الآفات الاجتماعية وكيف عالجها الإسلام
الآفات الاجتماعيّة
منذ بداية نزول الإسلام وضع الله -سبحانه وتعالى- قواعد وأسس متينة؛ يُبنى على أساسها مجتمع مسلم قويّ، وقادر على مواجهة العقبات والفتن التي تحدث في محيطه، ولذلك فإنّ الآفات الاجتماعية التي ظهرت منذ القدم حتى يومنا، على اختلاف أشكالها وأنواعها حاربها الإسلام وعالجها بطريقة رائعة، وفي هذا المقال سنتعرّف على بعض هذه الآفات، وكيف عالجها الإسلام.
يقصد بالآفات الاجتماعيّة السلوكيات الخاطئة والأخلاق المذمومة السيئة؛ التي تساعد على نشر الفتن والعداوة والخصومات بين الناس، ومن الأمثلة على هذه الآفات:
الإفساد بين الناس
من أخطر الآفات الاجتماعيّة المنتشرة بين الناس نشر الخصومة والفساد بين الناس، وإفساد العلاقات من خلال نقل الكلام، وعدم الحرص على إصلاح ذات البين، وقد عالج الإسلام هذا الأمر بأن نهى عن الفساد بين الناس، وأن جعل إصلاح ذات البين من أعظم الصدقات.
يقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ألا أخبرُكم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ، وفسادُ ذاتِ البينِ الحالِقةُ)، وقد ثبت في صحيح البخاري تنفيره -صلى الله عليه وسلم- من الإفساد بين الناس.
إذ جاء في الصحيح: (مَرَّ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بحَائِطٍ مِن حِيطَانِ المَدِينَةِ، أوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ في قُبُورِهِمَا، فَقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: يُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ ثُمَّ قالَ: بَلَى، كانَ أحَدُهُما لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وكانَ الآخَرُ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ).
السرقة والتعدي على الحقوق
السرقة من الآفات الاجتماعيّة الضارّة والسلبية جداً في المجتمع، حيث إنّ السارق يعتدي على حقوق غيره دون حقّ، ولذلك فقد عالج الإسلام هذه الخصلة السيئة بأنّ حرّم السرقة، وعدّها من أكبر الذنوب عند الله جلّ وعلا، وقد كانت عقوبة السارق قطع يده حتى لا يكررها، ويكون عظة لغيره.
يقول -تعالى-: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، كما حرم الإسلام الرشوة والربا، وأخذ المال العام بغير وجه حق، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لعنةُ اللَّهِ علَى الرَّاشي والمُرتشي).
العصبيّة القبليّة
من أكثر الآفات الاجتماعيّة التي تترك أثراً كبيراً في المجتمعات، ولا تقتصر آثارها على الفرد الواحد، وإنّما على المجتمع بأكمله العصبيّة القبليّة أو التعصّب إلى شيء ما، وقد حرّم الإسلام هذه العصبيّة.
يقول الرسول الكريم: (ليس منَّا مَن دعا إلى عصبيَّةٍ، وليس منَّا مَن قاتَل على عصبيَّةٍ، وليس منَّا مَن مات على عصبيَّةٍ)، وقد دعا الرسول أيضاً إلى أن يتعاضد المسلمون فيما بينهم دون فرق بين عبد وحرّ، وغنيّ وفقير، لا شيء سوى الإسلام، حيث قال: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى).
الآفات الصحيّة
يقصد بالآفات الصحيّة العادات الصحيّة السيئة التي تؤثر بشكل سلبي جدّاً على صحّة الإنسان، وبالتالي تؤثر سلباً على قدرته في الإسهام ببناء مجتمع مسلم قويّ، كما أنّ الإنسان يحاسب على جسمه فيما أفناه وأبلاه؛ فلأجسامنا علينا حقّ، وإن قصرنا فيها فلنا سيئات على ما فعلنا.
من الأمثلة على الآفات الصحيّة التدخين، ويقصد به تدخين الدخّان والتبغ، أو حتى شرب الأرجيلة والشيشة، وشرب الخمر والمسكرات، وإدمان المخدّرات؛ وهذه الآفات الصحيّة تضرّ بجسم الإنسان كثيراً، كما أنّ لها أضرارها السلبيّة على الفرد والمجتمع، فالإدمان بغض النظر عن نوعه عمل نفسيّ وجسديّ له تأثيره الخطير على المدى البعيد.
وقد حرّم الإسلام الخمر في النص القرآني الصريح؛ يقول -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
وعلى الرّغم من أنّ الدخان والمخدرات لم يكونوا في زمن الرسول؛ إلا أنّ الدعاة والمفتين المسلمين أفتوا بحرمتهما؛ لأنّ لهما نفس الأضرار السيئة على جسم الإنسان والمجتمع، وبالتالي لهما نفس حرمة الخمر.