أهمية حسن التصرف والمعاملة
أهمية حسن التصرف والمعاملة في حياة الفرد
إنّ لحسن التصرّف والمعاملة في حياة الفرد آثار إيجابية عديدة، إذ يجب على الفرد أن يمتلك العديد من السمات حتى يكون حسنَ تصرف وذا سلوك حميد، ومن هذه الصفات: المروءة، واللطف، واللين، والهدوء، واللباقة، والكرم، والإحسان وغيرها من الأخلاق التي تنعكس على تصرفه وتعامله مع غيره، ولكلّ ما سبق أهمية كبيرة تنعكس بالدرجة الأولى على حياته كفرد، وفيما يأتي توضيح لأهمية حسن التصرف على الفرد:
- المساهمة في تقوية ثقته بنفسه: عندما يعرف الإنسان السلوك الصحيح لأيّ موقف سيُؤدي ذلك إلى تحسين ثقته بنفسه واحترامه لذاته، وبالتالي سيشعر بالراحة عند مواجهة أيّ موقف، فيكون على دراية بطريقة التصرّف الصحيح في الوقت المناسب.
- المساهمة في احترامه وترقيته وظيفيّاً: تُعدّ المهارات في الوظيفة أمراً مهمّاً، ويساعد الفرد اتّباع قواعد الآداب في العمل على كسب الاحترام، وبالتالي حفظ مكانته في العمل وربما المساهمة في منحه الترقيات والعلاوات.
- المساهمة في جعله قدوة جيدة لأبنائه أو للمحيطين به: يُراقب الأطفال طريقة تصرّف آباءهم وأمهاتهم مع المواقف المختلفة، إذ إنّ حسن التعامل لا يقتصر على تعامل الفرد مع من هم أكبر منه سنًا بل مع الأطفال أيضًا، وب التالي إذا كان الفرد أباً، أو أمّاً، أو في أيّ دور آخر فإنّ المطلوب منه أن يُقدّم مثالًا جيدًا وأن يتّبع سلوكيات جيدة، حيث ينعكس ذلك على من حوله باتخاذه قدوةً حسنةً لهم.
- المساهمة في تقوية علاقاته بأصدقائه: تزيد أخلاق الفرد الحسنة من احترام أصدقائه له، ويجعلونه مثالًا للصديق الخلوق المهذّب ممّا يُشجعهم على مشاركته مناسباته، والسؤال عنه، والاهتمام بأمره، ومساندته في ظروفه الصعبة.
- رغبة الناس بالتعامل معه: يُعدّ التعامل مع الناس من المهارات الاجتماعية التي يجب على كلّ فرد أن يتعلّمها، ومنها: أن يكون الشخص لين التعامل مع أفراد مجتمعه ومع أهله في كلّ الجوانب الحياتية، وأن يكون بشوش الوجه، ورزين الكلمة، ولبق في حديثه، ممّا يجعل الفرد محبوباً، ويرغب الناس بالتعامل معه.
- زيادة المبيعات: إذا كان الشخص صاحب عمل حر فعليه أن يُحسن التصرف مع العملاء من خلال التحدث إليهم بأدب، ومنحهم فرصةً للتعبير عن احتياجاتهم، واحترام آرائهم وعدم التعامل معهم بسخرية واستهزاء، وذلك لتعزيز ثقتهم به، ممّا يعني زيادة المبيعات، ثمّ زيادة الأرباح، وكسب زبائن جُدد.
أهمية حسن التصرف والمعاملة في المجتمع ككل
يُشار إلى أنّه كلّما امتلك الفرد صفات جيدة كحسن المعاملة والخلق الطيب كلّما كانت فرصته أكبر في ترك الأثر الإيجابي على المجتمع، وعليه فإنّ المعاملة الحسنة تعود على المجتمع بالعديد من الفوائد، ومن أبرزها ما يأتي:
- تقوية أواصر المحبة والألفة بين الناس: يزيد حسن الخلق والمعاملة الطيبة من الأُلفة بين أبناء المجتمع الواحد، إذ إنّه يُزيل البغض فيما بينهم، ممّا يمنحهم ثقة أكبر ببعضهم ويقوّي العلاقات الاجتماعية بينهم.
- تحقيق التعاون بين أبناء المجتمع: يُعتبر تحقيق التعاون والإحسان بين أفراد المجتمع سبيلاً لنشر المحبة بين أفراده، حيث يدفع ذلك الفرد إلى إيجاد السبل المُمكنة لمُساعدة الآخر، ممّا يُقوّي المجتمع ويُعزّز روابط العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، حيث يُصبح أفراد المجتمع كالجسد الواحد.
- تقليل وقوع حوادث السير: ترتبط القيادة ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق، وحسن التصرف، إذ إنّه من الضروري التعاون والتسامح بين السائقين والركاب، واتّباع الأساليب الحضارية أثناء قيادة السيارات، حيث إنّ تحلّي السائقين بذلك يُقلّل من وقوع حوادث السير، ممّا ينعكس أثرها إيجابًا على المجتمع ككل.
أمثلة ومواقف تاريخية عن حسن التصرف والمعاملة
تتعدّد المواقف التاريخية التي تدل على حسن التصرف وطيب المعاملة، ومن أبرز هذه المواقف ما يأتي:
- جاء في كتاب الزّهد والرّقائق لابن المبارك أنّ أبا جهم العدوي قال: انطلقتُ يوم اليرموك أطلب ابن عمّي، ومعي شنّةٌ من ماء وإناء، فقلت: إن كان به رمق سقيتُه من الماء ومسحتُ به وجهه، فإذا به يشهق وهو علو وشك الموت، فقلت: أأسقيك؟ فأشار أن نعم، فإذا رجل آخر يقول: آه، فأشار ابن عمي أن انطلِق به إليه، فإذا هو هشام بن العاص، أخو عمرو بن العاص، فأتيته فقلت له: أأسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلِق به إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثمّ رجعت إلى هشام، فإذا هو قد مات، ثمّ أتيت ابن عمي، فإذا هو قد مات.
- أراد زيد بن ثابت أن يركب دابته، فأخذ ابن عباس -رضي الله عنهم- بركاب دابته، فقال زيد: "تنحَّ يا ابن عم رسول الله، فقال ابن عباس: هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال زيد لابن عباس: أرني يدك؟ فأخرج يده، فقبَّلها، ثمّ قال: هكذا أُمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا".
- عندما ذهب النبي محمد - صلى الله عليه وسلّم- إلى أهل الطائف يدعوهم لعبادة الله، وترك عبادة الأصنام، سبّوه، وشتموه، وضربوه؛ حتى سال الدم من قدمه الشريفة، فأرسل الله ملكًا، يقول له: "يا مُحمّد، لو شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبيْن (وهما جبلان عظيمان)؛ لفعلت”، فكان ردّه عليه السلام “دعْهم، لعلّ الله يخرج من بين أصلابهم من يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله”.
هل يمكن اكتساب صفة حسن التصرف والمعاملة؟
نعم، فحسن التصرف سلوك وصفة ترسخ في النفس، ويُمكن للفرد أن يكتسبها من أفراد أسرته التي يعيش معها في بداية حياته، ثمّ تتطور وسائل اكتساب هذه الصفة عندما يختلط الفرد بأفراد من المجتمع الخارجي، ويُذكر أنّه على الأهل أن يغرسوا البذرة السليمة لحسن التصرف والمعاملة في نفوس أبنائهم من خلال التعامل بصدق، ولطف، ولين، ورحمة فيما بينهم؛ ليكونوا قدوةً حسنةً لأبنائهم.
يُعدّ حسن المعاملة والتصرف من الأخلاق الأساسية التي تنعكس أهميتها على الفرد، والأسرة، والمجتمع ككلّ، كما أنّها من أهمّ الأسس التي تُنظّم حياة الأفراد ومعاملاتهم فيما بينهم، وذلك من خلال تقوية أواصر المحبة فيما بينهم، وتحقيق التعاون بين الأفراد، ممّا يُساعد على بناء أمّة قوية ومجتمع متماسك أمام كلّ الصعوبات.