إعراض قوم عاد
إعراض عاد قوم النبي هود
أرسل الله -تعالى- نبيّه هوداً إلى قوم عاد، لكنّهم لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا بدعوته، بل وأعرضوا عنه بشتّى الوسائل، فكان إعراضهم له على النّحو الآتي:
- التّمسّك بعبادة الأصنام، وإعراضهم عن التّوحيد، بعد أن بيّن لهم نبيّهم هود أنّ هذه الأصنام لا تنفعهم ولا تضرّهم، وما هي إلّا مجرد أسماء سمّوها من تلقاء أنفسهم، ولكن دون جدوى.
- الاغترار بقوّتهم وما وصلوا إليه من تقدّم عمراني، وسعة في العيش وبسطة في الرّزق، فقد كان يذكّرهم نبيّهم باستمرار أنّ هذه النّعم من الله -تعالى- وحده وهو القادر على سلبها منهم متى شاء.
- اتّهام هود بأنّ آلهتهم قد أصابته بسوء، وأنّهم لن يتركوا معتقدات آبائهم وأجدادهم، قال الله -تعالى-: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ* إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ).
- الاستهزاء من هود ودعوته، والانتقاص منه وممن آمن معه، فكانوا يقولون: (إنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).
- اتّباعهم في أمور دينهم ودنياهم لسفهاء قومهم، الذّين لا يعقلون ولجبابرتهم، قال الله -تعالى-: (وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ).
عاقبة إعراض عاد
إنّ من سنن الله -تعالى- العادلة أنّه إذا بلّغ النّاس وأرسل إليهم رسولاً وكذّبوه؛ فإنّه يُعجّل لهم العقاب في الدّنيا قبل الآخرة، فكانت عاقبة قوم عاد حين أعرضوا عن هود -عليه السّلام- بأن أرسل عليهم ريحاً صرصراً شديدة، واستمرّت لمدّة سبع ليال متواصلات، وقد دمّرت هذه الرّيح كلّ شيء من زروع وبساتين وأهلكتهم جميعاً، فلم يبق من أثرهم شيء، وكان هذا عذابهم في الدّنيا، أمّا في الآخرة فأُتبعوا بلعنة من البرزخ، ثمّ لعنة لهم يوم تنتظرهم يوم القيامة.
سبب إعراض عاد
يرجع السّبب في إعراض عاد وتكبّرهم ورفضهم لدعوة نبيّهم هود هو اغترارهم بالنّعم الكثيرة التي أنعمها الله -تعالى- عليهم، فقد كانوا قوم عاد ينفردون بمزايا كثيرة هي:
- رغد العيش وبسط الرّزق الذّي كانوا يتمتّعون به دون غيرهم من الأقوام.
- كثرة المياه والينابيع في بلادهم، ممّا أدّى إلى امتلاكهم زروعاً وبساتين لا حصر لها، وقد كثرت بناء ذلك مواشيهم وأنعامهم.
- تميّز قوم عاد بقدرتهم على تشييد المباني الضّخمة والمصانع الكبيرة، وقد كان لهم بذلك حضارة عمرانية تتميّز عن باقي الحضارات.
- تمتّعهم بقوّة الأبدان، فقد كان الواحد منهم يتّصف بطول شديد في القامة، يكاد يكون كطول نخلة، وكانوا أشدّاء البنية أقوياء الجسد، كلّ هذه الصّفات وما سبق ذكره أدّى إلى غرورهم واستغناءهم عن دعوة التّوحيد وزاد في إعراضهم وتصدّيهم لهود -عليه السّلام-.
التعريف بعاد
قوم عاد هم قوم من العرب، كانوا يسكنون جنوب الجزيرة العربية في مساكن تسمّى الأحقاف، وهي رمال تقع بين اليمن وعُمان، وقد أرسل الله -تعالى- لهم نبيّناً منهم وهو أخوهم في النّسب، يدعوهم لعبادة الله وحده ونبذ عبادة الأصنام، قال الله -تعالى-: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ).
أعرض قوم عاد عن دعوة نبيهم هود لهم إلى عبادة الله وحده، وتمسّكوا بمغتقداتهم وعبادتهم للأصنام، واتّهموا نبيّهم بالسّفه، فعاقبهم الله -تعالى- وعذّبهم بريح عقيم لم تُبق لهم شيئاً، وذلك بعد صدّهم لدعوة الله واغترارهم بانلنّعم الكثيرة التي كانوا يتمتّعون بها.