الانتقادات الموجهة للنظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا
تعريف النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا
تعرف البنيوية عمومًا بأنَّها أحد المناهج الفكرية النقدية الإلحادية، وتعتقد النظرية البنيوية أنَّ كل الظواهر الإنسانية سواء كانت أدبية أم إنسانية عبارة عن بنية من الصعب دراستها إلى من خلال تحليلها إلى العديد من العناصر التي تتألف منها، ولا بدَّ أن يتم ذلك من دون تدخل من أفكار الشخص المحل أو من عقائده أو مشاعره الخاصة.
وتعدُّ الوثيقة هي نقطة ارتكاز النظرية البنيوية، لأنَّ البنية هي محل دراستها وليس الإطار، والبنية وحدها تكفي ولا داعي إلى اللجوء لأي من العناصر الغريبة عن البنية، وتعتقد النظرية أنَّه في مجال النقد الأدبي، إنَّ الأحكام العاطفية والانفعالات تعجز عن إنجاز ما قد تنجزه دراسة عناصرها الأساسية المكونة لذلك الأثر، وأمَّا البنيوية الاجتماعية، فإنَّها تعمل على دراسة المجتمعات.
وذلك من خلال مختلف الظواهر والممارسات والنشاطات التي تتشكل منها أنظمة الدلالة تلك، ويدرس المنهج البنيوي الكثير من الأنشطة مثل: الطقوس الدينية والنصوص الأدبية والنصوص غير الأدبية والألعاب وطقوس تجهيز الطعام وتقديمه وغير ذلك من أشكال الترفيه، من أجل اكتشاف الهيكلية العميقة والتي من خلالها يتم إنتاج المعنى مرارًا داخل الثقافات.
الانتقادات الموجهة للنظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا
تلقَّت النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا العديد من الانتقادات مثل غيرها من النظريات البشرية، وفيما يأتي بعض الانتقادات التي وجهت إلى النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا:
في دراسة الأسطورة
تلقت النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا العديد من الانتقادات حول دراسة الأسطورة وخصوصًا عند كلود ليفي ستروس، فقد وصف ليفي ستروس الأسطورة ببراعة وصفًا مميزًا، ولكنَّه في الوقت نفسه تجاهل العديد من المعطيات، كما لجأ إلى وصف بعض المعطيات الأخرى بطريقة مجردة ومجازية، اختار فيها الكلمات بدقة وعناية بالغة.
وقد أثَّرت طريقة الوصف المجازية تلك على محتوى الدراسة ومعانيها ولغتها، وهذا ما يشير إلى أنَّ المنهج البنيوي عند كلود ليفي ستروس تناول الأسطورة على اعتبارها نموذجًا لغويًا وليس معنى.
التركيز على المكونات المباشرة
من النقاط التي أُخِذَت على النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا هي التركيز على مكونات الظاهرة المباشرة سواء في اللغة أو غيرها، ولكنَّها في الوقت نفسه تجاهلت وأغفلت البنية العميقة المكونة للظاهرة، ومنه أيضًا أنَّها اكتفت بتوصيف المكونات المباشرة، وهذا الأسلوب اعتبره كثير من النقاد من الأساليب التي لا يمكن ان تقعد للغة أو للدراسة المطروحة مهما كانت.
العجز عن تحليل جميع الجمل
عجز منهج النظرية البنيوية عن تحليل جميع أنواع الجمل، وهذا فيما يخصُّ النظرية البنيوية في اللغة، ويمكن أن تقاس على النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا، حيثُ أنّ بعض الجمل قد تطول وتصبح معقدة أكثر، وتصبح العلاقات بين مكوناتها معقدة أكثر، وهذا ما ينسحب على العديد من الظواهر الاجتماعية الأخرى التي من الممكن أن تدرسها النظرية البنيوية.
رواد النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا
برز العديد من العلماء والمفكرين الذين تبنوا النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا، وفيما يأتي، أبرز رواد النظرية البنيوية في الأنثروبولوجيا:
فلاديمير بروب
يعدُّ العالم الروسي فلاديمير بروب من أشهر العلماء البنيويين في العصر الحديث، ولدَ في تاريخ 29 من شهر إبريل عام 1895م في مدينة سان بطرسبورغ، درس في تخصص فقه اللغة الروسية واللغة الألمانية، وبعد تخرجه درَّس اللغتين في المدراس الثانوية، ثمَّ أصبح محاضرًا في الجامعة للغة الألمانية، انضمَّ إلى هيئة التدرس في جامعة سان بطرسبورغ عام 1932م.
اختصَّ بدراسة الفلكلور إلى أنَّ أصبح رئيس قسم الفلكلور، وأصبح الفلكلور بعد ذلك جزءًا من الأدب الروسي، واشتهر بدراسة بنية الحكايات الروسية، كان له تأثير على كل من رولان بارت وكلو ليفي ستروس، ومن أهم كتبه مورفولوجيا الحكاية في اللغة الروسية عام 1928م، توفي في مدينة سان بطرسبورغ عام 1970م عن عمر يناهز 75 عامًا.
كلود ليفي ستروس
ولد العالم الفرنسي كلود ليفي ستروس في 28 من شهر نوفمبر عام 1908م، وهو عالم اجتماع وفيلسوف فرنسي، بدأ في شبابه بدراسة الفلسفة ، ولكن النظريات المجردة البعيدة عن الواقع لم تلبي آماله، فسافر إلى البرازيل ودرس هناك علم الاجتماع واطلع على أعمال علماء الاجتماع الأمريكيين مثل: بواس ولووي وكروبر.
الذين لم تكن أعمالهم معروفة في أوروبا وقتها، ونشر كتابه الشهير المدارات الحزينة عام 1955م، عن الهنود الحمر ، واطلع لاحقًا على أعمال جاكبسون ودي سوسير وفلاديمير بروب وغيرهم، توفي عام 2009م، عن عمر يناهز 101 عامًا.