أين يقع البحر الميت
البحر الميت
يوصف البحر الميت بأنه أخفض بقعة على الأرض؛ حيث ينخفض عن مستوى سطح البحر بحوالي 400 متراً، كما ينخفض كل عام 33 سم تقريباً، أما اسمه فيستمده من كونه لا حياة فيه؛ بسبب شدة ملوحته وعدم وجود الغذاء فيه لدرجة تصل إلى موت الكائنات الواصلة إليه من النهر، وتُقدّر ملوحة مياه البحر الميت بما يقارب ستة أضعاف ملوحة مياه المحيطات؛ وهي درجة عالية جداً لا يعيش بها أي كائن حي.
يعود السبب في ملوحة البحر الميت الشديدة إلى أنّه بحر مغلق وغير متصّل بأي بحر آخر، كما أنّه لا يصبّ فيه أنهار سوى نهر الأردن؛ حيث يقع في حفرة تحيط بها الجبال، وهو بحر صغير بالنسبة للبحار الأخرى، ويؤدّي ارتفاع درجة حرارته إلى ارتفاع معدّل تبخر المياه منه تاركةً وراءها الأملاح المعدنية فيه، وتزداد هذه الأملاح مع مرور الوقت، والتي تمنح الماء بدورها كثافة مرتفعة جداً، أما مصدر الأملاح الرئيسي فهو شوارد معدنية التي تصل إليه عن طريق الأنهار والجداول التي تمر عبر الجبال المجاروة له.
وبسبب الكثافة العالية للماء؛ يصعب على الناس السباحة أو الغطس فيه وإنما تطفو أجسامهم فوق سطح الماء فقط، حيث تجعل كثافة الماء العالية حركة الأرجل والذراعين ثقيلة جداً، كما تضر ملوحته العيون والجلد، إلّا أن للأملاح الموجودة فيه آثار اقتصادية إيجابية، وتنبع أهميتها من وفرة البوتاس والأملاح المعدنية الأخرى فيها حيث تستخدم في مختلف الصناعات الكيميائية، ويمكن القول أن مياه البحر الميت تتناقص بسبب استهلاك المزارعين لمياه الأنهار بدرجة كبيرة قبل أن تصب فيه مما يؤدي إلى تناقص منسوب المياه مع مرور الوقت.
موقع البحر الميت
يقع البحر الميت على بعد ما يقارب 84 كم شرق البحر المتوسط، ويبلغ طوله 79 كم، ويتراوح عرضه من 5 إلى 16 كم، أما حدودوه فهي المملكة الأردنية الهاشمية شرقاً، وفلسطين من جهة الشمال والغرب، وهو أخفض بقعة على سطح الأرض في العالم، ويتوسط البحر الميت وادي الأردن ، وعلى حافة وادي الاردن ترتفع الأرض باتجاه الغرب لتتكون سلسلة جبلية من أهمها مرتفعات القدس، أما إلى الشرق فتقع مرتفعات البلقاء وهضاب السلط، وبين سلسلتي الجبال يخترق البحر الميت نهر الأردن من الشمال إلى الجنوب.
جغرافية البحر الميت
يقع البحر الميت في أخفض حوض على سطح الأرض، ويقع تحديداً في غور الانهدام السوري الأفريقي والذي يمتد لمسافة تزيد عن 6,000 كم بين مرعش في شمال تركيا ونهر الزامبي في جنوب أفريقيا، ويمتدّ غور الانهدام على سواحل بلاد الشام بمسافة من 40 إلى 90كم في فلسطين، وسورية، ولبنان، ويقع البحر الميت في العروض فوق المدارية المتدرجة من المناخ شبه الصحراوي إلى المناخ الصحراوي، ويعتبر البحر الميت فاصلاً مائياً بين فلسطين من ناحية الغرب، والأردن من ناحية الشرق، ويمتد من ناحية الشمال نحو الجنوب لمسافة 78كم وبمتوسط عرض يصل إلى 14كم، ويقلّ عرضه بامتداده إلى 4كم فقط؛ حيث يظهر نحو الغرب أحد التضاريس التي تُعرَف باللسان، والذي يكاد يفصل ربع البحر الجنوبي عن بقية البحر لولا وجود كتلة مائية ضحلة تصل بين اللسان وبقية أجزاء البحر.
ينحصر البحر الميت بين سلسلتي جبال كما ذكرنا سابقاً، هما: جبال القدس والخليل غرباً، وجبال البلقاء والكرك والطفيلة شرقاً، وترتفع قمم هذه الجبال فوق مستوى سطح البحر بين 1,250م و1,300م، وتتميّز بانحدارها الشديد بالإضافة إلى وجود السفوح التي تتحوّل إلى جروف تنحدر بشدة على سواحل البحر الميت دون أن تترك بقعة ساحلية واضحة، وبالاقتراب من نهايات البحر الميت من جهتي الشمال والجنوب تبدأ الجبال الفلسطينية بالابتعاد عن البحر لتظهر سهول صغيرة تشتمل على جبل أسدوم في أقصى الجنوب، ليمتد الجبل ويصل إلى البحر الميت من الجنوب الغربي، أما من جهة الشرق فيصبح الانحدار أقل، كما يقل عدد الجروف ويصبح ارتفاعها أقل ويقل امتدادها كذلك، وينتهي امتداد البحر الميت في أراضي غور الأردن شمالاً في منطقة أريحا، أما نهايته من الجنوب فهي عبارة عن منطقة واسعة ومنبسطة تصل إلى 20 كم تقريباً لتشغل سهل غور الصافي، ووادي عربة، أما مساحة البحر الميت فهي 940كم تقريباً، ومساحة حوضه 40,000كم تقريباً.
استغلال الإنسان لثروات البحر الميت
لا يمكن للإنسان أن يعيش في منطقة البحر الميت ويستقرّ فيها؛ إذ إنّ درجة الحرارة مرتفعة جداً والأمطار قليلة، كما أنّ المساحات الصالحة للزراعة قليلة جداً وتنحصر في أماكن معينة، كما أنّ المياه المناسبة لري المزروعات قليلة أيضاً، وتعد طرق المواصلات صعبة جداً بسبب إحاطة الصخور والجبال بالبحر؛ الأمر الذي جعل منطقة البحر الميت قليلة السكان؛ وكان الأنباط هم أول من سكن منطقة البحر الميت وخاصة منطقة الشرق؛ حيث أقاموا في الجبال الشرقية وجعلوا البتراء عاصمة لهم، أما ناحية المرتفعات الغربية فقد كانت تسكنها قبائل فلسطينية مختلفة.
لم يستغل الإنسان ثروات البحر الميت الطبيعية إلّا بحلول الربع الأول من القرن العشرين مع تطور العلوم والدراسات المختلفة حول البحر الميت وثرواته، كما زادت حاجة الأفراد للأملاح في مختلف الصناعات وخاصة الكيميائية، وتقدر كمية الأملاح التي يحتويها البحر الميت بما يقارب 45 مليون طن موزعة على مجموعة من المعادن وهي: كلوريد الصوديوم ، وكلوريد البوتاسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وكلوريد الكالسيوم، وفي عام 1976م تم إنشاء شركة البوتاس العربية الخاصة باستخراج البوتاس وغيره من الأملاح من جنوب شرق البحر الميت ، وقد بدأت الإنتاج عام 1981م.
العلاج في البحر الميت
للبحر الميت فوائد كبيرة استطاع الإنسان أن يصل إليها منذ نحو ألفي سنة؛ حيث يمتلك البحر الميت مواد طبيعية ذات فائدة فريدة من نوعها، بالإضافة إلى عناصر المناخ الهامة، مثل: الشمس ، والماء، والطين، وتُقدّم هذه العناصر مجتمعةً مع بعضها الكثير من أنواع العلاج الطبيعي الفعال لمجموعة من الأمراض المزمنة؛ وخاصة الأمراض الجلدية؛ كالصدفية، والبهاق، والتهاب الجلد الاستشرائي، إضافة إلى مرض التهاب المفاصل الصدفي، وغيرها من أمراض التنفس كالربو، والمشاكل الصحية المتعلّقة بالدورة الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وبعض من مشاكل العيون.
كما تُنتِج مختبرات البحر الميت العديد من المنتجات عالية الجودة من المواد الطبيعية المستخرجة من منطقة البحر الميت، مثل الأقنعة الطينية الخاصة بالوجه، إضافة إلى إنتاج أملاح الاستحمام، وأنواع الشامبو المختلفة، والكريمات المغذية والمرطبة للبشرة، وتُنتِج أيضاً مستحضرات مختلفة لإزالة مواد التجميل، والكريم الواقي من أشعة الشمس، والغسول الخاص بالوجه، وأنواع مختلفة من الصابون ، وتُباع هذه المنتجات في الأسواق الأردنية، كما يمكن شراؤها عن طريق الإنترنت من أي مكان في العالم، ويعتبر البحر الميت وجهة مفضلة للأفراد من شتى أنحاء العالم للاسترخاء والعلاج والاستمتاع بفوائده المختلفة.