الأخلاق السيئة وعلاجها في ضوء القرآن
مفهوم الأخلاق وأقسامها
عرّف أهل العلم الأخلاق بأنّها هيئةٌ راسخةٌ في النّفس، تصدر عنها أفعال الإنسان بسهولةٍ دون تفكيرٍ، وتدفع صاحبها إلى الاختيار بين الحميد والقبيح من الأفعال، وتنقسم الأخلاق إلى نوعين، هما: الأخلاق الحسنة والأخلاق السيّئة؛ فالأخلاق الحسنة هي كلّ ما تستحسنه النّفس من الصّفات المحمودة؛ مثل العفّة ، والكرم، والشّجاعة ونحوها.
والأخلاق السيّئة هي كلّ ما تستقبحه النفس من الصّفات المذمومة وتنفر منها؛ كالغدر، والخيانة، والظلم ونحوها، وآتيًا استعراضٌ لبعض الأخلاق السّيئة الواردة في القرآن الكريم وكيف عالجها القرآن.
الأخلاق السيّئة وعلاجها في ضوء القرآن
أشارت آياتٌ كريمةٌ إلى بعض الأخلاق المذمومة وتحدّثت عنها، وآتيًا ذكرٌ لأبرز هذه الأخلاق.
أولًا: الظلم
وردت آياتٌ عدَّةٌ في النهي عن الظلم، وذمّ الظالمين، والتوعّد بإهلاكهم إذا لم ينتهوا عن ظلمهم، وأشار الشرع إلى كيفيّة التخلّص من الظلم والتحلّل منه؛ بردّ الحقوق إلى أصحابها إنّ تعلّق بهذا الخلق حقٌّ من حقوق العباد؛ إذ إنّ حقوق العباد مبنيَّةٌ على عدم المسامحة، وأمر بالتوبة النصوح إذا كان الظلم والتعدي على حقٍّ لله تعالى ، [12] [18] من الآيات القرآنية الناهية عن الظلم والمحذّرة من عقابه:
- قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ).
- قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ).
ثانيًا: الكِبر
والكبِر هو العُجب والغُرور، وقد وردت آيات كثيرةٌ في ذمِّ الكبِر وعدّه من الأخلاق السّيئة، ودعا الشّارع إلى علاج الكبر والعُجب، والتزام التواضع و الزهد في الدنيا ، وأشارت نصوصٌ عديدةٌ إلى ضرورة أن يتفكّر الإنسان في ضعفه، ويتذكّر فناء الدنيا وعدم دوامها لأحدٍ من الخلق، وهذا يدفع العبد إلى الترفّع عن الغرور والعجب؛ فجاءت آياتٌ قرآنيَّةٌ في النّهي عن الكبر وتجنّب المظاهر الدالة عليه، ومنها ما يلي:
- قال الله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا* كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا).
- قال الله تعالى: (فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).
ثالثًا: الغدر والخيانة
الغدر والخيانة صفتان مذمومتان في الشّرع على العموم، وقد بيّت أشارت العديد من الآيات إلى ضرورة الوفاء بالعهد وعدّها صفة من صفات المؤمنين المحمودة ، نذكر بعض الآيات فيما يلي:
- قال الله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)؛ ففي الآية خطابٌ للنبيّ وللمؤمنين من بعده يقي من الوقوع في تبعات خيانة العدو، بأنّ المسلم إذا غلب على ظنّه خيانة الطرف الآخر له؛ فعليه أن يُنهي الالتزام والعهد الذي بينهما، ويخبر الطرف الآخر بذلك.
- النهي عن نقض الأيمان وعدم الوفاء بها، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).
- الأمر بالوفاء بالعهود، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ)،وقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً).
رابعًا: الغشّ
حرّم الشّرع الغشّ وحذّر منه بنصوصٍ صريحةٍ، وأشار الشّرع إلى أنّ هذا الخلق المذموم من كبائر الذنوب المهلكة لصاحبها في الدّارين، وأمر الشّارع بالتزام الأمانة في الأمور كلها، ومن الآيات الواردة في ذلك:
- التحذير من تطفيف الميزان، كما جاء في قوله تعالى: (فَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم)، وقوله تعالى متوعّدًا الذي يغش الميزان بتطفيفه: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ* الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).
- الأمر بأداء الأمانات في مواطن كثيرةٍ، ومنها قول الله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).