أول يوم في السنة الهجرية
تاريخ أول يوم في السنة الهجرية
إنّ تعريف أول يوم في السنة الهجرية هو اليوم الأول في السنة الهجرية الموافق اليوم الأول من شهر محرم، وهو أحد الأشهر الحرم التي قال الله -تعالى- عنها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم)، إذ تتكون السنة الهجرة من اثني عشر شهراً ، أولها شهر مُحرّم، وسُمّي بهذا الاسم تأكيدًا على تحريمه، وأنّ العمل فيه مضاعف سواء كان عملًا صالحًا وله أجر عظيم، أو ذنب وظلم أعظم وزرًا عند الله -تعالى-.
وتتم معرفة أول يوم في السنة الهجرية من خلال تحرّي هلال شهر محرّم، وبحسب التقويم الهجريّ لهذا العام فإن اليوم الأول يوافق 1/ محرم/1443هـ، وبحسب التقويم الميلاديّ فإن اليوم الأول وافق تاريخ: 9/آب/2021م، وبحسب التقويم الميلاديّ للعام القادم فإن اليوم الأول يوافق 30/تموز/2022م، ويكون العام الهجري 1444هـ.
تأريخ أول يوم في السنة الهجرية
تُعدّ الهجرة النبوية ذكرى ذات أهمية عظيمة وبالغة ؛ لما لها من مكانة وأثر في نشر الدعوة الإسلامية، فهي خير هجرة عرفتها البشرية منذ بدء الخلق، فقد هاجر خير خلق الله -تعالى- إلى المدينة المنوّرة لتكون خطوة أولى في نشر الدعوة الإسلامية، ويستذكر المسلمون في بداية كل سنة هذا الحدث العظيم، حيث يستذكرون سيرة النبي -صلى الله عليه وسلّم- العطرة، ويستشعرون معاناته وما لحق به من الأذى لينشر الدين الإسلامي ورفع كلمة الله -تعالى-.
وبحسب ما تدل عليه أغلب الآثار إنّ أول من أنشأ التاريخ الهجري هو أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو من الأعمال العظيمة التي قام بها في خدمة العلم والدين واستند في ذلك على هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، لشهرتها وظهورها، جاء عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-: (ما عَدُّوا مِن مَبْعَثِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ولَا مِن وفَاتِهِ، ما عَدُّوا إلَّا مِن مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ)، وكان ذلك في السنة السادسة عشر من الهجرة وقيل السابعة عشر، حيث جمع الصحابة -رضوان الله عليهم- وأخذ مشورتهم، وأجمعوا على العمل به باتفاق الجميع، وعلى الرغم من وجود تأريخ من قبلهم إلا أن المسلمين عملوا على التاريخ الهجري في كتاباتهم وسيرهم، فهو يعتبر شعار للأمّة الإسلامية.
حكم صيام أول يوم في السنة الهجرية
يحتفل المسلمون في الأول من محرم من كل عام برأس السنة الهجرية، وقد يظن البعض منهم استحباب صومه لأجل هذه الذكرى، ومما وجب التنبيه له أن جميع الأيام التي لم يرد نص بوجوب صومها مثل شهر رمضان فهي غير واجبة، باستثناء أيمان الكفارة، والنذر، والقضاء، وباقي الأيام يكون الصيام فيها تطوّعًا ومُستحب، ومنها ما هو آكد وأشد استحباب مثل يوم عرفة ثم صيام يوم عاشوراء، وأما بالنسبة صيام اليوم الأول من السنة الهجرية فهو بدعة؛ أي لم يرد نص فيه، إلا إذا وافق يومًا يُستحبّ صيامه كالاثنين أو الخميس.
حكم التهنئة بقدوم سنة هجرية جديدة
مع بداية كلّ عام هجريّ جديد يبدأ المسلمون بإرسال التهنئة لبعضهم البعض سرورًا بقدومه ، وجرت العادة على فعلهم هذا الأمرعلى مدار السنين، وحكم التهنئة بقدوم السنة الجديدة أو الشهور والأعوام مختلف فيه، فهناك من ذهب إلى المنع، وهناك من ذهب إلى الندب، والراجح حسب قول الحافظ ابن حجر أنها مندوبة، فهو أمر لا سنّة فيه ولا بدعة.
والمُستحبّ هو تذكير النّاس بالهجرة النبوية وأحداثها، واغتنام هذه المناسبة في ذكر بعض الدروس المُستفادة من هجرته -صلى الله عليه وسلم- وذكر المعاناة والصبر الذي بذله لأجل إيصال الدعوة الإسلامية لنا.
والأفضل ألّا يبتدئ المسلم بتهنئة النّاس بنفسه ويكتفي بالرد إذا ما هنّأه أحد المسلمين؛ لأنه لم يُذكر عن تهنئة السلف الصالح بعضهم البعض بقدوم العام الهجري الجديد، وكما ذُكر سابقًا أنّه تم اتخاذ شهر محرّم بداية للعام في وقت خلافة أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- فالابتداء بالتهنئة ليس بسنّة مأمورين بها ولا ممّا نُهي عنه وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل.
حكم الاحتفال بقدوم سنة هجرية جديدة
من التقاليد السارية بين المسلمين الآن هو الاحتفال بقدوم السنة الهجرية الجديدة، ومما يجبُ الإشارة إليه أنّه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل، ولا عن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم جميعًا-، ولا عن السلف الصالح والتابعين وتابعيهم، فهو أمر مبتدع لا صحّة له ولا يستند على أمر شرعي، وما حدث ذلك إلا بعد اختلاط المسلمين بغيرهم من اليهود والنصارى وأدخلوا على الدين الإسلامي هذا الاحتفال تقليدًا لهم في أعيادهم وإعجابًا بثقافاتهم، وهذا ما نبّه وأشار إليه حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن كان قَبلَكم شِبرًا بشِبرٍ، وذِراعًا بذِراعٍ، حتى لو دخَلوا جُحرَ ضَبٍّ لدخَلتُموه).
دعاء أول يوم في السنة الهجرية
إنّ الدعاء من الأعمال المُستحبة للمسلم في جميع الأوقات وبدون مناسبات، فهو عبادة يلجأ بها العبد إلى الله -تعالى- لقضاء حوائجه، والدعاء فعل مشروع في كافّة أمور المسلم ومصالحه، أمّا تخصيص رأس السنة الهجرية في الدعاء والعبادة فهو فعل مبتدع لم يرد في السنّة، وقيس ذلك على النهي الوارد عن تخصيص ليلة الجمعة بعبادة أو صيام على الرغم من الفضل المعروف لهذه الليلة عن سواها من الليال، وذلك في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تخُصُّوا ليلةَ الجمعةِ بقيامٍ مِن بينِ اللَّيالي ولا تخُصُّوا يومَ الجمعةِ بصيامٍ مِن بينِ الأيَّامِ)، والأدعية المتناقلة بين النّاس ومخصّصة لهذا اليوم لم تُؤثر عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
ويجوز للمسلم أن يدعو الله بأدعية عامّة تخص أمور دنياه وآخرته في بداية العام الهجري بلا تخصيص، ومن هذه الأدعية ما يأتي:
- اللهمّ إنّا نستودعك عامًا مضى بما فيه من خير وشرّ، ونبدأ بك ومعك عام جديد، فنسألك خير هذا العام ونعوذ بك من شرّه.
- اللهمّ يا مُقلّب القلوب والأبصار، ثبّت قلوبنا على دينك، وصرّف قلوبنا على طاعتك، اكتب لنا عهدًا جديدًا نُحاول فيه ألّا نعصيك.
- اللهمّ إنّا نسألك الخير كلّه عاجله وآجله، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلّها، وأجرنا من خزي الدّنيا وعذاب الآخرة.
- اللهمّ اغفر لنا ما مضى من أعمالنا وارحمنا واهدنا وأصلح لنا حالنا، وبارك لنا في أيامنا القادمة.
- اللهم اجعل بداية هذا العام فاتحة خير لنا ولأهالينا وأقاربنا والنّاس أجمعين.
- اللهمّ إنّك عفوّ كريم تُحبّ العفو فاعفُ عنّا، اللهمّ اجعله عاماً مختوماً لنا فيه بالمغفرة والعتق من النّار.
- اللهمّ إنّا نسألك السّعة في الرّزق والمال والصحّة والأولاد، ونسألك الدّوام لكل عافية.
- اللهمّ في هذا العام نسألك الهُدى والتُّقى والعفاف، واجعل عمرنا كلّه في طاعتك.
- اللهمّ في عامك الجديد، رُدّنا إليك ردّا جميلًا واهدنا لما تُحبّ وترضى، وجنّبنا فعل كلّ ما تكره.
أثر قدوم سنة هجرية جديدة على نفوس المسلمين
يعتبر المسلمون قدوم السنة الهجرية بداية جديدة وعهد جديد مع الله -سبحانه وتعالى-، ويبدأ السعي إلى التوبة والأعمال الصالحة لما لها من تأثير إيجابي على حياة المسلمين، ومن أثر السنة الهجرية على نفوس المسلمين ما يأتي:
- استحضار النيّة الطيبة لاستقبال العام الجديد بقوّة وعزيمة، وهمّة عالية، فالنيّة لها أجر عظيم.
- تصحيح العلاقة مع الله -سبحانه وتعالى-، وتجديد مسارات العبادة والأعمال الصالحة.
- التأسّي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في الصبر على البلاء والشدائد من خلال الاطّلاع على هجرته -عليه السلام-.
- وضع أهداف إيجابية مُنتجة مُراد تحقيقها خلال العام.
خلاصة المقال
يستبشر المسلمون بقدوم السنة الهجرية الجديدة؛ ويتذكرون هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، ولم يرد أي دليل على تخصيص اليوم الأول من محرّم بأي احتفال أو عبادة مخصوصة، ويستحب للمسلم أن يبدأ عامه الجديد بالإقبال على الله -تعالى-.