أهمية المسجد في حياة المسلم
أهميّة المسجد في حياة المسلم
إنّ للمسجد أهميّةً عُظمى في حياة المسلم، وفيما يأتي ذكر أهمّها:
- تتحقّق في المساجد الأخوّة الإسلاميّة والوحدة بين المسلمين، وتتعمَّق فيه مشاعر المحبَّة والتآلف بين المسلمين.
- تظهر قيم العدالة والمساواة بين المسلمين في المساجد، وتُحقّق فلسفة الإنسانية، فالفقير بجانب الغنيّ، والكبير بجانب الصّغير، والعاميُّ بجوار الأمير.
- يحتمي المسلمون في المساجد من الشّهوات والأهواء والفتن، وهو مكان لتزكية النفوس.
- يعتبر المسجد مؤسَّسة الدَّولة الأولى، فقد بدأ تأسيس الدَّولة الإسلاميّة في المدينة المنورة من المسجد.
- يوجِدُ المسجد علاقةً اجتماعيّةً وسياسيّةً بين السُّلطان والرَّعيّة.
- يعتبر المسجد مركزاً تعليميّاً، وثقافياً، وركناً أساسيّاً في رفد المجتمع بالعلماء.
- يعتبر المسجد مركزاً دعوياً، ونقطة انطلاقٍ للدّعوة؛ فهو المحضن التي يتربّى فيه الرِّجال على الإيمان والتَّقوى.
- يُعتبر المسجد المركز الذي يتعلّم فيه النَّاس النِّظام في كلِّ شأنٍ من شؤون حياتهم في بيوتهم وأسواقهم وسبل معيشتهم.
- ترى في المسجد الرّحمة بين الإمام والمأمومين، و السَّمع والطَّاعة من المأمومين للإمام، ويتعلّم النَّاس السَّمع والطَّاعة للأمير ما لم يأمر بمعصية.
- يُربّي المسلم على خشية الله -تعالى- بالغيب، فالمسلم الذي يصلّي خمس صلواتٍ يمتنع عن أداء الذُّنوب والمعاصي، فهو دائم الصِّلة بالمسجد الذي يعينه على الخير، ويمنعه من ارتكاب المعاصي.
- يشعر المسلمون حينما يجتمعون بقائدهم في المسجد باللُّحمة والقوة بين القائد والرعيَّة، فهم يتحمَّلون السَّراء والضرَّاء معاً، فالقائد يعلم بمشاكل الشَّعب والرعيَّة ويكون قريباً منهم، ويمكِّنه ذلك من حلِّ مشاكلهم، وفي المسجد يستقبل السُّفراء من الدُّول، وهذا ما فعله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حينما استقبل الوفود في المسجد.
- يُعتبر المسجد مأوىً للفقراء والمحتاجين، فقد اجتمع أهل الصّفة في المسجد وسكنوا فيه -وهم أشدُّ المسلمين فقراً في المدينة-.
- يكتسب المجتمع من المسجد صفة الرُّسوخ، والثَّبات، والتَّماسك، والالتزام بنظام وقانون الإسلام، وعقيدته الرَّاسخة.
- تسود القدوة بين الأمّة والمناقشة الموضوعيّة في المساجد، وتنتشر معاني الشُّورى، ويجد المسلم المشورة في شؤون الحياة المختلفة، فتنمو القيم الخُلُقية بين أفراد المجتمع المسلم.
- يُعتبر المسجد مركزاً مهماً لأداء الرُّكن الثاني من أركان الإسلام ألا وهو الصّلاة، وفيه تكون عبادة الاعتكاف، والدُّعاء، والمناجاة.
- تعتبر المساجد النُّواة الأولى للمكتبات الإسلاميّة من مختلف العلوم، فقد قامت به النّهضة العلميّة، والتي كانت تعجُّ بطلبة العلم بين قارئٍ، وكاتبٍ، ومتعلمٍ، فقد كان الجميع ينكبُّ على طلب العلم في المساجد وتأليف الكتب.
- يُعتبر المسجد مركزاً مهمَّاً للإفتاء في أمور الدِّين والدُّنيا، فعِلم الفتوى والفقه منبعه من المساجد.
- يُعتبر المسجد مركزاً للقائد؛ لتسيير أموره وشؤونه، وهذا ما فعله الرسول- صلى الله عليه وسلم-، وعليه سار كلُّ القادة الذين فتحوا البلدان، فأوَّل عمل كانوا يعملونه هو بناء المسجد.
مكانة المسجد في الإسلام
إنّ للمسجد مكانةً مهمةً عند المسلمين، وذلك لأنَّ الله -عزوجل- قد خصَّ المساجد في ثمانية عشر موضعاً في كتابه الكريم، ولم يقتصر الأمر على هذا، فقد أضاف الله -عز وجل- لها تشريفاً عليَّاً عندما قرنها وأضافها إلى نفسه، كقوله -تعالى-: (إِنَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّـهِ مَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ)، فالمساجد هي بيوت الله -تعالى- التي يُذكر فيها اسمه وتؤدّى فيه العبادات، وهي خير بُقَع الأرض، وهي منارات العلم والهدى، وفيها مجالس الذِّكر والعبادة، وهي أوَّل الأماكن لانطلاق الهداية والإسلام، ففيها أفضل دعوةٍ ألا وهي دعوة التَّوحيد، قال الله -تعالى-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا)، وعُمَّارها هم صفوة الخلق من الأنبياء والرُّسُل، ومن تبعهم من المؤمنين ، وقد حثّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على بناء المساجد فقال: (من بنَى للهِ مسجدًا بنَى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ).
ومع أنَّ كلَّ الأماكن لله -تعالى- إلَّا أنَّ المساجد خيرها، وإلى هذا المعنى أشار النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: (خيرُ البقاعِ المساجدُ، و شرُّ البقاعِ الأسواقُ)، فترتفع بأداء العبادات لتصير منارة للبشريَّة، ونرى فيها المآذن عاليةً، وهي التي يحرص المسلمون على تشييدها وبنائها، ويتميَّز المسلمون بالمساجد. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه)، وذكر منهم: (ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجدِ)، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).
فضل الذهاب للمسجد
ورد فضل الذهاب للمساجد لأداء الصَّلاة جماعةً فيها مع المسلمين العديد من الفضائل، ففي المشيِ للمساجد رفعٌ للدرجات، وحَطٌ للسيئات، وكلما كان المسلم أبعد زادت خطواته وزاد أجره، والدليل على ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (الأبعدُ فالأبعدُ منَ المسجدِ أعظمُ أجرًا)، والذهاب والإياب للمسجد سببٌ لزيادة الأجر والحسنات، وقد حثَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على الصّلاة في المساجد فقال: (ألا أدلُّكم على ما يُكفِّرُ اللهُ به الخطايا ويزيدُ به في الحسناتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: إسباغُ الوُضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخُطَى إلى المساجدِ)، ولهذا كان الترغيب في زيادة الخطوات، وأن يسير الذاهب للمسجد سيراً على الأقدام.
وإنَّ لكلُّ من يخرج للمسجد مَلَكٌ من الملائكة يبقى معه، فيكون المسلم في ضمان الله -عزوجل-، ودليل ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاثةٌ في ضَمانِ اللهِ عزَّ وجلَّ: رَجُلٌ خرَجَ مِن بَيْتِه إلى مَسجِدٍ مِن مَساجِدِ اللهِ عزَّ وجلَّ)، كما أنَّ ثواب الرجل الذي يصلّي الفريضة في المسجد يكون أضعاف صلاته لها في المنزل.
والمساجد هي الأماكن الدّالة على دُور عبادة المسلمين، ووجب على المسلمين إشهارها، وهي التي تدلُّ على وجود المسلمين في البلاد التي تقام فيها المساجد، وتُنصَب فيها المآذن وترتفع فوق دُور المسلمين، وقد صحّ عن ابن عباس -رضي الله عنه- في وصفه للمساجد: (المساجدُ بيوتُ اللَّهِ في الأرضِ تضيءُ لأهلِ السَّماءِ كما تضيءُ نجومُ السَّماءِ لأهلِ الأرضِ)، فالمساجد لها الشَّرف والقيمة العظيمة؛ فهي التي تنير الطريق للمسلمين.