أهمية علم البلاغة
أهمية علم البلاغة
لعلم البلاغة أهمية بارزة في اللغة العربية، منها ما يأتي:
وضوح دلالة الحديث
تُساعد البلاغة المُتكلم على تصيير الكلام وجعله مفهوماً واضح الدلالة، ومن هنا جاء نوعها الأول الذي هو "علم المعاني" والذي يُعنى بتعليم المُتحدّث فنّ التعبير عن مُراده بألفاظ قليلة للدلالة على معانٍ كثيرة، سواء باستخدام المُحسنات اللفظية أو المُحسنات البديعية، والذي يُعنى بدراسته "فن البديع".
وضوح معنى الجملة
لعلم البلاغة أهميّة سياقيّة بالغة الفائدة، حيث إنّنا نستطيع التعرّف على معنى الجملة عند وضعها في سياق كلامي ضمن تركيب مُعيّن بترتيب مُعيّن مدروس بالشكل الذي يُعين القارئ على فهم معنى الجملة بشكل واضح ودال على مُراد المُتكلّم، ومنعاً للالتباس الذي قد يُصيب القارئ إثر ذِكْر المُتحدّث كلمات غامضة المعنى مُنفردة الذِّكر.
على سبيل المثال كلمة (الرجل) تكون ذات معنى غير مفهوم وواضح عند ذكرها مُنفردة، ولكن عند قولنا (صدق الرجل) أو(كذب الرجل)؛ فهذان تركيبان أحدهما يوضّح أنّ الرجلَ قد صدق -بأسلوب مدح- والآخر أن الرجلَ قد كذب -بأسلوب ذم-، وبهذين المثالين اتضح المعنى المُراد من كلمة الرجل بوضعها في سياقَين لغويين واضحَي الدلالة.
إقناع المخاطَب
يُساعد علمُ البلاغة المُتكلمَ في إقناع المُخاطَب، حيث يستطيع المُتحدّث إقناع المُخاطَب باستخدام قوّة الإثبات والنفي على القدر الذي يتطلبه إنكاره، فإن كان مُتردداً استعان المُتحدث بمُؤكد -أدوات التوكيد- كي لا يصير مُنكراً، وإن كان مُنكراً استعان المُتحدّث بمُؤكد على قدر إنكار المُخاطَب.
معرفة إعجاز القرآن الكريم
يستطيع الدارس لعلم البلاغة فهم التراكيب اللغوية والمُحسنات البديعية الكلامية -اللفظية والمعنوية- المذكورة في القرآن الكريم، وبالتالي فهو يستطيع فهم المعاني الخفية، ولأنّ إعجاز القرآن مُرتبط بفصاحته كلّ الارتباط، فالغافل بعلم البلاغة والفصاحة غافل لا شك بإعجاز القرآن الكريم ، وحُسْن تأليفه، وبراعة تراكيبه، وجمال إيجازه البديع، واختصاره اللطيف.
البعد عن الجهل
يرتقي علم البلاغة بدارسه وطالبه عن الجهل وغفلة العلم، فطالب علم البلاغة يتعلّم فنون الحديث، والكتابة، والفهم لمحاسن الكلام ومعانيه، فينتقي كلامه أحسن انتقاء إذا ما تحدّث، ويفهم ما يسمع بأفضل ما يُمكن، وإذا ما كتب فإنّه يُفرّق بين جيّد الكلام، ورديئه، وحسنه، وقبيحه، فيصيغ الكلام ويجمّله بأبدع التعابير، فيُبعد بذلك عن الجهل والنقص ويرتقي بكتاباته إلى أحسن النصوص.
تعلم فن الحديث
تُعلم البلاغة فنّ الحديث وتُعين المُتعلّم على فهم أساليب التحدّث السليمة الخالية من العيوب اللفظية والنطقية، وتعلمه فنّ التفريق بين صنوف الأساليب، وفنّ اختيار الكلمات والأساليب المُناسبة كالإيجاز ، وصحة المُقابلات، وصحة التفسير وغيرها، بالإضافة إلى فنّ انتقاء أحسن الكلام وترك أردئه حسب مقامات الكلام، ومواطنه، وحال السامعين، ونزعتهم النفسية وقت الحديث.
تصحيح مسار الأدباء والمبدعين
يستطيع النقاد والمُعلمون تصحيح مسار الأدباء والمُبدعين من خلال تطبيق قواعد علم البلاغة على نِتاجهم الإبداعي، ولا شك في أنّ نقد أعمالهم ومُحاولة تصحيحها أمر بالغ الأهمية فهو يُنبههم على أخطائهم ويُساعدهم في تعلّم طريقة الكتابة السليمة والخالية من الأخطاء اللغوية والتعبيرية، ويمدّهم بفُرص تعديل أخطائهم وتصحيح مسار كتابتهم الإبداعية.
مفهوم علم البلاغة
بالحديث عن علم البلاغة لا بُدّ من التطرق إلى تعريف البلاغة لُغةً واصطلاحاً:
تعريف البلاغة لغةً
البلاغة في معناها اللغوي تعني: الوصول والانتهاء والبلوغ إلى مُراد المُتكلم، فيُقال بلغ هدفه أي إذا وصل إليه وحقق مُبتغاه، ويُقال: بلغُ الرجل -بالضم- أي صار بليغاً، ومَبْلغه من العلم أي مُنتهاه منه، ولا يقف معنى البلاغة في اللغة على أنّها الوصول والانتهاء، وإنّما تعني - في معناها الدقيق- النضج والاكتمال، ويكون المعنى بليغاً إذا اكتمل وبلُغ.
تعريف البلاغة اصطلاحاً
البلاغة تعني مُطابقة الكلام لمُقتضى الحال، والذي يُطابق مقولة "لكل مقام مقال"، ولا شكّ في أنّ الفصاحة شرط أساسي في بلاغة الكلام، ومقامات الكلام مُتفاوتة، فمقام الفصل يُباين مقام الوصل، ومقام الإيجاز يبُاين مقام الإطناب ، وكذلك مقام المُخاطَب الذكي يُباين مقام المُخاطَب الغبي، ويرتكز شأن الكلام في علِّوه وحُسنه وقبوله على مُطابقته للاعتبار المُناسب الذي هو مُقتضى الحال.
وعلم البلاغة هو علم جمال الكلام وعلم جمال الأدب ، وهو العلم الذي يبحث في أسرار البلاغة التي هي بلاغة الذوق وإدراك الجمال وحُسْن الاهتداء إلى لطائف الصنعة، وبراعة التمييز بين طبقات الكلام، ومقاماته، وعلم البلاغة يجمع أسرار البلاغة من مظانها ويدونها في قواعد ومعايير وأُسس ثابتة.