكون حلالا بحال من الأحوال، ولا يجوز بيعه، ولا استعماله، ونذكر هذه البيوع فيما يأتي:
بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام
حرّم الله -تعالى- الميتة بأنواعها ما دام أنها لم تُذبح ذبحا حلالا، وحرم لحم الخنزير حتى لو ذبح بالطريقة الشرعية، وذلك لقول الله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ).
وهذا التحريم في الآية يُراد به تحريم الأكل، أما تحريم البيع فهو من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ)، وفي رواية لهذا الحديث: (وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ).
كما حرّم الله -تعالى- شرب الخمر، وعبادة الأصنام، فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)، وتدخل هذه المحرمات أيضا في تحريم البيع؛ لأن الله -تعالى- إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه.
بيع الدم والسِّنَّوْر والكلب
ورد النهي صريحا عن ثمن الكلب، وعن ثمن الدم، فيحرم بيعهما، وقد ثبت ذلك في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ)، أما السِّنَّوْرِ-وهو القط- فقد نهى عن بيعه النبيّ أيضاً، فعن أبي الزبير، قال: سألت جابرا عن ثمن الكلب وَالسِّنَّوْرِ؟ قَالَ: (زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ)، والزجر هو أشدّ النهي.
بيع الصور والصليب
للفقهاء في حكم الصور أقوال، ويمكن إجمالها في قولين فيما يأتي:
- القول الأول
يحرم من التصاوير ما كان كامل الأعضاء، وأن يكون له ظلّ؛ أي مجسّما، وتكون مصنوعة مما يدوم؛ كالمعدن، والحجارة، وهذا مذهب المالكية، أما المرسوم والمنقوش بالقلم والألوان فلا يحرم.
- القول الثاني
يحرم تصوير كل ذي روح، سواء أكان للصورة ظل أو بلا ظلّ، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، فقد ورد النهي عن التصاوير بأحاديث عديدة منها: قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ).
ويستثنى من الصور التي لها ظلّ لعب الأطفال، أما ما ليس له روح؛ كالشجر، والحجر، فلا حرمة فيه. ويستثنى من التي لا ظلّ لها الصور الممتهنة، كما يُستثنى المرسوم على الثياب، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في معرض نهيه عن الصور: (إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ).
ولا يجوز اتّخاذ الصلبان وشرائها، ولا يجوز بيعها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ).
بيع آلات اللهو والعزف والطرب
اتفق الفقهاء على حرمة بيع الآلات الموسيقية إذا كان الغرض منها العزف أو اللهو والفساد، وهذا لا خلاف فيه، وهذا التحريم جاء لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ).
بيع الدخان والمخدرات
يحرم بيع الدخان لثبوت ضرره على صحة الناس، ولما فيه من الإسراف والتبذير، أما الحشيش، فقد نقل الإمامان الجليلان القرافي وابن تيمية -رحمهما الله تعالى- الإجماع على حرمة الحشيش، ومنه يكون بيعها حراما. لقول الله -تعالى-: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ).
البيوع المحرمة لغيرها
هي البيوع التي تكون محرمة لعلة، أو نقصان شرط، أو ما شابه، فإن زال هذا السبب المحرم صارت حلالا، وهي أنواع نذكر منها ما يأتي:
البيوع المحرمة بسبب الغرر أو الجهالة
الفرق بين الغرر والجهالة؛ هو أن الغرر مبني على الوجود والعدم، كمن يشتري الجمل الهارب، فإنه لا يدري هل يجده أم لا، أما بيع الجهالة؛ فهو الشيء موجود، ولكن صفته ليست معلومة، كمن يشتري شاة من الغنم. ومن صور بيع الجهالة ما يأتي:
- المنابذة
أن ينبذ -أي يرمي- الرجل السلعة للرجل دون أن يراها، فينبذ إليه الآخر بشيء آخر.
- المزابنة
بيع الرطب بالتمر، والعنب بالزبيب.
- بيع الحصاة
هو أن يرمي بحصاة، فيكون البيع على ما تقع عليه الحصاة.
- بيع حَبَل الحَبَلَة
وهو بيع ولد ولد الناقة بثمن مؤجل.
- بيع المضامين
وهو بيع ما في أصلاب الإناث من الأجنة.
- بيع الملاقيح
وهو بيع ما في أصلاب الفحول.
- بيع عَسْب الفحل
وهو أخذ الثمن مقابل قيام الحيوان الذكر بتلقيح الأنثى من جنسه.
وكل هذه الصور من المحرمات، وذلك لما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُخَاضَرَةِ، وَالمُلَامَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ، وَالمُزَابَنَةِ).
البيوع المحرمة بسبب الربا
صور البيوع المحرمة بسبب الربا كثيرة منها:
- بيع العينة
هو أن يبيع التاجر السلعة مؤجلة، ثم يشتري التاجر نفسه البضاعة نفسها من المشتري نفسه نقدا بسعر أقل.
- بيع العرايا
وهو بيع الرطب الذي على النخيل بالتمر.
- المحاقلة: ولها معنيان:
- بيع القمح بقمح ما زال بالسنابل، وهو بيع مثليّ معلوم بمجهول.
- بيع القمح بأي شيء وهو مازال في السنابل، وهو بيع مجهول.
- المخاضرة
استئجار الأرض لزرعها، ببعض ما تنبته.
البيوع المحرمة بسبب الضرر أو الخداع
هي البيوع التي يكون فيها غش وخداع، ومنها:
- بيع الرجل على بيع أخيه
كأن يقول الرجل للرجل: افسخ بيعك مع فلان، وأنا أبيعك أحسن منه.
- بيع النجش
أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، وإنما ليوقع غيره في الشراء.
- تلقي الركبان
أن يقوم التجار بتلقي السلع الواردة إليهم، وذلك قبل ورودها السوق؛ من أجل أن يأخذها بسعر أقلّ.
- بيع الحاضر للباد
هو بيع الغريب عن البلد، والذي لا يعرف السعر، فيستغل جهله.
- الاحتكار
أن يحبس السلعة في الرخص؛ ليبيعها في الغلاء.
بيوع أخرى محرمة لغيرها
من البيوع المحرمة لغيرها أيضاً ما يأتي:
- البيع في المسجد
لا يجوز البيع في المسجد؛ إكراما له، ولحرمته.
- البيع بعد أذان الجمعة
لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ).