الإسلام منهج حياة
الإسلام منهج حياة
الإسلام دين شمولي، وقد تكفل بالاعتناء بجيمع مناحي الحياة، الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، نبين ذلك فيما يأتي:
المنهج الاجتماعي في الإسلام
توضيح المنهج الإجتماعي في الإسلام ما يأتي:
- ينشر الإسلام بين العباد ثقافة تقبل الآخرين واحترامهم رغم اختلافهم، في جو تسوده المودة والرحمة والتآلف، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وقد حثّ النّبي صلى الله عليه وسلم أمته قائلاً: (لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ).
- فاوت الله -سبحانه وتعالى- بين البشر فجعل منهم الغني والفقير والمُعافى والمريض المنتج والمستهلك وغيرهم؛ وذلك لتنظيم العلاقات بين الناس وضبطها، وتحقيق العدل فيما بينهم، بتوزيع المصالح بينهم كلٌ له دوره وأثره في بناء المجتمع ونمائه، فمن مقاصد الشريعة الإسلامية جلب المصالح ودرء المفاسد، قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).
- وجّه الإسلام العباد وحثّهم على الرقابة الذاتية، التي تنبع من داخل العبد ليستشعر تقوى الله -تعالى- ويمتنع عن الوقوع في الزّلات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ).
- ضبط الإسلام العلاقات بين الأفراد بأبهى صورها، وكان الرسول -عليه الصلاة والسلام- قد حثّ أصحابه وأمته بعدد من الأحاديث التي تُنظم حياة العباد، وتؤدي لتحقيق المودة والرحمة بينهم، وتُبعدهم عن العداوة والبغضاء كقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)، وقوله: (الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ).
- حثّ الإسلام على ضرورة تمسك ولي الأمر بالعدل، وأن يكون العدل أسلوب حياة، وقد وضحت العديد من الآيات ذلك كقوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ)، وقوله: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّـهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).
- سلّط الإسلام الضوء على العلاقة الزوجية، وأهميتها في بناء المجتمع، وضِبَط العلاقة بين الأزواج ونظم الأحكام فيما بينهم، وقد بينها الله تعالى في القرآن الكريم بآيات عدة كقوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّـهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا).
- ركّز الدين الإسلامي على بناء القيم من خلال العبادات التي فرضها الله -سبحانه وتعالى-، لتعود بالخير والصلاح على المجتمع، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصوم يُعزز خُلق الصبر، والزكاة تُقوي علاقة الأفراد ببعضهم وتُنمي روح التكافل والرحمة والعطف بين أفراد المجتمع الواحد.
- رسّخ الإسلام مفاهيم السلام والأمن الاجتماعي، ويتمثل ذلك بالمنهج التربوي القرآني، الذي يتصف بالوسطية والاعتدال والكمال؛ ليكون صالحاً لكل زمان ومكان، وقادراً على إصلاح ما قد يُواجهه المجتمع من انحرافات أخلاقية واجتماعية، باتباع ما تضمنه القرآن الكريم من آيات تُعالج الجريمة وتردعها، كالآيات القصاص وإقامة الحد والتعزير.
- نظّم الإسلام حياة العبد وسلوكه الاجتماعي؛ لأن من غاياته وأهدافه تحقيق السعادة للعباد في الدنيا والآخرة، وتتحقق هذه السعادة بالتزام العبد بأوامر الله -سبحانه وتعالى- واجتناب نواهيه، والسعي لامتثال قوانين الإسلام ومبادئه والحرص على تطبيقها.
منهج الاقتصاد في الإسلام
يتوضح لنا المنهج الاقتصادي في الإسلاممن خلال النقاط الآيتة:
- نظام الاقتصاد الإسلامي هو نظام مُنفرد مستقل عن باقي الأنظمة الاقتصادية الأخرى، فهو مُنضبط ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأحكام والتشريعات الإسلامية، وهو قائم بشكل أساسي على أخلاق الإسلام وقيمه؛ كالاعتدال والتوازن، وخالٍ من المُعاملات التي قد تظلم الفرد،لأنه تشريع إلهي منزه عن الخطأ.
- يتميز النظام الاقتصادي الإسلامي بتسليط الضوء على الجانب الإنساني الأخلاقي، إذ يسوده التراحم والتعاون الذي يُحقّق الألفة والمودة بين الغني والفقير، ويُتيح تحقيق الفرص بشكل مُساوٍ للجميع، فيحرص الإسلام على توزيع الثروات بين أيدي العباد دون استثناء، وذلك لتحقيق التنوع الاقتصادي وعدم اقتصار المال أو الثروة بيد فئة واحدة، قال تعالى: (مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
- يعترف نظام الاقتصاد الإسلامي بالملكية الفردية، وهي حق مشروع للجميع على حدٍّ سواء قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّـهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، والمال مال الله -سبحانه وتعالى- كما ورد في قوله: (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّـهِ الَّذِي آتَاكُمْ)، والانتفاع به مشروع؛ ولكن يجب أن يحرص العبد على استثماره في الاستخلاف الأرض، وإعطاء كل ذي حقّ حقّه.
- الاقتصاد الإسلامي علمٌ يحرص على استغلال جميع الموارد المتاحة والمُباحة والانتفاع بها، فالله تعالى سخرها لعباده، يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وحض على إنتاج السلع والخدمات التي تعود على المجتمع وأفراده بما يُرضي الله تعالى.
منهج السياسة في الاسلام
يتوضح لنا المنهج السياسي في الإسلام من خلال النقاط الآتية:
- يحق للعباد اختيار الحاكم أو ولي الأمر، الذي سيقوم بأمور الدولة وتسير شؤونيها.
- نظام الحكم الإسلامي قائم على الشورى، إذ يحرص ولي الأمر على أخذ مشورة أصحاب الحكمة والخبرة والرأي السديد، وإشراكهم في القرارات السياسية، وذلك نهج النّبي صلى الله عليه وسلم، إذ حثّه الله تعالى على الشورى في قوله: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
- واجب ولي الأمر العدل بين الجميع، حيث أوصّى الله تعالى عباده بالحكم بالعدل في كثير من الآيات كقوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّـهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).
- واجب الشعب تجاه ولي الأمر طاعته، في الأمور كلّها إلا بمعصية الله؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ).
- التّّنظيمات السياسية لأي دولة مسلمة مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدين الإسلامي وبأحكامه وتشريعاته؛ إذ إن أساس الدولة مُستمد من عقيدة التوحيد، فالله صاحب الأمر من قبل ومن بعد قال تعالى: (إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلَّـهِ أَمَرَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ).
- النظام السياسي الإسلامي نظام متفرد بذاته، لا يندرج تحت أي نوع من الأنظمة الأخرى، ولا يتبنى أي فكر من أفكارهم ومعتقداتهم، فكل أسسه مُستخرجة من الكتاب والسُّنََّة النََّبوية المشرفة.
من شمولية الإسلام أنه اعتنى بجميع جوانب الحياة، ويظهر ذلك من خلال اعتنائه بالنواحي الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية.
ثمرات الإسلام
لتطبيق الشريعة الإسلامية ثمرات متعددة منها، نذكر منها الأمور الآتية:
- تفرد المسلمين وتميزوا بأعمالهم، وذلك لإخلاصهم في السعي لفعل الخيرات، والحرص على القيام بكل ما يعود بالنفع على المسلمين وغيرهم، فيقومون بالأعمال على أكمل وجه، وذلك لإيمانهم بعقيدتهم، وبأن الله تعالى سيُجازيهم بالأجر العظيم والنعيم المُقيم في الدنيا والآخرة.
- استقرار المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار السكينة والطمأنينة في أرجائه، وذلك لخلوه من الجرائم والفساد والظلم والانحراف، عند معالجته بأوامر الله تعالى.
- مضاعفة الأجر في الآخرة والفوز بالحياة الطيبة في الدنيا قال تعالى: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ).
- إخراج الناس من الظلمات الى النور، ومغفرة الذنوب السابقة جميعها؛ لأن الإسلام يَجَبُّ ما قبله، واحتساب أجر صالح الأعمال ولو كان ذلك قبل الهداية.
- إجتناب نار جهنم والفوز بالجنة.
- انشراح الصّدر للإسلام يؤدي الى النور والسكينة والطمأنينة والرضى القلب.
الإسلام دين فطري مُتكامل وشامل، يتخذه المسلمون كمنهج لحياتهم في جوانبها المختلفة، كالجانب الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، والمرجع فى نظامه وقوانينه هو التشريعات والأحكام الإسلامية، القائمة على عقيدة التوحيد والإيمان بخالق الكون الله تعالى، ولاتباع منهج الإسلام فوائد عدة تم بيانها في المقال.