الأغراض الشعرية في شعر أبي العتاهية
الأغراض الشعرية في شعر أبي العتاهية
اشتهر أبو العتاهية بفنيّن رئيسيين، هما: الغزل والزهد، أمّا شعره في بقية الأغراض؛ كالهجاء، والمدح، والوصف، والموعظة والحكمة، فقد كان استجابةً لمناسبة معينة أثارت عاطفته، فعبّر عن مشاعره في قصيدة، وتوضيح للأغراض الشعرية في شعر أبي العتاهية فيما يأتي:
الغزل
شعر أبو العتاهية في الغزل عبّر عن تطوّر حياته العاطفية، ووقع في حب جارية على درجة عالية من الجمال هي سُعدى، وظلّ أبو العتاهية يتغزل بسعدى إلى درجة أنّ مولاها أبا الفضل عبد الله بن معن بن زائدة هدّده وخوّفه؛ لأنّ أبا الفضل كان يهوى سُعدى، وبعدها ذهب إلى بغداد والتقى بحب جديد.
لكنّه على الرغم من حبّه الكبير وعاطفته الصادقة إلا أنّه كان حبًا ممزوجًا بالخوف والتوجس؛ بسبب تجربته الأولى، علمًا بأنّ حبه الجديد يُثير فيه عاطفةً نبيلةً، ويقول في ذلك:
راعَني يا يَزيدُ صَوتُ الغُرابِ
:::بِحِذاري لِلبَينِ مِن أَحبابي
يا بَلائي وَيا تَقَلقُلَ أَحشا
:::ئي وَنَفسي لِطائِرٍ نَعّابِ
أَفصَحَ البَينَ بِالنَعيبِ وَما أَف
:::صَحَ لي في نَعيبِهِ بِالإِيابِ
فَاِستَهَلَّت مَدامِعي جَزَعًا مِن
:::هُ بِدَمعٍ يَنهَلُّ بِالتَسكابِ
المدح
كتب أبو العتاهية شعرًا في المدح، وقد مدح المهدي والهادي والرشيد مركزًا على صفات محدّدة، مثل: النسب، والمهابة، والقوة، كما أشاد بالصلاح والتقوى والقوة العكسرية للرشيد، وكانت صفات الرشيد ملهمةً له لاستخدام البحور الطويلة، والموسيقى الصاخبة، والكلمة القوية، وقال في أحد قصائده:
أَجابَ اللَهُ داعيكِ
:::وَعادى مَن يُعاديكِ
كَأَنَّ الشَمسَ وَالبَدرَ
:::جَميعًا في تَراقيكِ
وَفي فيكِ جَنى النَحلُ
:::وَما أَحلاهُ مِن فيكِ
وَقَد شاعَ بِأَنَّ الخَز
:::زَ يُؤذيكِ وَيُدميكِ
وَما تَدرينَ مِن ذَلِ
:::كَ أَسماءَ جَواريكِ
الموعظة والحكمة
استند أبو العتاهية إلى معنيين عند نظم شعر الموعظة والحكمة ، هما: تأكيد الحقائق الثابتة التي لا تقبل الجدل والتأكيد على ثوابت الأخلاق والدين، كما تحدث عن طبائع النفس البشرية؛ كحب المال والرئاسة، وحتمية زوال الحياة، إلى جانب الحث على التمسك بالأخلاق الفاضلة كالتوبة، والعلم، والبر، والتذكير بالموت والعقاب، والثواب، كما صوّر الموت بأبشع الصور المفزعة، قال:
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها
:::النورُ يَجلو لَونَ ظَلمائِهِ
وَلأَصلُ يَسقي أَبَداً فَرعَهُ
:::وَتُثمِرُ الأَكمامُ مِن مائِهِ
مَن حَسَدَ الناسَ عَلى مالِهِم
:::تَحَمَّلَ الهَمَّ بِأَعبائِهِ
وَالدَهرُ رَوّاغٌ بِأَبنائِهِ
:::يَغُرُّهُم مِنهُ بِحَلوائِهِ
يُلحِقُ آباءً بِأَبنائِهِم
:::وَيُلحِقُ الإِبنَ بِآبائِهِ
الزهد
نظم أبو العتاهية في الزهد شعرًا مجودًا يفيض بالعاطفة والمعاني الصادقة، وكان تحوله من الغزل إلى الزهد مستغربًا لدى عدد من المحيطين به، وقد كان شعره يُعبّر عن تحوّل حقيقي وصادق، وإرادة نابعة من تجارب خبرها في حياته أوصلته إلى معاني الحياة الزاهدة، وكان يسترسل في وصف مشاعره؛ لذلك فقد كانت له مطوّلات في شعر الزهد ، إذ قال في أحد قصائده:
لعمركَ ما الدنيا بدار بقاء
- كفاك بدار الموت دار فناء
فلا تعشق الدنيا أخيّ فإنّما
- ترى عاشق الدنيا بجهد بلاء
حلاوتها ممزوجة بمرارة
- وراحتها ممزوجة بعنــــــاء