أين كان يعيش قارون
مكان عيش قارون
قارون هو واحد من أغنى أغنياء قوم رسول الله موسى -عليه السلام-، ولشدة غناه كانت مفاتيح الخزائن التي توضع فيها ثرواته الكثيرة ترهق من يحملها، وبالنسبة للمكان الذي عاش فيه قارون المتكبر وخسف به أيضاً فهو مصر.
وقد كان قارون من بني إسرائيل ممّن عاشوا في مصر قبل أن يخرجوا منها تحت قيادة رسول الله موسى -عليه السلام-؛ قال تعالى في كتابه الحكيم: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ* إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ).
التعريف بقارون
يعد قارون من الشخصيات التي وردت في القرآن العظيم، والتي سجلت لنفسها مكاناً في الذاكرة الشعبية والعقل الجمعي بشكل كبير جداً، فصارت مضرباً للمثل في الغنى والثراء؛ فمن يمتلك اليوم أموالاً بكميات كبيرة جداً يقال عنه أنه يمتلك أموال قارون.
وقد ورد عن بعض العلماء أن قارون بن يصهر بن قاهث هو ابن عم موسى بن عمران بن قاهث، وقيل إنه كان عم موسى ، لكن القول والأول أصح، وقد كان من الأشخاص الذين قطعوا البحر مع سيدنا موسى -عليه السلام- هرباً من فرعون وقومه، ولكنه نافق بعد ذلك وطغى فاستحق عذاب الله تعالى.
مال قارون
بعد أن آتى الله قارون ما آتاه من نعم وخيرات وكنوز لها أول وليس لها آخر، بدأ بالتكبر والتجبر على خلق الله وعباده، وأول من تجبر عليهم قومه وبنو جلدته بنو إسرائيل، وقد حاول العقلاء أن ينصحوه بتعديل مساره من خلال الإنفاق والادخار لآخرته قبل أن يأتي الله تعالى عليه وعلى أمواله، وقبل أن يسلط عليه غضبه.
ولكن قارون أبى وعاند واسكتبر، وانحرف بغناه عن الطريق القويم المستقيم وأنفق لدنياه على حساب آخرته ونسي الفقراء والمحتاجين والمعوزين الذين لهم حق في أمواله وفي ثرائه الفاحش هذا، بل ونسب الفضل له وليس إلى الله تعالى، قال تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي)، فمن شدة عماه واغتراره بنفسه نسي أن ينسب الفضل في غناه الفاحش هذا إلى الله تعالى الذي رزقه ومكنه وأعلى من شانه في الدنيا.
عقاب قارون
كان قارون يخرج إلى الناس بأبهى حلة وزينة، كانت قلوبهم تنخلع من أماكنها لشدة افتتانهم به وبأحواله، فكل من رآه من الناس تمنّى أن يكون مكانه، وقد كان العقلاء من القوم وأهل العلم يحذرون الناس من مغبة الافتتان به وبأحواله، فهذا الافتتان يعمل على تدمير فطرة الإنسان.
وكان الأجدر بهم أن يصبروا على أحوالهم مع سعيهم الدائم لتحويلها وتبديلها إلى الأفضل، دون أن يفرّطوا في حق الله تعالى، فإذا ما صبر العبد فتح الله تعالى عليه في الدنيا قبل الآخرة، وأعلى من شأنه في عليين.
ونهاية قصة قارون كانت كارثية، ولكنها تتناسب مع ما اقترفته يداه من تجبّر، وتكبّر، وغرور لا حصر له، فقد جاء عقاب الله تعالى شديداً عليه، وقد خلد الله تعالى عقابه في القرآن الكريم ليكون عبرة وعظة لغيره؛ قال تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ)، ففي لمحة بصر اختفى كل شيء وخسف الله تعالى وبأمواله وممتلكاته وكل ما يملك الأرض.