أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة
أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من العمل
أوّل ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة؛ فإن كانت مقبولة من العبد نُظر في الباقي من أعماله، وإن لم تُقبل منه لم يُنظر في عمله الباقي، وهي من الفروض التي تؤدّى خمس مرّات في اليوم والليلة، وهي العبادة التي فرضها الله -تعالى- على عباده بعد الإيمان به، ودليل ذلك قول النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: (إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ من عمَلِهِ الصلاةُ ، فإنْ صلُحَتْ فقدْ أفلَحَ وأنْجَحَ ، وإنْ فسَدَتْ فقدْ خابَ وخَسِِرَ ، وإنِ انْتقَصَ من [فَرِيضَتِهِ] قال الربُّ : انظُرُوا هل لعبدِي من تَطُوُّعٍ ؟ فيُكْمِلُ بِها ما انْتقَصَ من الفريضةِ ، ثمَّ يكونُ سائِرُ عمَلِهِ على ذلِكَ). وتجبر صلاة النافلة ما نقص في صلاة الفرض، والرحمة التي تغشى المُصلّي وهو في صلاته عظيمة؛ لأنّه يقرأ كلام الله -تعالى- وهو أفضل الذكر ؛ فقد اشتمل على التوحيد والحمد والتسبيح ، كما واشتمل على العديد من الفوائد التي لا حصر لها.
والصلاة هي العبادة التي فُرضت في ليلة الإسراء والمعراج ، وقد كانت في بداية الأمر خمسين صلاة ثمَّ خُفِفَّت في الأداء إلى خمس صلوات وبقي أجرها كما لو كانت خمسين صلاة، وتظهر مكانة الصلاة في كونها عمود الدين، كما وكانت وصيّة النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- في آخر حياته؛ فهي حقٌ لله -تعالى- على عباده يجب أداؤه للحصول على رضاه -سبحانه وتعالى-، وقد كان صحابة النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- يحرصون على الصلاة حرصاً شديداً، فقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو يعاني من سكرات الموت والدم ينزف من جرحه يقول: "لا حَظَّ فِي الإِسلاَمِ لِمَن تَرَكَ الصَّلاَةَ".
أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم
أوّل ما يُسأل عنه العبد من النعيم وارد في قول النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: (إنَّ أوَّلَ ما يُسأَلُ عنه يومَ القيامةِ -يعني العَبدَ- من النَّعيمِ أن يُقالَ له: ألم نُصِحَّ لك جِسْمَك ونَروِيَك من الماءِ الباردِ)؛ فيسأل الله -تعالى- عباده يوم القيامة عن النعيم بعد أن وجدوا الصحّة في أجسامهم، ووفَّر لهم الماء الذي لا تُتصوِّر الحياة بدونه، وأعطاهم ألوان النعيم المختلفة من الصحّة والفراغ والنوم وغيرها الكثير، وليس هناك لذّة يتلذّذ بها الإنسان في الدنيا إلّا سيسأله الله -تعالى- عنها، ويُقسّم النعيم إلى ضروريات وكماليات، ومن الناس من لا يشعر أنَّ شربة الماء ولقمة الطعام من النعم التي تستوجب الشكر، ويظن أنَّ النعم تظهر في القصور الفاخرة والمراكب الفارهة ولا شكَّ أنَّ هذا القياس لا يصح؛ فمن كان له مسكن يسكن فيه وأهل يأوي إليهم ولقمة الطعام فهو من أغنياء، ومن النعم التي وردت في الحديث الشريف ويُقصّر الناس في شكرها نعمتيّ: (الصِّحَّةُ والفَراغُ).
أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من حقوق الناس
أوّل ما يُقضى به بين العباد يوم القيامة الدماء؛ لقول النبيّ -عليه السلام-: (أوَّلُ ما يُقْضَى بيْنَ النَّاسِ يَومَ القِيامَةِ في الدِّماءِ)، ولا يتعارض هذا الحديث مع حديث سؤال العبد عن الصلاة؛ لأنَّ السؤال عن الصلاة هو أوّل ما يُسأل عنه العبد في حقّ الله -تعالى-، أمَّا السؤال عن الدماء فهو أوّل ما يُسأل عنه العبد في حقِّ الناس،وهناك فرقٌ آخر يظهر في كون الصلاة من المأمورات، أمّا الدماء فهي من المنهيّات، وفي ذلك تعظيمٌ لحرمة الدماء في الإسلام وإشارة إلى عِظم جناية وجُرم من يتعدّى عليها؛ فالابتداء بالدماء يقصد منه لفت الأنظار إلى أهميّتها؛ فهي من أعظم المفاسد ، ومن أعظم الذنوب وقد ورد في هذا الشأن الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبويّة؛ كقوله -تعالى-:(مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)؛ فقد جعل الله -تعالى- قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعاً.
وقد قامت الشريعة الإسلامية على مجموعة من الأُسس التي تهدف إلى الاعتناء بمصالح العباد، وبالضروريات الخمس وهي حفظ الدين و النفس و العرض و المال والنسل، وحرمة الدماء لا تقتصر على المسلمين فقط وإنّما يدخل فيها غير المسلمين من المستأمنين والذميّين والمعاهدين أيضاً.
حساب العباد في الآخرة
يُعدّ الوقوف بين يدي الله -تعالى- للحساب من أعظم المواقف التي ستواجه الإنسان يوم القيامة، لذلك وجب عليه الاستعداد لها، وفي الحساب يكون الوقوف على الذنوب التي قام بها الإنسان في حياته الدنيا والتوبيخ عليها، يقول النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ، ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ)، ومن النّاس من يدخل الجنّة من غير حساب ولا عذاب، وقد ورد في وصفهم أنَّهم لا يتطيّرون وعلى الله -تعالى- يتوكّلون، وعندما تنشر الصُحف يقرأ كل إنسانٍ كتابه ويعلم أنَّ فيه جميع أعماله الكبيرة والصغيرة، ويعلم علم اليقين أنَّه لم يُظلم مثقال ذرّة.