استخلاف أبي بكر
ترشيح عمر بن الخطاب وأبي عبيدة لأبي بكر الصديق
بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي كان بمثابة رئيس للمسلمين، وجب أن يحلّ خليفة عنه ليدير أمور المسلمين ويسوسهم، فقام أبو بكر الصّديق -رضي الله عنه- يخاطب النّاس، وتخيّر أبو بكر لهم اثنين من الصّحابة ليبايعوهم، وهم: عمر بن الخطّاب، وأبو عبيدة الجرّاح -رضي الله عنهما-، لكنّ عمر وأبا عبيدة رفضا التّقدّم على أبي بكر، وطلب منه عمر أن يَمدّ يده ويبسطها، فكان عمر أوّل من بايعه، وقد رُشّح أبو بكر للخلافة لعدّة أسباب هي:
- إنّ أبا بكر هو رفيق النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الهجرة وصاحبه في الغار.
- ذكر الله -تعالى- أبا بكر في القرآن الكريم، ووصفه بأنّه ثاني اثنين.
- توكيل النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أبا بكر ليؤمّ النّاس في الصّلاة في فترة توعّكه ومرضه، والصّلاة هي خير أمور المسلمين، وتخيَّر أبي بكر لها إشارة من النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- لصلاح أبي بكر لهذا الأمر من بعده، ولم يُعيّنه رسول الله مباشرة؛ كي لا يظنّ المسلمون أنّ تعيين الخلافة أمرٌ إلهي، وأنّ هذا الخليفة فيه شيء من القداسة، إنّما هو بشر قد يُصيب وقد يُخطئ، فترك لهم الأمر لِيتخيّروا بينهم.
مبايعة أبي بكر الصديق
بيعة الأنصار لأبي بكر
اجتمع الأنصار بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مباشرة في سقيفة بني ساعدة في المدينة المنوّرة؛ وذلك ليتناقشوا في أمر خلافة المسلمين من بعد رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، ولمّا سمع بذلك أبو بكر وعمر انطلقا إليهما، فوجدوهم يطلبون الخلافة لأنفسهم وقد تخيّروا لذلك سعد بن عُبادة -رضي الله عنه-.
ولكنّ أبا بكر والصّحابة ناقشوهم في هذا الأمر وبيّنوا لهم أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أوصى أن تكون الإمامة في قريش، ولم يكن الأنصار ممّن يعاندون في الحقّ، بل وافقوا على تولية أبي بكر أمور المسلمين، وبايعوه في السّقيفة، فكانت هذه البيعة خاصّة، إذ حضر فيها فقط الأنصار وبعضاً من المهاجرين، ولم يحضرها أحد من آل بيت رسول الله -صلّى الله عليه وسالّم-؛ لانشغالهم وقتئذ في تشييع جثمان حبيبهم.
بيعة عموم الصحابة لأبي بكر
كانت البيعة في سقيفة بني ساعدة بيعة أوّلية، فهي بمثابة ترشيحٌ لأبي بكر، وفي اليوم التّالي من وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو يوم الثّلاثاء، كان لا بدّ من اجتماع المسلمين كافّة على خليفتهم، فبايعوه جميعاً في مسجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على السّمع والطّاعة، وشملت البيعة الرّجال والنّساء، والمهاجرين والأنصار، فكانت بيعة الرّجال مصافحة باليد، بينما النّساء بايعوا إشارة بالكلام فقط دون مصافحة اليد، وهذه هي البيعة العامّة.
وتجدر الإشارة هنا إلى اختلاف مبايعة الصّحابة لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- و مبايعتهم لأبي بكر ، فإنّ رسول الله كانت إمامته نبوّةً مختارة من الله -تعالى- عن طريق الوحي، بينما اخْتير أبو بكر من أهل الحلّ والعقد من المسلمين، فوجب عليهم السّمع والطّاعة لوليّهم.