أهمية القانون في المجتمع
وضع المعايير والحفظ على النظام
يحددُ القانون المعايير الأساسية الواجب اتباعها للحفاظ على النظام العام، وذلك من خلال دليل واضح للسلوك المقبول كحدٍ أدنى في المجتمع، فعلى سبيل المثال التسبب بإصابات جسدية لشخص ما دونما مبرر يعتبر انتهاكًا، وجريمة، واعتداء سافر لا يتسامح معه القانون، فالقانون معني بتوفير نظام يتوافق وإرشادات المجتمع ومُثُلِه التي تتغير وتتجدد باستمرار كلما دعت الحاجة لذلك، خذ على سبيل المثال لا الحصر قانون حظر صيد القوارض في ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، فمع ازدياد عدد الصيادين والخطر الكبير الذي يُهدد تلك الثروة الحيوانية كان ذاك القانون ضرورةً لحماية الحياة البرية في الطبيعة، والحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة.
يحمي القانون الحقوق والحريات الفردية ويساعد في حل النزاعات
تكمن أهمية القانون في كونه يحمي الحقوق والحريات الفردية لأفراد المجتمع من الأفراد الآخرين ومن المنظمات وحتى من الحكومة نفسها، بل إنّه يمنع إصدار أي قانون يتعارض وحق الفرد أو يحد من حريته، مع وجود بعض الاستثناءات المحفوفة بالشروط والمتعلقة بحرية التعبير، كما أنّ القوانين توفر إطارًا وقواعد ثابتة للمساعدة على حل النزاعات والصراعات بين الأفراد، وذلك عبر إنشاء نظام يُمكّنهم من رفع قضاياهم ونزاعاتهم إلى لجنة محايدة كالقاضي أو هيئة المحلفين، مهمتها تقصي الحقائق والبحث عن الدلائل من أجل كشف الحقيقة، كما أنّ هنالك بدائل قانونية يعمل الأفراد من خلالها على إيجاد حل مثل لجنة (ADR) المعروفة، ناهيك عن وجود محاكم على جميع المستويات والأصعدة، بدءًا من المحلية وصولًا إلى الفيدرالية للفصل بين النزاعات على كافة أشكالها.
القانون يعتبر قاعدة سلوك للمواطنين
يوفر القانون الإرشادات المناسبة لسلوك المواطنين كافة، وذلك حفاظًا على العدالة في الفروع الأساسية الثلاثة للحكومة، فهل يمكنكَ تخيل العيش في المجتمع دون قانون؟ ستعم الفوضى بالتأكيد وسيحكم قانون الغاب (البقاء للأقوى)، وسيعمل الفرد من أجل نفسه وحسب، وستنشأ العديد من الصراعات الاجتماعية لا في المجتمع الواحد وحسب، بل وفي المجتمعات المختلفة، ومن الضروري أن يكون القانون مرنًا ليتكيف مع التغير الاجتماعي وتغير طبيعة العلاقات الاجتماعية، إذ يُستخدم مصطلح التغير الاجتماعي هنا للإشارة إلى الاختلافات المسموحة والمرغوبة في المؤسسات الاجتماعية بما يتضمن أي تعديلات في هيكل ووظائف المجتمع، وذلك يقودنا للتفرقة بين القضايا التي تستدعي تدخلًا مباشرًا للقانون عن سواها.
القانون يحافظ على العدالة والمساواة في المجتمع
يحتاج المجتمع إلى النظام الأساسي لكي يعمل بسلاسة دون أعمال شغب أو أي مشاكل، وذلك يستدعي وضع بعض القواعد للحفاظ على العدالة والمساواة في المجتمع، كي تلجأ الأجناس البشرية للحوار، والتحدث بسلام وبطريقة متحضرة للعيش بوئام مع بعضها البعض، بدل اللجوء إلى المعارك والحروب بسبب اختلاف الطوائف والمعتقدات، فمن الواضح أن البشرية لا زالت تدفع ثمن الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي، فالدرس والعبرة الأساسية من ذلك أنّ الاختلافات ستكون موجودة على الدوام ولا يمكن إجبار أي فرد على اتباع ما لا يؤمن به، وبأن التسامح هو المفتاح للكثير من المعضلات، والأهم من ذلك بأن وجود القانون يُعَلِم الأفراد كيفية التعامل مع بعضهم البعض، ويستوعب كافة الاختلافات العِرقِية والثقافية ويصهرها في بوتقة واحدة على نحو سليم.
للقانون دور كبير في التحديث والتغيير الاجتماعي
ينعكس دور القانون في التحديث والتغيير الاجتماعي بالنقاط التالية:
- يتولى القانون مهمة التغيير الاجتماعي من خلال تشكيل تأثير فوري على المجتمع، مثل إقرار قانون التعليم الإلزامي كحق لجميع الأطفال.
- يتفاعل القانون كقاعدة أساسية مع المؤسسات الاجتماعية الرئيسية بطريقة تتمثل بالارتباط المباشر بينه وبين التغيير الاجتماعي.
- يلعب القانون نفسه دور عامل التحديث والتغيير الاجتماعي في العديد من القضايا المتخصصة، وكذلك إبطال بعض الممارسات المرفوضة مثل زواج الأطفال القُصّر.
- يُعد القانون وسيلة أو منظمة ناجحة ذات دور فعال في تحقيق التغيير الاجتماعي للأمة في أي مكان على وجه الأرض.
- يتركز القانون نحو الزخم المحيط بالتغيير الاجتماعي الذي يُهم الأفراد في المجتمع بصورة رئيسية، ومن النماذج على ذلك الاهتمام بمن يعيشون في ظروف خطرة، واتخاذ التدابير الدفاعية للفئات الضعيفة والعزل.
حماية المواطنين وتعزيز الصالح العام
تعتبر الوظيفة الرئيسية للقانون الدفاع عن أفراد المجتمع ضد قوى الشر، أو أي شخص يحاول الاعتداء عليهم وإلحاق الأذى بهم، ومن المنصف القول أن دوره قد تطور كثيرًا في القرن العشرين لتنشأ محكمة العدل الدولية ، ومحاكمات نورمبرغ وغيرها، كما توسع دوره ولم يعد مقتصرًا على محاسبة الأشرار على أفعالهم وحسب بل ومتابعة مصالحهم الشخصية للتأكد من عدم وجود أي نوايا سيئة لديهم، وحماية ممتلكاتهم الخاصة والحفاظ عليها، فإن لم يتحقق ذلك فإن كل فرد في المجتمع سيسعى لتحقيق مصلحته الذاتية حتى على حساب الآخرين ودون أي اهتمام بأمنهم وسلامتهم، وكذلك للانتقام بأنفسهم وتطبيق مبدأ (العين بالعين والسن بالسن) عندما يتعرضون للاعتداء.
القانون يلعب دور في تقدم المجتمع
تحدث التغييرات في المجتمعات بشكل بطيء للغاية وعلى نحو طبيعي، فالقفزات الثقافية السريعة نادرة الحدوث بحسب ما يخبرنا التاريخ، ومع ذلك فإنّ الأدوار الاجتماعية الأساسية والمعتقدات الأخلاقية وقواعد السلوك لا يمكن تمريرها من جيل إلى آخر بسهولة، فعلى سبيل المثال فإن الثراء الفاحش يعتبر أمرًا إيجابيًا في أوروبا على عكس شرق آسيا التي تراه أمرًا سلبيًا يجب تغييره، وبحكم الغريزة البشرية فإن الأجيال تبعت بعضها البعض بالإيمان بتلك المعتقدات، وهنا يبرز دور القانون بالتدخل بالعادات الاجتماعية لتوجيه السلوك البشري تبعًا لأنظمة اجتماعية جيدة، كما أنه يقع على عاتقه إيجاد الحلول الأفضل للمشاكل التي يعاني منها الأفراد في المجتمع.
الخلاصة
تُطبق الأنظمة في المجتمعات من خلال القانون، الذي يهدف إلى حماية المواطنين والأفراد فيه من الاعتداء والإيذاء أو أي شكل من أشكال الشر الممكنة، كما ويحمي الحقوق والحريات الفردية لهم ويساعد على حل النزاعات والصراعات، فهو أشبه بقاعدة مرجعية لسلوك المواطنين يتعرفون من خلالها على ما هو مسموح وما هو ممنوع، كما ويحافظ على إرساء العدالة والمساواة في المجتمع، ويحمي المواطنين ويضمن لهم الأمن والسلامة، ويعزز الصالح العام من خلال تفعيل الجهات القانونية المحلية أو الدولية أو العالمية، ويلعب دورًا رئيسيًا في تقدم المجتمع من خلال تعديل السلوكيات البشرية الخاطئة تحت مظلة القانون، كما أن له دورًا كبيرًا في التغيير والتحديث الاجتماعي على مستويات عدة.