ابو جهل عم الرسول
أبو جهل ليس عم الرسول
يُعدُ أبو جهل من قبيلة قُريش، وليس عماً للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ويجتمع نسبهما في مُرة بن كعب بن لؤي، فأبي جهل ليس من عائلة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولكنّه من نفس قبيلة النبيّ؛ أي قبيلة قريش، واسمهُ عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر المخزوميّ، وكان يُكنى أبا الحكم، فكنّاهُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أبا جهل فغلبت عليه، وكان أبو جهل من سادات قُريش، ولذلك دعا النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بأن يُؤيّد الله -تعالى- الإسلام به أو بِعُمر بن الخطاب، ولكنه لم يُسلِم، وكان عدواً للإسلام والمُسلمين وللنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فقال الله -سبحانه وتعالى- عنه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ)، فقال ابن عباس -رضي الله عنه-: "إنّها في أبي جهل ".
وبقي أبو جهل على عناده ومُعاداته للإسلام حتى قُتل في السنة الثانيّة للهجرة في غزوة بدر الكُبرى، وبقي طيلة حياته عدواً للإسلام والمُسلمين، وكان صاحب فكرة قتل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن طريق اختيار شابٍ من كُل قبيلةٍ ليتفرّق دمه بين القبائل، كما أنّهُ طعن سُميّة أُم عمار بِحَربته، وحرّض عُقبة بن أبي مُعيط لوضع فرث الجزور على كتف النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وهو ساجدٌ يُصلي، وفرث الجزور هو ما في أمعاء الإبل من القذارة، فدعا عليه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-.
موقف أبو جهل من دعوة النبي
كان لأبي جهل الكثير من المواقف المُعاندة للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ولدعوته، منها:
- موقفه من وفاة القاسم ابن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: لما تُوفّي القاسم قال أبو جهل: بُتِر محمد، فليس له من يقوم بأمره من بعده، فأنزل الله -سبحانه وتعالى- فيه قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).
- موقفه من الهجرة: وذلك عندما تآمر المُشركون واجتمعوا في دار الندوة، فاقترح بعضهم أن يُقيّدوا النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ويحبسوه أو يُخرجوه، واقترح أبو جهل أن يختاروا من كُل قبيلةٍ رجلٌ، فيضربوه ضربةَ رجلٍ واحد، فيرضى قومه بالديّة، فنزلت فيه الكثير من الآيات، وحلف ذات يومٍ أن يطأ عُنق النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وهو يُصلِّي، فأراه الله -عز وجل- بينه وبين النبيّ خندقاً من نار وهواء وأجنحة، فاجتنب ذلك وخاف.
- موقفه من إيذاء النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: ومن ذلك تحريضه لبعض المُشركين بوضع سلا الجزور -أمعاء الإبل- على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلِّي عند البيت، فوضعه أحدهم على النبيّ، وبدأوا يضحكون على النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، حتى جاءت فاطمة -رضي الله عنها- وطرحتهُ عن ظهره، وعندما انتهى النبيّ من صلاته دعا عليهم، وكان من ضمنهم أبو جهل، فقال: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأبِي جَهْلٍ"، فكان أبو جهل من قتلى القليب في بدر.
- وذات يومٍ توعَّد إن رأى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يُصلّي أن يطأ عُنقه، فبلغه أنه يُصلِّي، فقال: "ألم أنهك يا محمد عن الصلاة "؟ فانتهره النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فقال: "أتنتهرني وتهدّدنى وأنا أعز أهل البطحاء"، فأنزل الله -تعالى- فيه قوله: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْدًا إِذَا صَلَّى).
- موقفه من حادثة الإسراء والمعراج : لما سمع أبو جهل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يتحدّث للصحابة الكرام عن رحلته، جلس كالمُستهزئ، وقال: "هل من شيء"؟ فأخبره النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بما حصل معه في ذهابه إلى بيت المقدس، فأنكر عليه ذلك، وطلب منه أن يجمع له الناس؛ ليُحدّثهم بما حدّثه به، فنادى بالناس، واجتمعوا حوله، وحدّثهم النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بما حَدَث معه، فقال أبو جهل مُستهزئاً: "يخوفنا محمَّد شجرة الزقزم، هاتوا تمرًا وزبدًا فتزقموا".
- موقفهُ من الصدِّ عن الإسلام: فقد كان يأتي إلى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ويسمع منه، ثُمّ يذهب، فلا يؤمن، ولا يتأدّب أو يخشى، ويؤذي النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بالقول، ويصدُّ عن دينه، ويذهب مُتكبراً ومُختالاً بما فعل، فأنزل الله -تعالى- فيه قوله: (ثمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)، وله الكثير من المواقف في الدعوة وعناده لها، وإعراضه عنها.
- موقفهُ في غزوة بدر : فكان ممن حرّض على قتالِ المُسلمين، فقال -تعالى-: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)، وذلك بعدما وصل الخبر إلى قُريش بنجاة القافلة، وأخبرهم أبو سُفيان بالعودة، فقال: "واللهِ لا نرجعُ حتى نَرِدَ بدرًا، ونحتفل ثلاثة أيام، وننحر الإبل، ونشرب الخمر، وتسمع بنا العرب، فتهابُنا"، وفي المعركة كان يُحرِّض المُشركين على القِتال، وعدم الهرب أو التخذيل، فقال: "يا معشرَ الناس، لا يَهولَنَّكم خِذلان سراقةَ بنِ مالك، فإنه كان على ميعادٍ من محمد، ولا يُهولَنَكم قَتل شَيبة وعُتبةَ والوليد، فإن عَجِلوا فواللاتِ والعزى، لا نرجع حتى نفرِّقَهم في الجبال".
موت أبي جهل
قُتل أبو جهل في غزوة بدر من ابنا عفراء عندما جاءوا إلى عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- عن يمينه ويساره، وسألوا عنه، فقتلوه؛ لأنهم سمعا أنّهُ يسبُّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فدلّهما عبد الرحمن عليه، فابتدراه بسيفيهما، فضرباه وتعاونا عليه حتى قتلاه، وهُما: معاذ بن عفراء، ومعاذَ بن عمرو بن الجموح، وكان مقتلهُ في يوم بدر، وكان قد بلغ السبعين من عُمره.