اجمل قصائد المتنبي
قصيدة: وشامخ من الجبال أقود
وَشامِخٍ مِنَ الجِبالِ أَقوَدِ
- فَردٍ كَيافوخِ البَعيرِ الأَصيَدِ
يُسارُ مِن مَضيقِهِ وَالجَلمَدِ
- في مِثلِ مَتنِ المَسَدِ المُعَقَّدِ
زُرناهُ لِلأَمرِ الَّذي لَم يُعهَدِ
- لِلصَيدِ وَالنُزهَةِ وَالتَمَرُّدِ
بِكُلِّ مَسقِيِّ الدِماءِ أَسوَدِ
- مُعاوِدٍ مُقَوَّدٍ مُقَلَّدِ
بِكُلِّ نابٍ ذَرِبٍ مُحَدَّدِ
- عَلى حِفافَي حَنَكٍ كَالمِبرَدِ
كَطالِبِ الثَأرِ وَإِن لَم يَحقِدِ
- يَقتُلُ ما يَقتُلُهُ وَلا يَدي
يَنشُدُ مِن ذا الخِشفِ ما لَم يَفقِدِ
- فَثارَ مِن أَخضَرَ مَمطورٍ نَدي
كَأَنَّهُ بَدءُ عِذارِ الأَمرَدِ
- فَلَم يَكَد إِلّا لِحَتفٍ يَهتَدي
وَلَم يَقَع إِلّا عَلى بَطنِ يَدِ
- وَلَم يَدَع لِلشاعِرِ المُجَوِّدِ
وَصفاً لَهُ عِندَ الأَميرِ الأَمجَدِ
- المَلِكِ القَرمِ أَبي مُحَمَّدِ
القانِصِ الأَبطالَ بِالمُهَنَّدِ
- ذي النِعَمِ الغُرِّ البَوادي العُوَّدِ
إِذا أَرَدتُ عَدَّها لَم تُعدَدِ
- وَإِن ذَكَرتُ فَضلَهُ لَم يَنفَدِ
قصيدة: نسيت وما أنسى عتابا على الصد
نَسيتُ وَما أَنسى عِتاباً عَلى الصِدِّ
- وَلا خَفَراً زادَت بِهِ حُمرَةُ الخَدِّ
وَلا لَيلَةً قَصَّرتُها بِقَصورَةٍ
- أَطالَت يَدي في جيدِها صُحبَةَ العِقدِ
وَمَن لي بِيَومٍ مِثلِ يَومٍ كَرِهتُهُ
- قَرُبتُ بِهِ عِندَ الوَداعِ مِنَ البُعدِ
وَأَن لا يَخُصُّ الفَقدُ شَيئاً فَإِنَّني
- فَقَدتُ فَلَم أَفقِد دُموعي وَلا وَجدي
تَمَنٍّ يَلَذُّ المُستَهامُ بِمِثلِهِ
- وَإِن كانَ لا يُغني فَتيلاً وَلا يُجدي
وَغَيظٌ عَلى الأَيّامِ كَالنارِ في الحَشا
- وَلَكِنَّهُ غَيظُ الأَسيرِ عَلى القِدِّ
فَإِمّا تَريني لا أُقيمُ بِبَلدَةٍ
- فَآفَةِ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي
يَحُلُّ القَنا يَومَ الطِعانِ بِعَقوَتي
- فَأَحرِمُهُ عِرضي وَأُطعِمُهُ جِلدي
تُبَدِّلِ أَيّامي وَعَيشي وَمَنزِلي
- نَجائِبُ لا يُفكِرنَ في النَحسِ وَالسَعدِ
وَأَوجُهُ فِتيانٍ حَياءً تَلَثَّموا
- عَلَيهِنَّ لا خَوفاً مِنَ الحَرِّ وَالبَردِ
وَلَيسَ حَياءُ الوَجهِ في الذِئبِ شيمَةً
- وَلَكِنَّهُ مِن شيمَةِ الأَسَدِ الوَردِ
إِذا لَم تُجِزهُم دارَ قَومٍ مَوَدَّةٌ
- أَجازَ القَنا وَالخَوفُ خَيرٌ مِنَ الوُدِّ
يَحيدونَ عَن هَزلِ المُلوكِ إِلى الَّذي
- تَوَفَّرَ مِن بَينَ المُلوكِ عَلى الجِدِّ
وَمَن يَصحَبِ اِسمَ اِبنِ العَميدِ مُحَمَّدٍ
- يَسِر بَينَ أَنيابِ الأَساوِدِ وَالأُسدِ
يَمُرُّ مِنَ السُمِّ الوَحِيِّ بِعاجِزٍ
- وَيَعبُرُ مِن أَفواهِهِنَّ عَلى دُردِ
كَفانا الرَبيعُ العيسَ مِن بَرَكاتِهِ
- فَجاءَتهُ لَم تَسمَع حُداءً سِوى الرَعدِ
إِذا ما اِستَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفسَهُ
- كَرِعنَ بِسَبتٍ في إِناءٍ مِنَ الوَردِ
كَأَنّا أَرادَت شُكرَنا الأَرضُ عِندَهُ
- فَلَم يُخلِنا جَوٌّ هَبَطناهُ مِن رِفدِ
لَنا مَذهَبُ العُبّادِ في تَركِ غَيرِهِ
- وَإِتيانِهِ نَبغي الرَغائِبَ بِالزُهدِ
رَجَونا الَّذي يَرجونَ في كُلِّ جَنَّةٍ
- بِأَرجانِ حَتّى ما يَإِسنا مِنَ الخُلدِ
تَعَرَّضُ لِلزُوّارِ أَعناقُ خَيلِهِ
- تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ مِنَ الطَردِ
وَتَلقى نَواصيها المَنايا مُشيحَةً
- وُرودَ قَطاً صُمٍّ تَشايَحنَ في وِردِ
وَتَنسُبُ أَفعالُ السُيوفِ نُفوسَها
- إِلَيهِ وَيَنسُبنَ السُيوفَ إِلى الهِندِ
إِذا الشُرَفاءُ البيضُ مَتّوا بِقَتوِهِ
- أَتى نَسَبٌ أَعلى مِنَ الأَبِ وَالجَدِّ
فَتىً فاتَتِ العَدوى مِنَ الناسِ عَينُهُ
- فَما أَرمَدَت أَجفانَهُ كَثرَةُ الرُمدِ
وَخالَفَهُم خَلقاً وَخُلقاً وَمَوضِعاً
- فَقَد جَلَّ أَن يَعدى بِشَيءٍ وَأَن يُعدي
يُغَيِّرُ أَلوانَ اللَيالي عَلى العِدى
- بِمَنشورَةِ الراياتِ مَنصورَةِ الجُندِ
إِذا اِرتَقَبوا صُبحاً رَأَوا قَبلَ ضَوإِهِ
- كَتائِبَ لا يَردِ الصَباحُ كَما تَردي
وَمَبثوثَةً لا تُتَّقى بِطَليعَةٍ
- وَلا يُحتَمى مِنها بِغَورٍ وَلا نَجدِ
يَغُصنَ إِذا ما عُدنَ في مُتَفاقِدٍ
- مِنَ الكُثرِ غانٍ بِالعَبيدِ عَنِ الحَشدِ
حَثَت كُلُّ أَرضٍ تُربَةً في غُبارِهِ
- فَهُنَّ عَلَيهِ كَالطَرائِقِ في البُردِ
فَإِن يَكُنِ المَهدِيُّ مَن بانَ هَديُهُ
- فَهَذا وَإِلّا فَالهُدى ذا فَما المَهدي
يُعَلِّلُنا هَذا الزَمانُ بِذا الوَعدِ
- وَيَخدَعُ عَمّا في يَدَيهِ مِنَ النَقدِ
هَلِ الخَيرُ شَيءٌ لَيسَ بِالخَيرِ غائِبٌ
- أَمِ الرُشدُ شَيءٌ غائِبٌ لَيسَ بِالرُشدِ
أَأَحزَمَ ذي لُبٍّ وَأَكرَمَ ذي يَدٍ
- وَأَشجَعَ ذي قَلبٍ وَأَرحَمَ ذي كِبدِ
وَأَحسَنَ مُعتَمٍّ جُلوساً وَرِكبَةً
- عَلى المِنبَرِ العالي أَوِ الفَرَسِ النَهدِ
تَفَضَّلَتِ الأَيّامُ بِالجَمعِ بَينَنا
- فَلَمّا حَمِدنا لَم تُدِمنا عَلى الحَمدِ
جَعَلنَ وَداعي واحِداً لِثَلاثَةٍ
- جَمالِكَ وَالعِلمِ المُبَرِّحِ وَالمَجدِ
وَقَد كُنتُ أَدرَكتُ المُنى غَيرَ أَنَّني
- يُعَيِّرُني أَهلي بِإِدراكِها وَحدي
وَكُلُّ شَريكٍ في السُرورِ بِمُصبَحي
- أَرى بَعدَهُ مَن لا يَرى مِثلَهُ بَعدي
فَجُد لي بِقَلبٍ إِن رَحَلتُ فَإِنَّني
- مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ مَن فَضلُهُ عِندي
وَلَو فارَقَت نَفسي إِلَيكَ حَياتَها
- لَقُلتُ أَصابَت غَيرَ مَذمومَةِ العَهدِ
قصيدة: أطاعن خيلا من فوارسها الدهر
أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ
- وَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَبرُ
وَأَشجَعُ مِنّي كُلَّ يَومٍ سَلامَتي
- وَما ثَبَتَت إِلّا وَفي نَفسِها أَمرُ
تَمَرَّستُ بِالآفاتِ حَتّى تَرَكتُها
- تَقولُ أَماتَ المَوتُ أَم ذُعِرَ الذُعرُ
وَأَقدَمتُ إِقدامَ الأَتِيِّ كَأَنَّ لي
- سِوى مُهجَتي أَو كانَ لي عِندَها وِترُ
ذَرِ النَفسَ تَأخُذ وُسعَها قَبلَ بَينِها
- فَمُفتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمرُ
وَلا تَحسَبَنَّ المَجدَ زِقّاً وَقَينَةً
- فَما المَجدُ إِلّا السَيفُ وَالفَتكَةُ البِكرُ
وَتَضريبُ أَعناقِ المُلوكِ وَهامِها
- لَكَ الهَبَواتُ السودُ وَالعَسكَرُ المَجرُ
وَتَركُكَ في الدُنيا دَوِيّاً كَأَنَّما
- تَداوَلُ سَمعَ المَرءِ أَنمُلُهُ العَشرُ
إِذا الفَضلُ لَم يَرفَعكَ عَن شُكرِ ناقِصٍ
- عَلى هِبَةٍ فَالفَضلُ فيمَن لَهُ الشُكرُ
وَمَن يُنفِقِ الساعاتِ في جَمعِ مالِهِ
- مَخافَةَ فَقرٍ فَالَّذي فَعَلَ الفَقرُ
عَلَيَّ لِأَهلِ الجَورِ كُلُّ طِمِرَّةٍ
- عَلَيها غُلامٌ مِلءُ حَيزومِهِ غِمرُ
يُديرُ بِأَطرافِ الرِماحِ عَلَيهِمِ
- كُؤوسَ المَنايا حَيثُ لا تُشتَهى الخَمرُ
وَكَم مِن جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أَنَّني ال
- جِبالُ وَبَحرٍ شاهِدٍ أَنَّني البَحرُ
وَخَرقٍ مَكانُ العيسِ مِنهُ مَكانُنا
- مِنَ العيسِ فيهِ واسِطُ الكورِ وَالظَهرُ
يَخِدنَ بِنا في جَوزِهِ وَكَأَنَّنا
- عَلى كُرَةٍ أَو أَرضُهُ مَعَنا سَفرُ
وَيَومٍ وَصَلناهُ بِلَيلٍ كَأَنَّما
- عَلى أُفقِهِ مِن بَرقِهِ حُلَلٌ حُمرُ
وَلَيلٍ وَصَلناهُ بِيَومٍ كَأَنَّما
- عَلى مَتنِهِ مِن دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ
وَغَيثٌ ظَنَنّا تَحتُهُ أَنَّ عامِراً
- عَلا لَم يَمُت أَو في السَحابِ لَهُ قَبرُ
أَوِ اِبنَ اِبنِهِ الباقي عَلِيَّ بنَ أَحمَدٍ
- يَجودُ بِهِ لَو لَم أَجُز وَيَدي صِفرُ
وَإِنَّ سَحاباً جَودُهُ مِثلُ جودِهِ
- سَحابٌ عَلى كُلِّ السَحابِ لَهُ فَخرُ
فَتىً لا يَضُمُّ القَلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ
- وَلَو ضَمَّها قَلبٌ لَما ضَمَّهُ صَدرُ
وَلا يَنفَعُ الإِمكانُ لَولا سَخائُهُ
- وَهَل نافِعٌ لَولا الأَكُفُّ القَنا السُمرُ
قِرانٌ تَلاقى الصَلتُ فيهِ وَعامِرٌ
- كَما يَتَلاقى الهِندُوانِيُّ وَالنَصرُ
فَجاءا بِهِ صَلتَ الجَبينِ مُعَظَّماً
- تَرى الناسَ قُلّاً حَولَهُ وَهُمُ كُثرُ
مُفَدّى بِئاباءِ الرِجالِ سَمَيذَعاً
- هُوَ الكَرَمُ المد الَّذي مالَهُ جزر
وَما زِلتُ حَتّى قادَني الشَوقُ نَحوَهُ
- يُسايِرُني في كُلِّ رَكبٍ لَهُ ذِكرُ
وَأَستَكبِرُ الأَخبارَ قَبلَ لِقائِهِ
- فَلَمّا اِلتَقَينا صَغَّرَ الخَبَرَ الخُبرُ
إِلَيكَ طَعَنّا في مَدى كُلِّ صَفصَفٍ
- بِكُلِّ وَآةٍ كُلُّ ما لَقِيَت نَحرُ
إِذا وَرِمَت مِن لَسعَةٍ مَرِحَت لَها
- كَأَنَّ نَوالاً صَرَّ في جِلدِها النِبرُ
فَجِئناكَ دونَ الشَمسِ وَالبَدرِ في النَوى
- وَدونَكَ في أَحوالِكَ الشَمسُ وَالبَدرُ
كَأَنَّكَ بَردُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ
- وَلَو كُنتَ بَردَ الماءِ لَم يَكُنِ العِشرُ
دَعاني إِلَيكَ العِلمُ وَالحِلمُ وَالحِجى
- وَهَذا الكَلامُ النَظمُ وَالنائِلُ النَثرُ
وَما قُلتُ مِن شِعرٍ تَكادُ بُيوتُهُ
- إِذا كُتِبَت يَبيَضُّ مِن نورِها الحِبرُ
كَأَنَّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفظِها
- نُجومُ الثُرَيّا أَو خَلائِقُكَ الزُهرُ
وَجَنَّبَني قُربَ السَلاطينِ مَقتُها
- وَما يَقتَضيني مِن جَماجِمِها النَسرُ
وَإِنّي رَأَيتُ الضُرَّ أَحسَنَ مَنظَراً
- وَأَهوَنَ مِن مَرأى صَغيرٍ بِهِ كِبرُ
لِساني وَعَيني وَالفُؤادُ وَهِمَّتي
- أَوُدُّ اللَواتي ذا اِسمُها مِنكَ وَالشَطرُ
وَما أَنا وَحدي قُلتُ ذا الشِعرَ كُلَّهُ
- وَلَكِن لِشِعري فيكَ مِن نَفسِهِ شِعرُ
وَماذا الَّذي فيهِ مِنَ الحُسنِ رَونَقاً
- وَلَكِن بَدا في وَجهِهِ نَحوَكَ البِشرُ
وَإِنّي وَإِن نِلتُ السَماءَ لَعالِمٌ
- بِأَنَّكَ ما نِلتَ الَّذي يوجِبُ القَدرُ
أَزالَت بِكَ الأَيّامُ عَتبى كَأَنَّما
- بَنوها لَها ذَنبٌ وَأَنتَ لَها عُذرُ
قصيدة: أظبية الوحش لولا ظبية الأنس
أَظَبيَةَ الوَحشِ لَولا ظَبيَةُ الأَنَسِ
- لَما غَدَوتُ بِجَدٍّ في الهَوى تَعِسِ
وَلا سَقَيتُ الثَرى وَالمُزنُ مُخلِفَةٌ
- دَمعاً يُنَشِّفُهُ مِن لَوعَةٍ نَفَسي
وَلا وَقَفتُ بِجِسمٍ مُسيَ ثالِثَةٍ
- ذي أَرسُمٍ دُرُسٍ في الأَرسُمِ الدُرُسِ
صَريعَ مُقلَتِها سَآلَ دِمنَتِها
- قَتيلَ تَكسيرِ ذاكِ الجَفنِ وَاللَعَسِ
خَريدَةٌ لَو رَأَتها الشَمسُ ما طَلَعَت
- وَلَو رَآها قَضيبُ البانِ لَم يَمِسِ
ما ضاقَ قَبلَكِ خَلخالٌ عَلى رَشَأٍ
- وَلا سَمِعتُ بِديباجٍ عَلى كَنَسِ
إِن تَرمِني نَكَباتُ الدَهرِ عَن كَثَبٍ
- تَرمِ اِمرَأً غَيرَ رِعديدٍ وَلا نَكِسِ
يَفدي بَنيكَ عُبَيدَ اللَهِ حاسِدُهُم
- بِجَبهَةِ العيرِ يُفدى حافِرُ الفَرَسِ
أَبا الغَطارِفَةِ الحامينَ جارَهُمُ
- وَتارِكي اللَيثِ كَلباً غَيرَ مُفتَرَسِ
مِن كُلِّ أَبيَضَ وَضّاحٍ عَمامَتُهُ
- كَأَنَّما اِشتَمَلَت نوراً عَلى قَبَسِ
دانٍ بَعيدٍ مُحِبٍّ مُبغِضٍ بَهِجٍ
- أَغَرَّ حُلوٍ مُمِرٍّ لَيِّنٍ شَرِسِ
نَدٍ أَبِيٍّ غَرٍ وافٍ أَخي ثِقَةٍ
- جَعدٍ سَرِيٍّ نَهٍ نَدبٍ رَضاً نَدُسِ
لَو كانَ فَيضُ يَدَيهِ ماءَ غادِيَةٍ
- عَزَّ القَطا في الفَيافي مَوضِعُ اليَبَسِ
أَكارِمٌ حَسَدَ الأَرضَ السَماءُ بِهِم
- وَقَصَّرَت كُلُّ مِصرٍ عَن طَرابُلسِ
أَيُّ المُلوكِ وَهُم قَصدي أُحاذِرُهُ
- وَأَيُّ قِرنٍ وَهُم سَيفي وَهُم تُرُسي
قصيدة: أرق على أرق
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
- وجوى يَزيدُ وعبرة تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصبابة أَن تَكونَ كَما أَرى
- عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
- إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
- نارُ الغضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
- فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني
- عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ
- أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ
- جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
- كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
- حَتّى ثوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا
- أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
- وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي
- مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ
حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ
- حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ
أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا
- فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت
- مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم
- مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ
وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ
- لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ
مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها
- وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ
أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا
- لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُ
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ
- أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُ
يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُ
- أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُ
أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً
- وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ
كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ
- ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُ
قصيدة: ليالي بعد الظاعنين شكول
لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شكول
- طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ
يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ
- وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ
وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً
- وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا
- وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ
- فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً
- لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ
يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسنة فَوْقَهُ
- فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ
أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا
- لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ
ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي
- فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ
لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً
- شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ
وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ
- بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ
وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ اثّارَ عاشِقٌ
- ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذخول
وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ
- تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ
رَمَى الدّرْبَ بالجرد الجيادِ إلى العِدى
- وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خيول
شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا
- لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ
وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ
- بحران لَبّتْهَا قناً وَنُصُولُ
هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ
- بأرعن وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ
وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ
- إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ
فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ
- عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ
على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ
- وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ
فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً
- قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ
سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ
- فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ
وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ
- كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ
وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً
- وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ
فَخاضَتْ نجيع القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ
- بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ
تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ
- بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ
وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ ملطية
- مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ
وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قباب
- فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ
وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا
- تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ
يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ
- سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ ومسيل
تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ
- وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتليل
وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى
- وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ
طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها
- لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ
تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا
- فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ
وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى
- وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ
وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ
- وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ
وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا
- وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ
لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ
- وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ
فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ
- دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ
وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ
- وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ
فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ
- فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ
جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ
- وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ
فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ
- بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ
على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ
- وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ
لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ
- فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ
نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً
- وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً
- وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ
بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ
- نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ
أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا
- عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ
إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً
- غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ
إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ
- هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ
وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ
- فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ
فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً
- فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ
إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ
- فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ
أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ
- إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ
وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني
- أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ
أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى
- وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ
سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ
- إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ
وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ
- وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ
وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ
- كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ
يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا
- وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ
فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ
- فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ
يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ
- إذا لم تَغُلْهُ بالأسنة غُولُ
شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ
- فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ
فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا
- لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ
لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً
- وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ
قصيدة: عيد بأية حال عدت يا عيد
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
- بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فالبيداء دونَهُمُ
- فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ
لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها
- وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً
- أَشباهُ رَونَقِهِ الغيد الأماليد
لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي
- شَيْئاً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ
يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما
- أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وتسهد
أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني
- هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ
إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً
- وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ
ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ
- أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ
أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً
- أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ
إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ
- عَنِ القرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ
جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ
- مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفساً مِن نُفوسِهِمُ
- إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ
- لا في الرِحالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
أَكُلَّما اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ
- أَو خانَهُ فله في مِصرَ تَمهيدُ
صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها
- فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ
نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها
- فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ
العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ
- لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ
لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ
- إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ
ما كُنتُ أَحسَبُني أَحيا إِلى زَمَنٍ
- يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا
- وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ
وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ
- تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ
جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني
- لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ
إِنَّ اِمرَءً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ
- لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ
وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها
- لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القودُ
وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ
- إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ
مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً
- أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ
أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً
- أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ
أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ
- في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ
- عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ
قصيدة: لا خيل عندك تهديها ولا مال
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ
- فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وَاِجزِ الأَميرَ الَّذي نُعماهُ فاجِئَةٌ
- بِغَيرِ قَولِ وَنُعمى الناسِ أَقوالُ
فَرُبَّما جَزِيَ الإِحسانَ مولِيَهُ
- خَريدَةٌ مِن عَذارى الحَيِّ مِكسالُ
وَإِن تَكُن مُحكَماتُ الشُكلِ تَمنَعُني
- ظُهورَ جَريٍ فَلي فيهِنَّ تَصهالُ
وَما شَكَرتُ لِأَنَّ المالَ فَرَّحَني
- سِيّانَ عِندِيَ إِكثارٌ وَإِقلالُ
لَكِن رَأَيتُ قَبيحاً أَن يُجادَلَنا
- وَأَنَّنا بِقَضاءِ الحَقِّ بُخّالُ
فَكُنتُ مَنبِتَ رَوضِ الحُزنِ باكَرَهُ
- غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأَرضِ هَطّالُ
غَيثٌ يُبَيِّنُ لِلنُظّارِ مَوقِعُهُ
- أَنَّ الغُيوثَ بِما تَأتيهِ جُهّالُ
لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيِّدٌ فَطِنٌ
- لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ
لا وارِثٌ جَهِلَت يُمناهُ ما وَهَبَت
- وَلا كَسوبٌ بِغَيرِ السَيفِ سَئالُ
قالَ الزَمانُ لَهُ قَولاً فَأَفهَمَهُ
- إِنَّ الزَمانَ عَلى الإِمساكِ عَذّالُ
تَدري القَناةُ إِذا اِهتَزَّت بِراحَتِهِ
- أَنَّ الشَقِيَّ بِها خَيلٌ وَأَبطالُ
كَفاتِكٍ وَدُخولُ الكافِ مَنقَصَةٌ
- كَالشَمسِ قُلتُ وَما لِلشَمسِ أَمثالُ
القائِدِ الأُسدَ غَذَّتها بَراثِنُهُ
- بِمِثلِها مِن عِداهُ وَهيَ أَشبالُ
القاتِلِ السَيفَ في جِسمِ القَتيلِ بِهِ
- وَلِلسُيوفِ كَما لِلناسِ آجالُ
تُغيرُ عَنهُ عَلى الغاراتِ هَيبَتُهُ
- وَمالُهُ بِأَقاصي الأَرضِ أَهمالُ
لَهُ مِنَ الوَحشِ ما اِختارَت أَسِنَّتُهُ
- عَيرٌ وَهَيقٌ وَخَنساءٌ وَذَيّالُ
تُمسي الضُيوفُ مُشَهّاةً بِعَقوَتِهِ
- كَأَنَّ أَوقاتَها في الطيبِ آصالُ
لَوِ اِشتَهَت لَحمَ قاريها لَبادَرَها
- خَرادِلٌ مِنهُ في الشيزى وَأَوصالُ
لا يَعرِفُ الرُزءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ
- إِلّا إِذا حَفَزَ الأَضيافَ تَرحالُ
يُروي صَدى الأَرضِ مِن فَضلاتِ ما شَرِبوا
- مَحضُ اللِقاحِ وَصافي اللَونِ سَلسالُ
تَقري صَوارِمُهُ الساعاتِ عَبطَ دَمٍ
- كَأَنَّما الساعُ نُزّالٌ وَقُفّالُ
تَجري النُفوسُ حَوالَيهِ مُخَلَّطَةً
- مِنها عُداةٌ وَأَغنامٌ وَآبالُ
لا يَحرِمُ البُعدُ أَهلَ البُعدِ نائِلَهُ
- وَغَيرُ عاجِزَةٍ عَنهُ الأُطَيفالُ
أَمضى الفَريقَينِ في أَقرانِهِ ظُبَةً
- وَالبيضُ هادِيَةً وَالسُمرُ ضُلّالُ
يُريكَ مَخبَرُهُ أَضعافَ مَنظَرِهِ
- بَينَ الرِجالِ وَفيها الماءُ وَالآلُ
وَقَد يُلَقِّبُهُ المَجنونَ حاسِدُهُ
- إِذا اِختَلَطنَ وَبَعضُ العَقلِ عُقّالُ
يَرمي بِها الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَها
- مِن شَقِّهِ وَلَوَ أَنَّ الجَيشَ أَجبالُ
إِذا العِدى نَشِبَت فيهِم مَخالِبُهُ
- لَم يَجتَمِع لَهُمُ حِلمٌ وَرِئبالُ
يَروعُهُم مِنهُ دَهرٌ صَرفُهُ أَبَداً
- مُجاهِرٌ وَصُروفُ الدَهرِ تَغتالُ
أَنالَهُ الشَرَفَ الأَعلى تَقَدُّمُهُ
- فَما الَّذي بِتَوَقّي ما أَتى نالوا
إِذا المُلوكُ تَحَلَّت كانَ حِليَتَهُ
- مُهَنَّدٌ وَأَضَمُّ الكَعبِ عَسّالُ
أَبو شُجاعٍ أَبو الشُجعانِ قاطِبَةً
- هَولٌ نَمَتهُ مِنَ الهَيجاءِ أَهوالُ
تَمَلَّكَ الحَمدَ حَتّى ما لِمُفتَخِرٍ
- في الحَمدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دالُ
عَلَيهِ مِنهُ سَرابيلٌ مُضاعَفَةٌ
- وَقَد كَفاهُ مِنَ الماذِيِّ سِربالُ
وَكَيفَ أَستُرُ ما أولَيتَ مِن حَسَنٍ
- وَقَد غَمَرتَ نَوالاً أَيُّها النالُ
لَطَّفتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكرِمَتي
- إِنَّ الكَريمَ عَلى العَلياءِ يَحتالُ
حَتّى غَدَوتَ وَلِلأَخبارِ تَجوالُ
- وَلِلكَواكِبِ في كَفَّيكَ آمالُ
وَقَد أَطالَ ثَنائي طولُ لابِسِهِ
- إِنَّ الثَناءَ عَلى التِنبالِ تِنبالُ
إِن كُنتَ تَكبُرُ أَن تَختالَ في بَشَرٍ
- فَإِنَّ قَدرَكَ في الأَقدارِ يَختالُ
كَأَنَّ نَفسَكَ لا تَرضاكَ صاحِبَها
- إِلّا وَأَنتَ عَلى المِفضالِ مِفضالُ
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لِمُهجَتِها
- إِلّا وَأَنتَ لَها في الرَوعِ بَذّالُ
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ
- الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ
وَإِنَّما يَبلُغُ الإِنسانُ طاقَتُهُ
- ما كُلُّ ماشِيَةٍ بِالرَحلِ شِملالُ
إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ
- مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ
ذِكرُ الفَتى عُمرُهُ الثاني وَحاجَتُهُ
- ما قاتَهُ وَفُضولُ العَيشِ أَشغالُ
قصيدة: أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
أَجابَ دَمعي وَما الداعي سِوى طَلَلِ
- دَعا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَكبِ وَالإِبِلِ
ظَلِلتُ بَينَ أُصَيحابي أُكَفكِفُهُ
- وَظَلَّ يَسفَحُ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ
أَشكو النَوى وَلَهُم مِن عَبرَتي عَجَبٌ
- كَذاكَ كُنتُ وَما أَشكو سِوى الكَلَلِ
وَما صبابة مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ
- مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ
مَتى تَزُر قَومَ مَن تَهوى زِيارَتَها
- لا يُتحِفوكَ بِغَيرِ البيض وَالأَسَلِ
وَالهَجرُ أَقتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ
- أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ
ما بالُ كُلِّ فُؤادٍ في عَشيرَتِها
- بِهِ الَّذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
مُطاعَةُ اللَحظِ في الأَلحاظِ مالِكَةٌ
- لِمُقلَتَيها عَظيمُ المُلكِ في المُقَلِ
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِساتُ بِها
- في مَشيِها فينلن الحُسنَ بِالحِيَلِ
قَد ذُقتُ شِدَّةَ أَيّامي وَلَذَّتَها
- فَما حَصَلتُ عَلى صابٍ وَلا عَسَلِ
وَقَد أَراني الشَبابُ الروحَ في بَدَني
- وَقَد أَراني المَشيبُ الروحَ في بَدَلي
وَقَد طَرَقتُ فَتاةَ الحَيِّ مُرتَدِياً
- بِصاحِبٍ غَيرِ عِزهاةٍ وَلا غَزِلٍ
فَباتَ بَينَ تَراقينا نُدَفِّعُهُ
- وَلَيسَ يَعلَمُ بِالشَكوى وَلا القُبَلِ
ثُمَّ اِغتَدى وَبِهِ مِن رَدعِها أَثَرٌ
- عَلى ذُؤابَتِهِ وَالجَفنِ وَالخِلَلِ
لا أَكسِبُ الذِكرَ إِلّا مِن مَضارِبِهِ
- أَو مِن سِنانٍ أَصَمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ
جادَ الأَميرُ بِهِ لي في مَواهِبِهِ
- فَزانَها وَكَساني الدِرعَ في الحُلَلِ
وَمِن عَلِيِّ بنِ عَبدِ اللَهِ مَعرِفَتي
- بِحَملِهِ مَن كَعَبدِ اللَهِ أَو كَعَلي
مُعطي الكَواعِبِ وَالجُردِ السَلاهِبِ وَال
- بيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذَبُلِ
ضاقَ الزَمانُ وَوَجهُ الأَرضِ عَن مَلِكٍ
- مِلءِ الزَمانِ وَمِلءِ السَهلِ وَالجَبَلِ
فَنَحنُ في جَذَلٍ وَالرومُ في وَجَلٍ
- وَالبَرُّ في شُغُلٍ وَالبَحرُ في خَجَلِ
مِن تَغلِبَ الغالِبينَ الناسَ مَنصِبُهُ
- وَمِن عَدِيٍّ أَعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
وَالمَدحُ لِاِبنِ أَبي الهَيجاءِ تُنجِدُهُ
- بِالجاهِلِيَّةِ عَينُ العِيِّ وَالخَطَلِ
لَيتَ المَدائِحَ تَستَوفي مَناقِبَهُ
- فَما كُلَيبٌ وَأَهلُ الأَعصُرِ الأُوَلِ
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ
- في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
وَقَد وَجَدتَ مَجالَ القَولِ ذا سَعَةٍ
- فَإِن وَجَدتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ
إِنَّ الهُمامَ الَّذي فَخرُ الأَنامِ بِهِ
- خَيرُ السُيوفِ بِكَفَّي خَيرَةِ الدُوَلِ
تُمسي الأَمانِيُّ صَرعى دونَ مَبلَغِهِ
- فَما يَقولُ لِشَيءٍ لَيتَ ذَلِكَ لي
أُنظُر إِذا اِجتَمَعَ السَيفانِ في رَهَجٍ
- إِلى اِختِلافِهِما في الخَلقِ وَالعَمَلِ
هَذا المُعَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ مُنصَلِتاً
- أَعَدَّ هَذا لِرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فَالعُربُ مِنهُ مَعَ الكُدرِيِّ طائِرَةٌ
- وَالرومُ طائِرَةٌ مِنهُ مَعَ الحَجَلِ
وَما الفِرارُ إِلى الأَجبالِ مِن أَسَدٍ
- تَمشي النَعامُ بِهِ في مَعقِلِ الوَعَلِ
جازَ الدُروبَ إِلى ما خَلفَ خَرشَنَةٍ
- وَزالَ عَنها وَذاكَ الرَوعُ لَم يَزُلِ
فَكُلَّما حَلَمَت عَذراءُ عِندَهُمُ
- فَإِنَّما حَلَمَت بِالسَبيِ وَالجَمَلِ
إِن كُنتَ تَرضى بِأَن يُعطو الجِزى بَذَلوا
- مِنها رِضاكَ وَمَن لِلعورِ بِالحَوَلِ
نادَيتُ مَجدَكَ في شِعري وَقَد صَدَرا
- يا غَيرَ مُنتَحِلٍ في غَيرِ مُنتَحِلِ
بِالشَرقِ وَالغَربِ أَقوامٌ نُحِبُّهُمُ
- فَطالِعاهُم وَكونا أَبلَغَ الرُسُلِ
وَعَرِّفاهُم بِأَنّي في مَكارِمِهِ
- أُقَلِّبُ الطَرفَ بَينَ الخَيلِ وَالخَوَلِ
يا أَيُّها المُحسِنُ المَشكورُ مِن جِهَتي
- وَالشُكرُ مِن قِبَلِ الإِحسانِ لا قِبَلي
ما كانَ نَومِيَ إِلّا فَوقَ مَعرِفَتي
- بِأَنَّ رَأيَكَ لا يُؤتى مِنَ الزَلَلِ
أَقِل أَنِل أَقطِعِ اِحمِل عَلِّ سَلِّ أَعِد
- زِد هَشَّ بَشَّ تَفَضَّل أَدنِ سُرَّ صِلِ
لَعَلَّ عَتبَكَ مَحمودٌ عَواقِبُهُ
- فَرُبَّما صَحَّتِ الأَجسامُ بِالعِلَلِ
وَما سَمِعتُ وَلا غَيري بِمُقتَدِرٍ
- أَذَبَّ مِنكَ لِزورِ القَولِ عَن رَجُلِ
لِأَنَّ حِلمَكَ حِلمٌ لا تَكَلَّفُهُ
- لَيسَ التَكَحُّلُ في العَينَينِ كَالكَحَلِ
وَما ثَناكَ كَلامُ الناسِ عَن كَرَمٍ
- وَمَن يَسُدُّ طَريقَ العارِضِ الهَطِلِ
أَنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ
- وَلا مِطالٍ وَلا وَعدٍ وَلا مَذَلِ
أَنتَ الشُجاعُ إِذا ما لَم يَطَأ فَرَسٌ
- غَيرَ السَنَوَّرِ وَالأَشلاءِ وَالقُلَلِ
وَرَدَّ بَعضُ القَنا بَعضاً مُقارَعَةً
- كَأَنَّهُ مِن نُفوسِ القَومِ في جَدَلِ
لا زِلتَ تَضرِبُ مَن عاداكَ عَن عُرُضٍ
- بِعاجِلِ النَصرِ في مُستَأخِرِ الأَجَلِ
قصيدة: واحر قلباه ممن قلبه شبم
واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
- وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
- وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ
إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ
- فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ
قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ
- وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ
- وكانَ أحسنَ مافي الأحسَنِ الشِّيَمُ
فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظفر
- في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ
- لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ
ألزَمتَ نفسَكَ شيئاً ليس يَلْزَمُها
- أن لا يوارِيَهمْ أَرضٌ ولا عَلمُ
أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانْثَنى هَرَباً
- تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ
عليكَ هَزمُهُمُ في كلِّ مُعتركٍ
- وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا
أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر
- تَصافحَتْ فيه بيضُ الهِندِ واللمَمُ
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
- فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً
- أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ
وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ
- إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ
سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا
- بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
- وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها
- ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ
وجاهلٍ مدَّه في جهلِهِ ضَحِكي
- حَتّى أتَتْه يدٌ فرَّاسةٌ وفَمُ
إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
- فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها
- أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حرم
رِجلاه في الرَّكضِ رجلٌ واليدانِ يدٌ
- وفعلُه ما تريدُ الكفُّ وَالقَدَمُ
ومرهف سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
- حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
- والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
- حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
- وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ
ما كان أخلقنا منكم بتَكرمَةٍ
- لو أنَّ أمرَكُمُ مِن أمرِنا أمَمُ
إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا
- فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ
وبيننا لَو رعيتُم ذاك مَعرفةٌ
- إن المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ
كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم
- وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ
ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي
- أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ
ليتَ الغمامَ الذي عندي صواعقُهُ
- يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عندَهُ الدِّيَمُ
أرى النَّوى يَقتضيني كلَّ مرحلَةٍ
- لا تَستقلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لئنْ تَرَكْنَ ضميراً عن ميامِنِنا
- ليَحْدُثَنَّ لِمَنْ وَدَّعتُهم نَدَمُ
إذا ترحَّلتَ عن قومٍ وقد قدَروا
- ألا تُفارِقهُمْ فالرَّاحلونَ هُمُ
شرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بهِ
- وشرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
وشرُّ ما قنَّصَتْه راحتي قَنَصٌ
- شُهْبُ البُزاةِ سواءٌ فيه والرَّخَمُ
بأي لفظٍ تَقولُ الشعرَ زِعْنِفَةٌ
- تَجوزُ عندَك لا عُرْبٌ ولا عجم
هذا عتابُكَ إلّا أنَّهُ مِقة
- قد ضُمِّنَ الدُرَّ إلّا أنَّهُ كلم