أين تقع جنة عدن
أسماء الجنة في القرآن الكريم
جعل الله تعالى ثواب المؤمنين الموحدين في الدنيا أن يدخلوا جنّاته وينعموا بنعيمه في دار الآخرة، ولقد عرّف الله تعالى الجنة للبشر حتّى يرغبوا بها ويشتاقوا إليها فيعملوا لها، ولقد ذكر الله تعالى الجنة وأوصافها مراراً في القرآن الكريم، وذكر لها العديد من الأسماء في كل موضع، ,منها جنات الخلد، وجنات عدن، ودارالسلام، ودار المتقين، وجنّات الفردوس، ودار المُقامة، ومثال ذلك من القرآن الكريم قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)، وقال تعالى في ذكر اسم آخر للجنة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً). وأمّا عن جنات عدن فقال الله سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ)، ولذلك فإنّ لفظ جنات عدن يشير إلى اسمٍ من أسماء الجنة التي ذكرها الله سبحانه في كتابه. ومعنى لفظ عدن كما ورد في قاموس اللغة هو الإقامة، فجنات عدن هي جنات الإقامة، ويقال للرجل عدَن بالمكان عدْناً إذا أقام به، وكذلك فقد ورد في كتب التفاسير في تفسير جنات عدن أي جنّات الإقامة يدخلها المؤمنون يوم المعاد إلى ربهم.
موقع جنة عدن
تقع جنات عدنٍ التي جعلها الله تعالى مقرّاً لإقامة عباده المؤمنين فوق السماوات، فالله تعالى يقول في سورة النجم: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى*عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)، وظاهر قول الله سبحانه أنّ الجنّات ليست على الأرض بل فوق السماوات، ولقد ثبت في السنة النبوية أنّ سدرة المنتهى فوق السماء. وكذلك ففي السنة الشريفة العديد من الأحاديث التي تصف الجنة تثبت أنّ الجنة فوق السماوات، ففي البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ في الجنةِ مئةَ درجةٍ، أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِه، كلُّ درجتيْنِ ما بينهما كما بين السماءِ والأرضِ، فإذا سألتم اللهَ فسلُوهُ الفردوسَ، فإنَّهُ أوسطُ الجنةِ، وأعلى الجنةِ، وفوقَه عرشُ الرحمنِ، ومنه تَفجَّرُ أنهارُ الجنةِ). ولقد أورد ابن القيم في كتابه حادي الأرواح قولاً عن ابن عباس رضي الله عنه يقول فيه: الجنة في السماء السابعة، ويجعلها الله حيث شاء يوم القيامة، وجهنم في الأرض السابعة، كما روى ابن المنذر عن عبد الله أنّه قال: الجنة في السماء الرابعة، فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث يشاء.
وصف جنات عدن
إذا كانت الجنة جائزة الله سبحانه لعباده المؤمنين المستحقين للأجر والثواب، فإنّها لا شكّ تضاهي بعظمتها عظمة الخالق مالك الملك جل شأنه، وإنّ من يقف على أوصاف الجنّة وجمالها يكاد لا ينتهي من تعداد حسنها وبهائها، بل إنّها كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الله عز وجل: (أعدَدتُ لعِبادي الصَّالحين ما لا عَينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سمِعَت، ولا خطَر على قلْبِ بشَرٍ، ذُخرًا، بَلْهَ ما أُطْلِعْتُم عليه، ثمَّ قرَأ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فكل ما يخطر على قلب الإنسان من تخيل لجمالها يظل أقل من حقيقتها حين يراها. ولقد وصف الله تعالى حجم الجنات في كتابه الكريم فيقول: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).
وهذه الجنة التي هي بعرض السماء والأرض كل موضع سوط فيها خير من الدنيا وما فيها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لرَوْحةٌ في سبيلِ اللهِ أو غَدوةٌ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها ، ولَقابُ قوْسِ أحدِكم من الجنَّةِ ، أو موضعُ قيدٍ - يعني سوطَه - خيرٌ من الدُّنيا وما فيها)، فأهل الجنة تنضر وجوههم حين يدخلونها، ويجلسون فيها على منابر من ياقوت، ويسقون من رحيق مختوم، وتجري من تحتهم ومن خلفهم أنهار الخمر والعسل، وتحفهم الغلمان، وقد تزينت الجنة بالحور العين الجميلات، لم يطمثهنّ قبلهم إنسٌ ولا جانّ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولو أنَّ امرأةً من أهلِ الجنَّةِ اطَّلعت إلى أهلِ الأرضِ لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحاً، ولنَصيفُها على رأسِها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها).
وفي الجنة ينجو المؤمن من المرض والتعب والحزن والهمّ، فتجتمع عليه سلامة النفس وسلامة البدن، مع الأمن من الجوع والعطش والموت . يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا*خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا)، وتجتمع عليه ألوان السرور والفرح بالتقاء أهله وأحبّته، والأعظم من ذلك كله النعيم الذي يملأ المؤمنون إذا تجلاهم الله تعالى برحمته وفضله حين يرون وجهه سبحانه، يقول الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، وقد تكرر وعد الله تعالى لعباده أن يتمتعوا بالنظر إليه، حين قال: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ*هُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)، وقد فسّر العلماء لفظ المزيد بأنه النظر إلى وجه الله سبحانه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يؤكّد لأصحابه أنهم ناظرون في الجنة إلى وجه ربهم -جل وعلا- حين سأله أحد الصحابة عن ذلك فقال: (هل تُضَارُّونَ في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البَدْرِ؟ قالوا: لا يا رسولَ اللهِ! قال: هل تُضَارُّونَ في الشمسِ ليس دونَها سَحَابٌ؟ قالوا: لا يا رسولَ اللهِ! قال فإنكم تَرَوْنَه كذلك).