أين تذهب روح الحيوان بعد موته
أين تذهب روح الحيوان بعد موته
أرواح الحيوانات مصيرها في الآخرة إلى تراب، أما قبل يوم القيامة فلعلها في برزخ حتى يوم البعث، والله أعلم، وهذا لأنه لم يرد في هذا دليل، وقد ذهب الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- إلى القول بأن البحث عن هذا الأمر من التكلف، واعتبره من التنطّع الذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله ثلاثاً: (هلك المتنطّعون)، أي: لا تسأل عن شيء ليس لك فيه فائدة، فهذا من الأمور الغيبية ، فخذ ما ثبت، ودع ما لم يذكر.
مصير الحيوانات
قبض روح الحيوانات
الحقيقة أن الله -سبحانه وتعالى- هو القابض لأرواح جميع الخلق، وملك الموت وأعوانه إنما هم وسائط لذلك، وقد أوكل الله ملك الموت بقبض الأرواح، وذلك بقوله -تعالى-: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)، وبهذا الدليل فإن ملك الموت يقبض روح كل حي من الجن والإنس وغيرهم؛ وذلك لأن الموت اسم عام مستغرق للجنس، فلا يصح أن يخصص في بعض أنواع الحيوان دون بعض إلا بدليل.
وعليه فإن ملك الموت يقبض أرواح كل حي في البر والبحر، وقد ذهب أهل الاعتزال إلى القول بأن ملك الموت يقبض أرواح بني آدم، ويقوم أعوانه بقبض أرواح البهائم، وهذا تحكم بغير دليل ولا برهان، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن ملك الموت هو الذي يقبض أرواح الجميع، وقال بعضهم: إن الله يتوفاها بنفسه، فيعدم حياتها.
حشر الحيوانات يوم القيامة للاقتصاص
تحشر جميع الأمم يوم القيامة ، ويقضى بينها، ومنها الحيوانات، فهي أمم مستقلة؛ فالقردة أمة مستقلة، لها خلقتها ونشأتها وخصائصها، والخنازير كذلك والكلاب كذلك، والحمر كذلك، والإبل كذلك، والبقر كذلك، والغنم كذلك، وهكذا كل أمة من الأمم لها خلقتها، وميزتها، وهذا الأمر مأخوذ من تفسير الأدلة التالية:
- (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ).
والدلالة هنا هي أن جميع الحيوانات؛ أمم أمثالنا خلقها الله، ورزقها، كما خلقنا ورزقنا، وجميعها سيجمعها الله يوم القيامة، ويقضي بينها بعدله وإحسانه.
- (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا).
والدلالة هنا هو أن الإنسان سينظر في أي شيء قدمت يداه، والكافر سيتمنى لو أنه كان ترابا في الدنيا، ويحشر سائر الحيوانات للاقتصاص، ثم ترد تراباً فيود الكافر حالها.
- (وما مِن صاحبِ إبلٍ لا يؤدِّي زكاتَها إلَّا بُطِح لها بقاعٍ قَرْقرٍ ما كانت تسيرُ عليه كلَّما مضى عليه أُخراها رُدَّت عليه أُولاها حتَّى يحكُمَ اللهُ بينَ عبادِه).
وذكر في تمام الحديث في البقر والغنم، وهذا دليل على حشر الحيوانات جميعها.
- (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ).
بمعنى جمعت ليوم القيامة، ليقتص الله من بعضها لبعض، وبعدها يقول لها أن تصير ترابا.
تحويل أرواح الحيوانات إلى تراب
أرواح الحيوانات في الآخرة مصيرها إلى التراب؛ وذلك يستدل من قوله -تعالى-: (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (يحْشر الْخَلَائق كلهم يَوْم الْقِيَامَة؛ الْبَهَائِم وَالدَّوَاب وَالطير وكل شَيْء، فَيبلغ من عدل الله أَن يَأْخُذ للجماء من القرناء، ثمَّ يَقُول: كوني تُرَابا، فَذَلِك حِين يَقُول الْكَافِر: (يَا لَيْتَني كنت تُرَابا) ).
وقد أخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن يحيى بن جعدة قَالَ: "إن أول خلق الله يحاسب يوم القيامة الدواب والهوام، حتى يقضي بينها، حتى لا يذهب شيء بظلامته، ثم يجعلها تراباً، ثم يبعث الثقلين الجن والإنس فيحاسبهم، فيومئذٍ يتمنى الكافر أنه كان تراباً.
وعليه فإن جميع الحيوانات والجمادات عدا التي عبدت من دون الله ستكون تراباً؛ أما كبش إبراهيم، وحمار عزير، وكلب أهل الكهف، وعصا موسى، و ناقة صالح ؛ تحشر وتبقى في الجنة، والله أعلم.