الآيات المنسوخة في سورة البقرة
آيات سورة البقرة المنسوخة المتعلقة بالزكاة
ذكرت كتب الفقه وأحكام القرآن عدداً من آيات سورة البقرة التي قيل بوجود آيات منسوخة فيها تتحدث عن أحكام متعلقة بالزكاة، ومن أبرز تلك الآيات ما سيأتي بيانه:
- أولاً: ما يتعلق بمصارف الزكاة
وردت في سورة البقرة آية ذكرت الحثّ على النفقة على الوالدين والأقربين، قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)، ونقِل عن كثير من علماء التفسير النص على أنَّ هذه الآية منسوخة، منهم الصحابي عبد الله بن مسعود الذي قال: "نسختها آية الزكاة"، ولكن ظاهر الآية يفيد بأنها تتحدث عن نفقة النوافل؛ لأن ظاهرها يقتضي الندب، ولا ينبغي أن يُقال: إنها منسوخة.
- ثانياً: ما يتعلق بمقدار الزكاة
ورد في سورة البقرة آية حثّت على إنفاق ما يزيد عن حاجة الإنسان بدون تحديد مقدار ولا نصاب -وهذا يسمى العفو-، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)، يعني ما يفضُلُ عن حاجاتكم من أموالكم، وقد ذهب بعض الفقهاء والمفسرين إلى أنها منسوخة، وكان ذلك واجباً في أول الإسلام، فكان المسلم المزارع إذا حصد زرعه أخذ قوته وقوت عياله، وما يزرع في العام المقبل ويتصدق بالباقي، ثم نسخ ذلك بآية الزكاة.
آيات سورة البقرة المنسوخة المتعلقة بالأحوال الشخصية
ذكرت كتب الفقه وأحكام القرآن عدداً من آيات سورة البقرة التي قيل بوجود آيات منسوخة فيها تتحدث عن أحكام متعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والعدة والوصية، ومن أبرز تلك الآيات ما سيأتي بيانه:
- أولا: ما يتعلق بحكم الزواج من الكتابيات
وردت آية في سورة البقرة نهت عن الزواج من كل غير المسلمات -بغض النظر عن ديانتها-، قال -تعالى-: (وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)، لكن رأى بعض العلماء أنَّ هذه الآية عممت التحريم على كل المشركات وهذا وصف تدخل فيه الكتابيات والوثنيات، ثم استثنى من جميع المشركات: الكتابيات فقط في آية أخرى، وبأنها منسوخة قال كل من عكرمة والحسن ومالك وسفيان وغيرهم.
- ثانياً: ما يتعلق بعدة المتوفى عنها زوجها
وردت في سورة البقرة آية تحدثت عن عدة المتوفى عنها زوجها، وذلك في قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ)، وقيل بأنها منسوخة بقوله: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)، ونُقِل القول بنسخها عن عطاء والحسن وعكرمة وقتادة والضحاك وزيد بن أسلم والسدي ومقاتل بن حيان والربيع.
- ثالثاً: مشروعية الوصية للوالدين والأقربين
وردت في سورة البقرة آية حثت على الوصية للوالدين والأقربين وجعلت ذلك حقاً، قال -تعالى-: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)، ولكن تلك الآية نسخِت بحديث: (إنَّ اللهَ قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ؛ فلا وصيَّةَ لوارثٍ)، وعامة الفقهاء يرون أنّ الآية منسوخة بالحديث النبوي الذي منع الوصية للوارث.
آيات سورة البقرة المنسوخة المتعلقة بأمور متفرقة
ذكرت كتب الفقه وأحكام القرآن عدداً من آيات سورة البقرة التي قيل بوجود آيات منسوخة فيها، تتحدث عن أحكام متعلقة بأمور مختلفة، وفيما سيأتي بيان تلك الآيات:
- أولاً: حكم شرب الخمر
وردت آية في سورة البقرة أخبرت بوجود منافع للخمر والميسر مما قد يُفهَم منها الإباحة، قال -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا).
وقالت طائفة من العلماء: إنَّ هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ)، والأمر باجتناب الفعل يُعد أشد أنواع النهي؛ لأنه يقتضي النهي عن مباشرة الفعل من باب أولى.
- ثانياً: مؤاخذة الإنسان على نيته السيئة ولو لم يعمل الحرام
وردت في سورة البقرة آية يُفهم منها أنَّ الإنسان مؤاخذ على نية فعل الحرام -حتى لو لم يفعل الحرام-، قال -تعالى-: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ)
وقد جاء عن علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس -في إحدى الروايات- وكعب الأحبار والشعبي والنخعي وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب وقتادة، بأنها منسوخة بقوله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).