إيجابيات وسلبيات العلم
إيجابيات العلم
أتاحت المعرفة العلمية للبشرية إمكانية تطوير تقنيات جديدة، إلى جانب إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها يومياً، والقدرة على اتّخاذ قرارات مبنية على أسس علمية، سواء كان ذلك على المستوى الفردي أو المجتمعي ، فقد استطاعت البشرية على مرّ العصور الاستفادة من العلم في التوصّل إلى كيفية تصميم وبناء الجسور، وإبطاء معدل التغيّر المناخي، وغيرها من الأمور، وفيما يأتي بعض من التفصيل لأثر العلم الإيجابي في العديد من مناحي الحياة:
تطوّر وسائل النقل
اقتصرت وسائل النقل قديماً على بعض أنواع الدوّاب كالإبل، فقد كانت احتياجات الإنسان فيما مضى محدودة، وبإمكانه تلبيتها من محيطه القريب، كما كان يقيم مع القبيلة التي ينتمي إليها في نفس المكان، لذا فإنّ الدواب كانت كافية لسدّ حاجاته من التنقّل، ولكن فيما بعد تغيّر شكل الحياة كثيراً، إذ ازداد عدد السكّان بشكل كبير، ونتيجة لذلك ازدادت حاجاتهم، فلجأ الإنسان إلى التنقّل لمسافات كبيرة لتحصيل لقمة عيشه، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى شكل جديد من وسائل النقل لتسهّل من مهمّات الحياة الجديدة.
كانت العجلة أوّل اختراع ساهم في إحداث نقلة نوعية في شكل وسائل النقل ، وتبعها فيما بعد اختراع المحرّك والآلات الأخرى، إلى أن أصبحت السيارات والطائرات الشكل الأساسي لوسائل النقل الحديثة، ممّا أخذ بحركة الاستيراد والتصدير إلى مرحلة جديدة، وجعل من إمكانية التنقّل إلى أماكن بعيدة أمراً متاحاً وسهلاً، إذ أصبح بإمكان الإنسان العودة إلى سكنه في نفس اليوم بعد انتهاء عمله الذي يبعد الكثير من الكيلومترات.
تطوّر المجال الصحي والطبي
ساهم التقدّم العلمي في القطاع الطبي بإنقاذ حياة ملايين البشر، وتقليل المخاطر والأمراض التي كان يتعرّض لها الإنسان فيما مضى، إلى جانب تطوير الرعاية الصحية، وتحسين جودة حياة الناس، فقديماً لم يمتلك الجراحون القدرة على القيام بعمليات جراحية في المناطق الحسّاسة من جسم الإنسان كالعين والدماغ، إلّا أنّ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي شهدت ثورة طبية تكنولوجية اعتمدت على الليزر والموجات فوق الصوتية في تمكين الأطباء من إجراء عمليات أكثر تعقيداً، كما أتاح العلم لاحقاً إمكانية استخدام الأشعة المقطعية وتقنيات الرنين المغناطيسي في المجال التصوير الطبي؛ للكشف عن الأورام أو جمع معلومات طبية أخرى.
قدّمت النهضة العلمية التي شهدها عالم الطبّ اللقاحات، والمطاعيم، والعلاجات للأمراض التي هدّدت حياة الإنسان قديماً، كما أوجدت المكمّلات الغذائية التي ساهمت في تحسين نموّه، بالإضافة إلى تقنيات التنقية التي ترفع من جودة الطعام والماء المقدّم له، وإلى جانب ذلك فقد شهد مجال علم الوراثة نموّاً وتطوّراً محلوظاً في ثمانينيات القرن الماضي، إذ توصّل العلماء إلى حقيقة أنّ كلّ سمات وصفات الكائن الحي الشكلية تحدّدها جينات معيّنة، ممّا أتاح لهم لاحقاً إمكانية عزل وفحص بعض الجينات في جسده.
تأثيرات التكنولوجيا
يمتلك العلم والمعرفة التكنولوجية تأثيراً كبيراً على حياة وأنشطة الإنسان، وفيما يأتي شرح موجز لذلك:
- ثروة معلوماتية: أتاحت التكنولوجيا التي أوجدت الإنترنت للإنسان مورداً عظيماً للمعلومات، إذ يمكن تحصيل مجموعة واسعة ومتنوّعة من الأخبار والأحداث بسهولة.
- توفير الوقت: يتيح التقدّم التكنولوجي نظام تحديد المواقع العالمي المعروف اختصاراً باسم (GPS)، والذي يستطيع إرشاد الإنسان للوصول إلى وجهته بشكل محدّد، ومن خلال أفضل وأقصر مسار يمكن للمركبة سلوكه.
- إتاحة المزيد من خيارات التنقّل: أصبح بإمكان الإنسان بفضل التكنولوجيا السفر لمسافات بعيدة وبسرعة كبيرة، إذ يستطيع الإنسان في الوقت الحالي أن يسافر بالطائرة من بلد إلى آخر حول العالم خلال يوم أو أقلّ.
- التواصل بكفاءة أعلى: أتاحت التكنولوجيا للأشخاص حول العالم فرصاً متنوّعة لتحقيق التواصل الفعّال، وذلك من خلال الهواتف الأرضية والنقالة، ورسائل البريد الإلكتروني، إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي وفّرت إمكانية مشاركة الصور الرقمية ومقاطع الفيديو.
- تطوير أساليب تعليم أفضل: تضيف التكنولوجيا إلى وسائل التعليم عنصر المرح والترفيه، وذلك من خلال عروض الفيديو والعروض التفاعلية، ممّا يرفع من نسبة الاستفادة لدى الطلاب، من 5-10% فقط في حالة شرح الدرس بالطريقة التقليدية، إلى 90% بفضل طرق التعليم القائمة على استخدام التكنولوجيا.
- إنترنت الأشياء: يقوم على مبدأ ربط الأشياء بالإنترنت والشبكات الإلكترونية، وله عدد من التأثيرات في نواحي الحياة المختلفة، فمثلاً تنبّه أجهزة الاستشعار الخاصّة بالسيارات السائق من مواقع السيارات الأخرى، ممّا يساهم في منع الحوادث واصطدام المركبات ببعضها.
سلبيات العلم
تقدم العلم في القرن الواحد والعشرين بشكل سريع وكبير، ممّا عاد بالكثير من الفوائد والمنافع على حياة البشرية، إلّا أنّه لم يعد من الممكن في بعض الأحيان السيطرة على هذا التقدّم، فكان للعلم والتكنولوجيا بعض الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، والتي لا بدّ من دراستها لتحديدها والحدّ منها، حتى يُتاح للبشر إمكانية الاستمتاع بالجوانب الإيجابية، وفيما يأتي بعض من الآثار السلبية.
الآثار البيئية
أدّى التطوّر العلمي والتحضّر اللّذان شهدتهما البشرية إلى إيجاد تنمية صناعية تعتمد على بناء الكثير من المنشآت والمصانع، إلى جانب انتشار وسائط النقل بمختلف أشكالها، وعلى الرغم ممّا تقدّمه هذه القطاعات من فوائد جمّة للإنسان، إلّا أنّ لها آثاراً سلبية كبيرة على البيئة، إذ تعدّ القضايا والمشاكل البيئية المتنوّعة أحد أكبر مصادر القلق التي يخشى منها العالم، ويأتي على رأسها استنفاد طبقة الأوزون، والاحتباس الحراري، وتدهور الغطاء النباتي، وتغيّر المناخ، بالإضافة إلى انقراض العديد من أنواع الحيوانات، وتلوّث المياه بمخلّفات المصانع.
الآثار الصحية
أدّى التطوّر العلمي الهائل الذي شهده القطاع الطبي إلى إيجاد علاج لمعظم الأمراض التي عانت منها البشرية كما ذُكر سابقاً، إلّا أنّ جهل الإنسان قد يؤدّي أحياناً إلى الاستهلاك المفرط أو الاستخدام الخاطئ لبعض الأدوية، ممّا يسبّب مخاطر وأثار صحية سلبية كبيرة، كالإصابة ببعض الأمراض المزمنة التي لا سبيل للشفاء منها.
الآثار التكنولوجية
تعود التكنولوجيا بعدد من الآثار السلبية على صحة الإنسان النفسية والجسدية، وفيما يأتي بعض من هذه الآثار:ّ
- مشاكل في الجهاز العضلي الهيكلي: قد تؤدّي الوضعية الخاطئة التي يتّخذها الإنسان أثناء استخدام هاتفه النقّال والمتمثّلة في انحناء رأسه إلى الأمام إلى زيادة الضغط على الرقبة، والكتف، والعمود الفقري، وقد وجدت الدراسات بأنّ الآلام في هذه المناطق تكون بمعدّلات أكبر لدى المراهقين والأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة التكنولوجية بكثرة، ممّا قد يؤدّي أيضاً إلى إحداث آلام في أصابع اليدين والمعصم، ولذلك ينصح المختصّون للتخلّص من هذه الآلام بعمل تمرينات التمدّد بشكل متكرّر، وإيجاد بيئة عمل مريحة، والحفاظ على الوضعيات الصحيحة للجسد أثناء استخدام الأجهزة، أمّا في حال استمرار الألم فلا بدّ من مراجعة الطبيب.
- مشاكل عاطفية: يعتقد الباحثون بوجود صلة بين معدّل استخدام شبكة الإنترنت ومعدّلات الاكتئاب والسلوك العدواني، فقد أظهرت الدراسات أنّ الأشخاص المستخدمي لوسائل التواصل الاجتماعي بكثرة يشعرون بعزلة اجتماعية، ويُعتقد بأنّ ذلك مرتبط بجودة الحياة الاجتماعية التي تحيط بهم في عالم التكنولوجيا، لذا فإنّه يجب محاولة التقليل من استخدامها في حال كانت تولّد مشاعر القلق والاكتئاب لدى الإنسان.
- إجهاد العين: قد يصاب الشخص الذي يستخدم الأجهزة الإلكترونية بشكل كبير بإجهاد وجفاف العين ، وعدم وضوح الرؤية، ويرتبط ذلك بمدّة استخدام الأجهزة، وشدّة سطوعها، وقربها أو بعدها الشديد من الشخص، ووضعية الجلوس الخاطئة أمامها، وينصح الأخصائيون بأن يتّبع المستخدمون قاعدة 20-20-20 التي توصي بأخذ راحة لمدّة 20 ثانية بعد استخدام الجهاز لمدّة 20 دقيقية، والنظر إلى شيء يبعد مسافة 20 قدماً (6م)، كما يجب على أي شخص يعاني من مشاكل دائمة في النظر مراجعة طبيب عيون لإجراء فحص.
- انخفاض النشاط البدني: قد يؤدّي الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية إلى مجموعة من المشاكل المتعلّقة بجسد الإنسان، كالبدانة، وأمراض القلب، والسكري، لذا لا بدّ أن يمتلك الإنسان نمط حياة صحي وأكثر نشاطاً، وذلك من خلال أخذ فترات راحة بشكل متكرّر.
- القلق والاكتئاب: تشير الكثير من الدراسات إلى وجود صلة وثيقة بين شبكات التواصل الاجتماعي والصحة العقلية لمستخدميها، إذ تنعكس وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي نوعاً ما على الأشخاص الذين ينخرطون ضمن تفاعلات إيجابية، ويتلقّون دعماً اجتماعياً من هذه المنصّات، أمّا الأشخاص الذي يتلقّون تعليقات سلبية من هذه الوسائط، ويعرّضون أنفسهم للمقارنة مع غيرهم من المستخدمين، فعادة ما يكون الأثر المنعكس عليهم سلبياً، إذ يعانون بشكل كبير من الاكتئاب والقلق، ولذا فإنّه من المهم مراعاة نوع التفاعل الاجتماعي الذي يعيشه الإنسان على الشبكات المختلفة.
- مشاكل في النوم: تصدر العديد من الأجهزة الإلكترونية ما يُسمّى بالضوء الأزرق المعروف بتحفيزه للدماغ، ممّا يسبّب للإنسان مشاكل في النوم، ويجعله أقلّ يقظة في اليوم التالي، ولذلك يُنصح بالتوقّف عن استخدام هذه الأجهزة قبل ساعة أو ساعتين من موعد النوم، واستبدالها بقراءة كتاب، أو ممارسة بعض تمارين التمدّد.
تقنيات علمية بيئية
يتطلّع العالم إلى تطوير تقنيات تكنولوجية بيئية تهدف إلى تعزيز الأثر الإيجابي للتكنولوجيا على البيئة، وفيما يأتي بعض من الوسائل الناجمة عن التقدّم العلمي والمتّبعة لتقليل التلوّث البيئي:
- الاستفادة من الطاقة المتجدّدة: توليد الكهرباء والحرارة بالاستفادة من مصادر الطاقة الطبيعية المتجدّدة ، كالشمس، والرياح، والمدّ والجزر، والأمواج، والأمطار، والحرارة الجوفية، وذلك عن طريق استخدام بعض التقنيات الحديثة كتوربينات الرياح والمياه، والألواح الشمسية، ويجدر بالذكر أنّ تكلفة هذه التقنيات في انخفاض مستمرّ، في مقابل ارتفاع الرغبة للاستثمار فيها.
- التكنولوجيا الذكية: إنّ من أهمّ أشكال التكنولوجيا الحديثة المصطلح المعروف بإنترنت الأشياء (بالإنجليزية: The Internet of Things)، والذي يمكّن من جمع وتبادل المعلومات عن طريق أجهزة الاستشعار، ممّا يتيح للأجهزة المتّصلة بالإنترنت اتّخاذ قرارات بناء على هذه المعلومات، الأمر الذي يؤدّي إلى الحفاظ على الطاقة، واستجابة احتياجات المستخدمين، فمثلاً بفعل أنظمة الإضاءة الذكية يتمّ إنارة المناطق التي تحتاج للإضاءة فقط.
- استخدام السيارات الكهربائية: بدأ العالم مؤخّراً بتصنيع هذا النوع من السيارات الذي يعتمد في عمله على محرّك كهربائي واحد أو أكثر، وذلك باستخدام الطاقة المخزّنة في البطاريات القابلة لإعادة الشحن بدلاً من مصادر الوقود، ممّا يعني عدم صدور أيّ انبعاثات كربونية عنها، وبالتالي الحدّ من الاحتباس الحراري ، وتلوّث الهواء.
- تقنية الالتقاط المباشر للهواء: هي تقنية انطلقت بهدف إيجاد طريقة لعلاج مشكلة التغيّر المناخي، وذلك عن طريق سحب كميات ثاني أكسيد الكربون الزائدة من الغلاف الجوي، ويُعتقد بأنّ هذه التقنية قادرة على سحب انبعاثات 250,000 مركبة سنوياً.
نصائح للحدّ من الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية
يبيّن ما يأتي بعض من النصائح للحدّ من الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية :
- إزالة التطبيقات غير الضرورية من الهاتف النقّال، وذلك للتخلّص من الحاجة للتفقّد المستمرّ للتحديثات والتنبيهات.
- تحديد وقت معيّن لاستخدام الأجهزة الإلكترونية.
- تخصيص جزء من الوقت في أداء بعض التمارين الرياضية بدلاً من مشاهدة التلفاز .
- محاولة إبقاء الاجهزة الإلكترونية خارج غرف النوم، وفي حال تعذّر ذلك يجب إبقاء الجهة المضيئة منها باتّجاه الحائط.
- مراعاة أن يكون الوقت المخصّص لتناول الطعام خالياً من استخدام أي أجهزة إلكترونية.
- إعطاء الأولوية للعلاقات الحقيقية في العالم الواقعي بدلاً من تلك التي نشأت عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
وللتعرف أكثر على العلم بشكل عام يمكنك قراءة المقال تعريف العلم
تأثير العلم في الحياة
ساهم العلم في تغيير شكل الحياة على كوكب الأرض بشكل جذري، وذلك بدءاً من السكّان، ومروراً بالطريقة التي يعملون بها، ووسائل النقل والاتّصال التي يستخدمونها، إلى جانب طبيعة مسكنهم، وغذائهم، وانتهاءً بجودة الحياة التي يحظون بها، وبحسب دراسة قام بها مركز بيو للأبحاث فإنّ ما نسبته 73% من السكّان يرون بأنّ العلم غيّر من شكل حياة البشر بطريقة إيجابية، بينما يرى 3% منهم أنّه كان ذو أثر سلبي، أمّا البقية فيرون أنّ العلم سلاح ذو حدين، فهو في النهاية قد أسفر عن مجموعة من التغييرات السلبية والإيجابية في أنماط وجودة الحياة.
للتعرف أكثر على أثر التقدم العلمي في حياة الإنسان يمكنك قراءة المقال أثر التقدم العلمي في رفاهية الإنسان