اختيار الزوج الصالح في الإسلام
معايير اختيار الزّوج الصالح
عَنيت الشّريعة الإسلاميّة بالأسرة كلبنةٍ أساسيّة في تشكيل بناء المجتمع الإسلامي، فلو صَلحت تلك اللبنة لصلح البناء كلّه، وفي المقابل لو فسدت تلك اللّبنة، أو ضعفت لاهتزّ البناء وضعف، ولأجل ذلك فقد وضعت الشّريعة الإسلاميّة أحكامًا وضوابط وتوجيهات تضمن تشكيل أسرٍ على أساسٍ صحيح، ومعايير مدروسة، وإنّ أول خطوة في تشكيل بناء الأسرة هو اختيار الزّوج الصالح أو الزّوجة الصالحة.
كما تطرّق النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- إلى موضوع اختيار الشّريك المُناسب، مُبيّنًا المعايير التي يتمّ الاختيار وفقها، والتي تضمن دوام العلاقة الزّوجيّة واستمرارها بعيدًا عن المشاكل والمنغّصات، وإنّ من أهم تلك المعايير في مسألة اختيار الزّوج الطالح نذكر أبرزها فيما يلي:
الدين والأخلاق
ففي الحديث الشّريف قوله -عليه الصّلاة والسّلام- (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)؛ حيث يعتبر معيار الدّين ومعيار الخلق من أهمّ المعايير التي يتمّ اختيار الزّوج على أساسها، فالدّين يتعلّق بمدى التزام الإنسان بما افترضه عليه دينه من الأوامر واجتناب ما نهى عنه، والحرص على إقامة شعائر الله -تعالى- من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وغير ذلك.
أمّا الأخلاق فهي تعبّر عن منظومة الصّفات التي يتّصف بها الرّجل في حياته وما يتعلّق بمعاملاته مع النّاس كالصّدق والأمانة والتّواضع والعفو والتّسامح وغير ذلك، وحينما يجتمع الدّين والأخلاق تتحدّد شخصيّة الرّجل وهويته إلى حدٍ كبير، وعند ذلك تستطيع المرأة الاختيار بيسر بين من يتقدّم لها من الرّجال بمدى توافر هذين المعيارين فيهم من عدمه.
تحمّل المسؤوليّة
من معايير اختيار الرّجل الكفء أن يتوفّر عنده حسّ المسؤوليّة سواء كانت مالية أو معنوية أو غيرها من المسؤوليات؛ بحيث يكون قادرًا على القيام بالأعباء والواجبات المُلقاة على عاتقه بكلّ اقتدارٍ وكفاءة، وإنّ الزّوج الصّالح ليدرك أنّه سوف يكون راعياً ومسؤولاً عن رعيته أمام الله -تعالى-، فيحمله ذلك على أن يتحمّل المسؤولية، ولا يتهرّب منها أو يقصرّ فيها.
القدرة على الإنجاب
على المرأة أن تتحرى ما إذا كان الرجل قادرًا على الإنجاب أن لا، فإذا علمت أنه غير قادرة من المستحب ألا تتزوجه لمخالفتها ما حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكاثرة الأمة الإسلامية، ولما فيه من أضرار على المرأة وفطرتها، لأن بطبيعة الحال كل إنسان مجبول على حب الولد.
ومما رواه معقل بن يسار أنه جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ – فقالَ: (إنِّي أصبتُ امرأةً ذاتَ جمالٍ وحسَبٍ وأنها لا تَلدُ، أفأتَزَوَّجُها قالَ: لا ثمَّ أتاهُ الثَّانيةَ فنَهاهُ ثمَّ أتاهُ الثَّالثةَ فقالَ: تزَوَّجوا الودودَ الولودَ فإنِّي مُكاثرٌ بِكُم الأُمَمَ)، وهذا الأمر ينطبق على كلا الطرفين عند الاختيار.
النسب والتوافق في الصفات
لأن النكاح أساس لارتباط الزوجين ببعضهما البعض طول الحياة، لابد من التوافق في الطبع، والتلاؤم في الوضع، والتشابه في المستوى الاجتماعي، والتقارب في المستوى الثقافي قدر الإمكان، لأن عدم الانسجام في هذه الأمور قد يخلق بين الزوجين مشاكل تعكر صفو الحياة الزوجية فيما بعد.